إن العالم الذي استيقظنا فيه هذا الصباح عالم أقل خيرا مما كان أمس.
ليس هذا كلاما منمقا، فكل من حظي بمعرفة دوف لاوتمان لا يستطيع ألا يوافق عليه.
إنطفأ كوكب بموته، وجف محيط. وفنيت محمية طبيعية. لأنه لا سبيل اخرى لوصف إسهام دوبيك في مجتمعنا إلا بأنه ظاهرة لا نظير لها تثير الاعجاب والتقدير. ومع ذهابه نبقى مع المعرفة الأليمة بأنه لم يعد يوجد، لم يعد يوجد ببساطة قوم كهذا الرجل.
لن ينجح أي تأبين سيُكتب أو يُقال في الايام القريبة في توضيح صورة هذا الرجل كما كان في الحقيقة، وذلك لسبب بسيط هو أنه في العالم الهزلي والفاسد الذي لا إطراء فيه الذي تختلط فيه ألعاب القوة بحب الذات والمصالح بالألاعيب، يصعب أن نؤمن بوجود انسان بريء من كل ذلك. انسان مس كل الاماكن التي أضعفتها هذه الأدواء ونجح في الحفاظ على جسمه وروحه نقيين. وبلغ ذروة النجاح الشخصي لكنه فكر في الآخرين دائما. وتسلق الى قمم اقتصادية لكن قلبه لم يترفع قط.
يصعب أن نؤمن أنه في مجتمع كل شيء فيه شخصي، وُجد شخص ما كان رسميا حقا وبصدق.
إنه انسان طيب ومُحسن، كانت حياته محاولة عنيدة لجعل اسرائيل مكانا أفضل. وكان في الاماكن التي يئس فيها الجميع مليئا دائما بالتفاؤل والحماسة وارادة التغيير.
إنه انسان عمل أولا ثم تحدث بعد ذلك، وأعماله مشهودة في كل مجال مسه: في الصناعة والتربية وتقوية الأطراف، والمساواة بين اليهود والعرب، والحث الدائم على السلام.
عرفت دوبيك منذ كنت فتاة صغيرة ورأيت عصفورا عظيم الجمال. وقدوة. وكان في حبه لاسرائيل غير قليل من السذاجة. إن الاستماع إليه يتحدث عن انجازات دولتنا الضخمة كان يُشعر أكثر من مرة بمثل الوقوف في مراسم رسمية يُرفع فيها العلم الى رأس السارية. والاستماع الى خططه المفصلة عما يجب فعله لجعلنا مجتمعا أفضل كان يشبه الجلوس أمام قائد في عملية عسكرية.
كانت هذه السذاجة احيانا إجهادية شيئا ما، وكان الايمان مملا شيئا ما وكأنه لم يضق بالامور ذرعا قط. وكأنه لم يشبع قط من جمال العالم حوله ولم يتعب من الرغبة في تغييره قط.
يوجد القليل جدا من الناس الذين تلقاهم في حياتك وتشعر بأن ذلك فضل عظيم. كذلك كان اللقاء مع دوف لاوتمان. وهو انسان حلقت روحه حرة بلا وزن حتى حينما كان مُكبلا في جسم مشلول ثقيل مليء بالعناء.
برغم الصعاب الجسمية الفظيعة، استمر يتجول بيننا دون حرج أو شعور بالمرارة أو رحمة بالذات. كانت حياته الشخصية مليئة بالأسى وبفقدان الناس الأقرباء لكنه لم يفقد قط الشهوة الى الحياة والشوق الى العمل وحب الانسان.
إن كل من عرف دوبيك لاوتمان شعر أمس بحزن عظيم وبشعور بالفقدان فظيع. وكل من عرفه علم أنه قد فاز وأنه رأى عصفورا عظيم الجمال.


