خبر : العلاقة الايرانية - الفلسطينية \ بقلم: جيفري غولدبرغ\ معاريف

الأربعاء 13 نوفمبر 2013 02:50 م / بتوقيت القدس +2GMT



  رئيس وزراء اسرائيل غاضب جدا على الدول الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن والمانيا – على موافقتها المبدئية منح ايران تخفيف مؤقت للعقوبات مقابل الوقف المؤقت لبرنامجها النووي. التنازلات المؤقتة، مقابل التجميد المؤقت، يمكنها نظريا ان تشتري زمنا للمفاوضات قبيل التسوية الدائمة. مثل هذه الصفقة يمكنها أن تمنع ايران من تطوير سلاح نووي. وهذا يسعد اسرائيل جدا كما يسعد الدول العربية.

          "تفهم اسرائيل بانه توجد على الطاولة في جنيف اليوم اقتراحات تخفف من الضغط على ايران مقابل تنازلات ليست بالتنازلات على الاطلاق. مثل هذا الاقتراح سيسمح  لايران بالاحتفاظ بقدرة انتاج سلاح نووي"، قال نتنياهو يوم الخميس. وواصل رئيس الوزراء يقول: "نظام العقوبات دفع الاقتصاد الايراني الى حافة الهاوية. ويمكن لدول القوى العظمى أن تجبرها على الوصول الى وقف تام لبرنامها النووي. يخشى نتنياهو من أن تكون ازالة لبنة واحدة من سور العقوبات ستؤدي الى انهيار المبنى بأسره. وهو محق: توجد دول عديدة، وبالتأكيد ايضا اتحادات دولية تتوق للعودة الى الصفقات العادية مع ايران. كل تخفيف لخطة العقوبات حتى وان كان مؤقتا، يمكن ان يدفع البعض الى الركض عائدين الى الداخل.

          نحن في هذه اللحظة على ما يبدو في ذروة حركة العقوبات. كابوس اسرائيل والدول العربية هو أن يحصل الايرانيون، الذين وصلوا الى جنيف لسبب واحد فقط – الحصول على تخفيف في العقوبات – على التخفيف الذي يريدون دون أن يضطروا الى أن يخرجوا عن الاستخدام الى الابد منشآتهم النووية. ولعل نتنياهو يبالغ في رد الفعل، ولكن تخوفه ليس عبثيا: فمندوبو الغرب يبدون متحمسين اكثر مما ينبغي للوصول الى صفقة مع ايران، وقلقين اكثر مما ينبغي على مشاعر الاهانة لدى النظام الايراني، ولا سيما اذا أخذنا بالحسبان أن ايران، هي التي ينبغي أن تكون بحاجة ماسة الى الاتفاق.

          إذن لماذا يشكو نتنياهو من أنهم يتجاهلونه؟ لسببين. الاول هو لان اوباما حبسه في علبة. رئيس الوزراء لا يمكنه أن يهاجم من طرف واحد ايران الان وهي التي تدير الولايات المتحدة مفاوضات مع زعمائها. ويوجد نتنياهو في نوع من المهلة الزمنية – ولهذا فانه دحر جانبا. السبب الثاني هو عدم استعداده لتجميد النمو الاستيطاني في الضفة الغربية، لاتخاذ بادرة طيبة كبرى تجاه الفلسطينيين ودفع السلام الى الامام. وقد أدى هذا حتى بالعاطفين على موقفه في الموضوع الايراني في واشنطن وفي اوروبا لان يصنفوه كغير عقلاني. بالطبع، لا توجد اي علاقة بين البناء في المستوطنات وتطلعات ايران النووية. فايران لا تبحث عن قدرة نووي عسكرية كي تحقق حل الدولتين في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. ويدعي نتنياهو بان هاتين المسألتين منفصلتين، وهو محق. ولكن في عالم الدبلوماسية الدولية فانهما مرتبطتان ارتباطا لا انفصام له. فادارة اوباما تسمع مطالب نتنياهو لمزيد من العمل ضد ايران – حتى الان باذن ناصتة جدا – ولا تحظى بانصات مشابه. ولكن عندما تطلب ادارة اوباما من نتنياهو اتخاذ بادرات كفيلة بان تدفع المسيرة السلمية الى الامام، فانه في كثير من المرات يصطدم بسور حجري.

          استمعوا الى الاقوال التي اطلقها كيري في اسرائيل يوم الخميس واسألوا انفسكم اذا كان هذا شخصا متحمسا لان يستمع الى نتنياهو في موضوع ايران: "اذا لم نحل القضايا بين اسرائيل والفلسطينيين، واذا لم نجد الطريق الى السلام، فستكون اسرائيل منعزلة أكثر فأكثر، وحملة نزع الشرعية ضدها ستتصاعد على المستوى الدولية". ووصل كيري يقول: "اذا لم نحل مسألة المستوطنات ومسألة من يسكن اين وكيف وأي حقوق يستحقون، اذا لم نضع حدا للتواجد الدائم للجنود الاسرائيليين في الضفة الغربية فسيكون احساس يتعاظم باننا لا يمكننا أن نحقق سلاما مع قيادة ملتزمة بعدم العنف، وفي النهاية ستجدون أنفسكم امام قيادة ملتزمة بالعنف". كيري أيضا سيدعي – مثل معظم الزعماء المسؤولين – بان العمل اللازم لمنع وصول ايران الى سلاح نووي منفصل عن العمل اللازم للوصول الى حل الدولتين، ولكن مرة اخرى، في الواقع، رفض نتنياهو بشأن المسيرة السلمية يعزله عن باقي العالم، بالضبط في اللحظة التي يحتاج فيها باقي العالم المساعدة.

          نتنياهو يفهم بان ايران نووية تشكل تهديدا وجوديا على الدولة اليهودية. وهو يفهم ايضا بان الفلسطينيين لا يشكلون تهديدا وجوديا على الدولة اليهودية. بل العكس. فقد أظهر مؤخرا مؤشرات على أنه يفهم ما فهمه من قبله ارئيل شارون، ايهود باراك، تسيبي لفني، ايهود اولمرت وزعماء الليكود السابقين: الاحتفاظ بالضفة الغربية الى الابد يمكنه ان يؤدي الى نهاية اسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. توجد اسباب ممتازة تدفع نتنياهو الى تجميد نمو المستوطنات. نقل العالم الى جانبه في لحظة خطيرة على نحو خاص هو فقط واحد من هذه الاسباب.