خبر : الغارديان: مليارات سعودية لإنشاء جيش "وطني" سوري

الأحد 10 نوفمبر 2013 08:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
الغارديان: مليارات سعودية لإنشاء جيش "وطني" سوري



لندنالغارديانضمن جهودها الرامية لهزيمة نظام لرئيس السوري بشار الأسد، تخطط السعودية لإنفاق مليارات الدولارات لإنشاء جيش “وطني” من فصائل المعارضة السورية. ونقلت صحيفة “الغارديان” عن مصادر سورية وعربية وغربية أن السعودية تركز جهودها على “جيش الإسلام” الذي أعلن عن تأسيسه في أيلول (سبتمبر) الماضي من خلال تحالف 43 فصيلا. ومن المتوقع أن يحصل هذا التنظيم على الدعم الأكبر، ويتوقع أن يلعب دورا مهما في الساحة القتالية في ظل انقسام وتوتر بين الجماعات المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد. 

ولا تشمل القوة أو الجيش المقترح أيا من الجماعات الجهادية مثل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) أو جبهة النصرة والتي يتوقع قيام الجيش الجديد بمواجهتهما، مما يعني تمويل السعودية حربين على الساحة السورية، واحدة ضد القاعدة والأخرى ضد الأسد. 

وبحسب مصدر لم يتم التأكد منه فسيتم تشكيل الجيش الجديد بمساعدة باكستانية، ومن المحتمل أن تصل أعداده 5000 – 50000 ألف مقاتل. ونقلت الصحيفة تحذيرات دبلوماسيين وخبراء من الآثار غير المقصودة من إنشاء جيش كهذا مما قد يؤدي إلى عودة المتشددين، الذين تريد السعودية التخلص منهم، للقيادة!

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يمارس الأمير بندر بن سلطان، مسؤول الأمن القومي السعودي، ضغوطا على الحكومة الأميركية للسماح بتزويد الجيش الجديد بأسلحة مضادة للطائرات والدبابات، فيما تحث السعودية الأردن كي يفتح حدوده ويسمح باستخدام أراضيه كممر لتزويد الجيش الجديد. ومقابل هذا تقوم السعودية بتشجيع “جيش الإسلام” على الاعتراف بالمجلس العسكري الأعلى للثورة السورية، بزعامة اللواء سليم إدريس، المدعوم من الغرب، والإعتراف أيضا بالإئتلاف الوطني السوري الذي يتخذ من اسطنبول مقرا له.

السعودية تخوض حربين

ووصف مصطفى العاني- مركز الخليج للدراسات بدبي، ما تقوم به السعودية “هناك حربان في سورية” شارحا: “واحدة ضد النظام والأخرى ضد القاعدة، وتقوم السعودية بمواجهة الطرفين”. ويقول كاتب التقرير (إيان بلاك) أن السعودية طالما دعت علنا إلى تسليح القوات المعارضة للأسد، ورفضت التردد الأمريكي. وكثفت السعودية من جهودها لدعم المعارضة منذ الإتفاق الأميركي- الروسي الذي قضى بتدمير السلاح الكيماوي السوري مقابل وقف الرئيس الأميركي عمليته العسكرية لمعاقبة نظام الأسد لاستخدامه السلاح الكيماوي في الغوطة يوم 21 آب (أغسطس) الماضي. وتعاملت السعودية مع الإتفاق باعتباره إعادة تأهيل للنظام السوري. 

جيش الإسلام يطلب إعلاميين

ويقول التقرير أن “جيش الإسلام” الذي يقوده (زهران علوش) يعد من أهم الجماعات المسلحة وأكثرها قوة في منطقة دمشق. وكان علوش قد التقى مع الأمير بندر بن سلطان في الآونة الأخيرة بحضور رجال أعمال سعوديين، يقوم كل واحد منهم بتمويل كتائب معينة تعمل تحت لواء “جيش الإسلام”، فيما عقدت اجتماعات سرية أخرى مع المعارضة المسلحة بحضور وزير الخارجية القطري، خالد العطية، والسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد. وكدليل على زيادة تأثير “جيش الإسلام” وثقة قيادته بنفسها الإعلان الذي وضعته على الإنترنت وطلبت إعلاميين محترفين من أجل تبني وتسويق قضية الجيش. وبالإضافة لـ “جيش الإسلام” فإن ظهور “جيش محمد” يعتبر جزءا من الجهود التي يقوم بها القادة السوريون لتوحيد فصائل المعارضة وجمعها في ظل جيش قوامه 100 ألف مقاتل بحلول أذار (مارس)2015.

ومن الباكر لأوانه تقدير أثر الجهود السعودية على الساحة السورية فمن ناحية “عسكرية يعتبر الجهد غير مهم” حسب مسؤول غربي تحدثت إليه الصحيفة، مضيفا “لا أرى أن الخطوة ستقدم تغيرا دراميا، ومع ذلك تظل خطوة سياسية، فهذه التشكيلات القتالية الجديدة تقوم بإعادة تسمية نفسها وخلق بنية قيادية جديدة، وهذا في النهاية جزء من اللعبة السياسية الضيقة، وجزء من التنافس على المصادر المحدودة”. 

انتقاد لأميركا

ويترافق المدخل الجدي السعودي في التعامل مع الأزمة السورية بعدم رضا عن السياسة الأميركية في المنطقة، فقد وصف الأمير تركي الفيصل، مدير الإستخبارات السابق، مدخل إدارة باراك أوباما للازمة بأنه “مدعاة للأسف”، وأظهر السعوديون عدم رضاهم من الموقف الأمريكي من خلال رفضهم مقعدا في مجلس الأمن، كما أطلقوا سلسلة من التصريحات الحامية ضد الإدارة وهددوا بإعادة ترتيب العلاقة بين البلدين. ونقل الكاتب تعليقات العاني التي حذر فيها من “زيادة قوة القاعدة” وضرورة صعود القوى المعتدلة، وقال ان قوة الجهاديين “يضعف الثورة السورية، ويعطي الولايات المتحدة مبررا بعدم دعمها، كل هذا سيأتي بنتائج عكسية كما حدث في أفغانستان وباكستان والعراق”.

ويحذر خبراء آخرون من المحاذير والنتائج للموقف السعودي النشط من الحرب الأهلية السورية، حيث تقوم المملكة بالاعتماد على زيادة الدعم المالي والعسكري لتعزيز نفوذها، إضافة لتركيز الضغوط العسكرية على نظام الأسد؛ بدون تطوير استراتيجية سياسية واضحة، وتكثيف الجهود على تقوية الجماعات ذات الطابع السني!

ونقل عن الباحث يزيد صايغ - مركز كارنيجي- الشرق الأوسط، قوله: “على القيادة السعودية أن تكون حذرة مما تفعله في سوريا” وعلق في دراسة نُشرت قبل أيام، حذر فيها من السياسة السعودية الرامية لصناعة جيش “وطني” من المعارضة، وبأنها تقوم بتقويض أهداف السياسة، وختم محذرا بقوله أن “جيش محمد قد يصل إلى مكة”!

إنفاق بلا حدود

وجاء في دراسة صايغ أن “الإعلان عن تحالفات واندماجات بين الجماعات السورية المسلحة في الأسابيع الماضية؛ وإن كان بادرة مطلوبة تشير إلى أنه يجري في نهاية المطاف تجاوز مشكلة التفتت الشديد في صفوف المعارضة، إلا أن ما يجري على الأرض ليس في الحقيقة تحالفات بل إعادة (ترتيب) وليس (توحيدا)، يكشف عن وجود حس تنافسي بينها مدفوع بالحصول على دعم خارجي وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى الاستقطاب السياسي وتعميق الانقسام”. 

وأشار إلى أن التحالفات المستمرة أسهمت الى حد ما في إفساد حركة الانتفاضة المسلحة. ومن هنا فجهود السعودية لتحقيق الوحدة بين الفصائل لن تؤدي إلا لخلق مزيد من البلبلة والاستقطاب داخل صفوف المتقاتلين، ويؤثر بالضرورة على الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة الذي من المحتمل أن يكون أول الخاسرين.

وحذر صايغ من تأثير تمويل السعودية لجماعات مختارة في الحرب على أهدافها في سوريا. وأشار صايغ إلى أن تصريحات أحمد الجربا رئيس الائتلاف في 8 آب (أغسطس) عن الجهود التي يقوم بها مع الجيش الحر لإنشاء قوة قوامها ستة آلاف عنصر لمواجهة الجماعات المسلحة وأمراء الحرب في المناطق المحررة كانت أول إشارة عن النية السعودية بهذا الإطار. فيما كشف مسؤولون آخرون أن المقصود من القوة أن تكون نواة جيش “وطني” قوامه ما بين 7000 - 10000 آلاف عنصر منهم ستة آلاف من المنشقين عن الجيش السوري الموزعين بين تركيا والأردن.

ونقل صايغ عن مصادر مطلعة قولها أنه يجري الآن تدريب خمسة آلاف بالفعل في الأردن على يد مدربين فرنسيين وباكستانيين وأميركيين، مع أن مصادر أردنية تقدم أرقاما أقل. ويشير إلى أن تولي كل من الأمير سعود الفيصل وبندر بن سلطان ونائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان ملف سوريا وهم المعرفون بتشددهم، إشارة عن النية لإنشاء جيش من المقاتلين قد يصل قوامه إلى 50000 ألف عنصر، وبتكلفة مليارات من الدولارات. 

ولم يستبعد الكاتب أن تكون الخطة قد تمت مناقشتها من جانب وزراء خارجية السعودية والأردن والإمارات الذين التقوا مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في 13 أيلول (سبتمبر) الماضي. ويشير إلى أن السعودية طلبت من القوات المسلحة الباكستانية المساعدة في تدريب الجيش الجديد. مما وضع تحديات أمام المؤسسة العسكرية الباكستانية التي تواجه تغييرات في هيئة الأركان. وتؤكد مصادر وثيقة الصلة بالاستخبارات الباكستانية أن القوات المسلحة كانت مترددة بالفعل أو غير قادرة على تلبية الطلب السعودي نظرًا لحجمه.

ومن المشاكل الأخرى أمام تنفيذ الخطة تلك المتعلقة بالعثور على مكان أو قاعدة ثابتة لتدريب القوة الجديدة، في ظل تزايد المعارضة في الأردن لتحوله لبوابة خلفية لتدريب المقاتلين السوريين، مع أن المملكة تحولت ومنذ عام 2012 إلى ممر للمقاتلين والأسلحة، لكن الخطة السعودية الجديدة تتطلب التزاما أردنيا واضحا وقد يواجه بمعارضة داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية. 

ويعتقد صايغ أن احتمال بناء جيش للمقاتلين خارج سوريا ضعيف، والسبيل الوحيد هو توحيد جماعات المقاتلين العاملة في سوريا ورعايتها، وهذا الخيار يبدو صعبا الآن في ظل تبدل وتغير تحالفات الجماعات هذه والتي تقوم بتغير تشكيلاتها للتحضير لتلقي الدعم من السعودية.

ويرى الكاتب أن السعودية التي باتت تلعب دورا مهما ومستعدة للإنفاق “بلا حدود”، قد تكون معذورة في محاولاتها، إلا أن هذه المحاولة قد تأتي بنتائج عكسية. لأن خطوط المعركة أصبحت أكثر تعقيدا عنها قبل عام، ومن هنا فالخطة السعودية تهدد بتقويض أهداف المملكة في سوريا. 

مشاكل

وبنفس السياق شكك توماس بيير من جامعة أدنبرة من نجاح السعودية في جهودها وأشار للمشاكل التي قد تواجهها وتتعلق بالقدرات والتنسيق والتسليم مشيرا أن السعوديين “لديهم الأموال الكثيرة ولديهم فقر في المعلومات الأمنية والمصادر البشرية والخبرات التنظيمية، فهم يعتمدون على السلاح الغربي”، مشيرا إلى أن السعوديين تعودوا على إقامة علاقات مع عملاء واستخدام شبكات العلاقات الشخصية. ولهذا السبب أجبر السعوديون على التعامل مع الجماعات السورية المسلحة ممن تمتلك القدرات والمصداقية العسكرية، ولم يعودوا انتقائيين في تعاملهم بل واقعيين.

ورغم ذلك فالباحث لديه شكوك في إمكانية تحقيق الوحدة بين الجماعات القتالية لأن المشكلة، كما يرى بيير، في طريقة توزيع المال على الجماعات المقاتلة، فالمشكلة قد تحدث عندما تحصل جماعة أعلى من الأخرى؛ وهذا يعني انهيار الإتحاد الذي تدعو إليه إذا كان هذا حال السعودية فالوضع بالنسبة لحلفاء الأسد يبدو مختلفا.

حزب الله يقود المعارك

ففي تقرير لمجلة “تايم” الأميركية عن الحملة التي يحضر لها النظام في منطقة القلمون والتي تعتبر مهمة له مثل المعركة على بلدة القصير في الصيف الماضي. يقول أن الملامح كلها تشير لدور قيادي لحزب الله الذي لعب مقاتلوه دورا مهما خلال معركة القصير في حزيران (يونيو) الماضي. فمقاتلوه يقومون الآن بالتحضير لمعركة في القلمون، المنطقة التي ظلت بيد المعارضة منذ بداية الحرب. وستقرر الحملة نتائج الحرب الأهلية السورية، ذلك أن الحكومة السورية تخطط لاسترجاع المنطقة التي تعتبر حيوية منذ انتصارها في حزيران (يونيو) السابق في القصير. فبإخراج المقاتلين من القلمون ستكون الحكومة قادرة على تأمين الممر الذي يربط دمشق مع ميناء اللاذقية.

وتعتبر القلمون بالنسبة للمعارضة مهمة لأنها تؤمن لهم السلاح الذي يهربه لهم مؤيدوهم من لبنان. ونقلت المجلة عن فيليب سميث، الباحث في جامعة ميريلاند الأميركية، والمتخصص في شؤون "حزب الله" قوله أن استعادة النظام للقلمون “سيؤدي لضرر كبير لفصائل المعارضة”.

تحضيرات وأناشيد

وقالت المجلة أن وحدات من "حزب الله" كانت تحضر مؤخرًا للمعركة القادمة في القلمون، وقد رافقت “تايم” بعض قوات الحزب وهي تعبر الحدود إلى سورية لزيارة قاعدتين لهم في المنطقة الشمالية. والقاعدتان صغيرتان، واحدة يتمركز فيها 35 مقاتلا والأخرى 20 مقاتلا. ولكن مقاتلي الحزب مسلحون بشكل جيد، بالقذائف الصاروخية، وبنادق إي كي- 47 وبالعربات المحملة بالمدفعية، وببنادق القناصة. 

وكان كل المقاتلين بالزي العسكري الخاص بالقوات الخاصة التابعة لحزب الله. ونقلت المجلة عن أحد المقاتلين واسمه علي (27 عاما) “إذا لم ندافع عن النظام السوري فإنه سيسقط في غضون ساعات”. وقال علي الذي يقاتل في صفوف حزب الله ان القيادة في لبنان قد اتخذت قرارا بمنع سقوط سوريا “لأننا سنحاط بالأعداء في سوريا وإسرائيل”. وعلى خلاف معركة القصير التي حقق النظام وحلفاؤه من حزب الله فيها إنتصارا حاسما، فالمعركة على القلمون ستكون طويلة وستمتد إلى الربيع المقبل، نظرا للطبيعة الجغرافية للمنطقة حيث تكثر فيها المغاور والمسالك الضيقة التي تعبرها المواشي، مما سيجبر الحكومة وحزب الله على تبني أسلوب حرب العصابات في التعامل معها. ولعل هذا هو السبب الذي دعا الأسد للاعتماد على "حزب الله" كي يقود العملية. 

ويقول سميث أن الجيش السوري يعاني من إرهاق، كما أن النظام ليس واثقا من ولاء الجنود السنة ممن تبقوا في صفوف الجيش وعدم الإنشقاق لصفوف المعارضة. يضاف إلى هذا فالمجندون لن يكونوا قادرين على القتال في وضع معقد تفرضه معركة القلمون، ومن هنا فحزب الله مهيأ بشكل أحسن لخوض هذه المعركة “وفي حالة قرر الأسد شن حملة لتأمين هذا المحور الإستراتيجي فلن يكون أمامه خيار إلا الاعتماد على حزب الله”. والجيش السوري سيقوم بالمساعدة في القصف والهجمات الجوية مضيفا أن “كل شيء سيكون تحت قيادتنا، وسيعمل الجيش السوري بناء على خططنا”.

وتعلق المجلة قائلة “إن صح هذا الكلام فإنه يدل على حالة الفوضى التي يعيشها جيش الأسد”، مشيرة إلى ما قاله ضابط في الحرس الجمهوري السوري أنه اينما قاتل الجيش السوري مع حزب الله، فالأخير هو الذي يقود “وما نقوم به هو توفير الدعم اللوجيستي له”. وعلى الرغم من التحضيرات وثقة الحزب بنفسه إلا أن أبو جهاد يعترف بصعوبة المعركة، حيث سيواجهون حوالي 30000 ألف مقاتل من المعارضة في المنطقة. 

ويقول إن المعركة ستقسم على أربع جبهات سيتولى حزب الله قيادة الشمالية والجنوبية والغربية فيما سينشر الجيش السوري قواته على الطريق السريع إلى الشرق. وستقوم العملية على محاصرة المقاتلين في الجبال وقطع كل شيء عنهم من الماء والغاز والكهرباء والتدفئة “إتخذنا قرارا بعدم السماح لأي منهم بالخروج حيا” من الجبال حسب شيخ أحمد، أحد القادة العسكريين الكبار في الحزب. 

والمفارقة في دور حزب الله أن النظام دائم الشجب للمعارضة من التي يتهمها بالاعتماد على المقاتلين الأجانب، من الشيشان وأفغانستان والباكستان. وفي هذا يتعامى أو يحاول إنكار وجود الدعم الأجنبي الذي يتلقاه من قوى خارجية مثل "حزب الله"! - See more at: http://www.araa.com/article/76673#sthash.oELH1Hb9.dpuf