يريد يئير لبيد وبنيامين نتنياهو في الحقيقة الشيء نفسه. فهما يريدان خفض اسعار الشقق ومضاءلة عبء الضريبة. وهما يعلمان أن هذين هما الموضوعان اللذان يُغضبان جمهور ناخبيهما أكثر من غيرهما. فلماذا يعملان في الاتجاه العكسي بالضبط؟ إن نتنياهو هو الشخص الذي علمنا مثل السمين الذي يركب النحيل الذي يكاد يسقط على وجهه. فلماذا يجعل السمين (وزارة الدفاع) أسمن، ويجعل النحيل (دافع الضرائب) أنحل؟ تقول القاعدة الأكثر أساسية في ادارة الاقتصاد إنك اذا أردت أن تخفض الضرائب فيجب قبل كل شيء أن تقلص النفقات وإلا دُفعت الى عجز مالي. وقد طبق نتنياهو نفسه هذا المبدأ حينما عمل وزير اقتصاد في حكومة شارون في 2003. فقد قلص من نفقات الحكومة وخفض ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات فكانت النتيجة نموا سريعا وانخفاض نسبة البطالة وعجزا ماليا منخفضا. لكنه الآن يعمل بعكس ذلك بالضبط، فهو يزيد نفقات الأمن وبذلك لا يدع لنفسه أي مجال لخفض عبء الضريبة الذي بلغ الى ارتفاع مخيف. إن الزيادة الاخيرة على الأمن (2.75 مليار شيكل) هي هدف ذاتي في شبكة نتنياهو، أو في شبكتنا جميعا في الحقيقة.
ويضيف لبيد الى تلك الخطيئة جريمة حينما يقول إنه بعد أن أخذ الأمن حصته من الشحم، فانه يريد أن يخصص الفائض الذي بقي (1.75 مليار شيكل) لأهداف مدنية مهمة مثل "حضانات ظهيرة، والصحة والتربية وخفض غلاء المعيشة". ويبدو هذا اجتماعيا ومتقدما لكن يبدو أن لبيد يحتاج الى دورة تعليم أساسية في الاقتصاد السياسي. ففي اللحظة التي قال فيها إنه يوجد فائض يريد أن يوزعه حدث فورا صف طويل من الوزراء واعضاء الكنيست ومجموعات الضغط سيطلبون المال لأهداف ممتازة. فقد قال مئير كوهين من غد التصريح، وهو وزير الرفاه، إن المال يجب أن يتجه الى وزارته. وهكذا سيزداد الضغط على لبيد الى أن يجد نفسه لا يوزع 1.75 مليار شيكل فقط بل يوزع ما لا يملك ايضا. ألم يتعلم شيئا مما حدث ليوفال شتاينيتس؟ وربما يكون كل ذلك نابعا من النقد الذي وجه إليه ومن رغبته في استخراج شيء من الحب من محللي الفيس بوك.
وعلى كل حال فان وزير الاقتصاد الذي يفهم في الاقتصاد السياسي يقول عكس ذلك بالضبط. فهو يقول إنه لا فائض بل توجد أخطار ومشكلات عدم يقين كبيرة قُبيل نهاية السنة. ومن ذا يعلم ماذا سيحدث في جبهة الأجور وفي الازمة في "هداسا"، وفي سعر الصرف والتصدير. إن العجز المالي المخطط له يقف في هذا العام على 4.6 بالمئة، ويجب على وزير مالية مسؤول أن يخفض هذا المعطى المبالغ فيه كي يفضي الى استقرار ونمو وزيادة نسبة العمل. فلماذا يوزع مليارات اخرى الآن؟.
وهناك خطأ لا يقل كبرا وهو تأييد لبيد العجيب لانشاء "لجنة عامة للفحص عن ميزانية الأمن". إن لبيد على يقين من أن اللجنة ستفحص عن مخصصات التقاعد المفرطة والسيارات الملازمة والتأمين الصحي برسوم مخفضة وعن فرع اعادة التأهيل وعن تضخيم القيادات والمشروعات الضخمة – وتقترح تقليصات في كل ذلك. ولا يدرك أن العكس بالضبط هو الذي سيحدث. فاللجنة ستسمع من العسكريين عن ظلمهم وعن النقص وتتحول الى لجنة بروديت الثانية، أي ستزيد عشرات المليارات بدل أن تقلص.
وأضاع لبيد ايضا فرصة ليدفع قدما ببرنامج عمله المركزي في مجال السكن. فقد كان يجب عليه أن يطلب أن تحول المليارات الى الجيش بعد أن يخلي الجيش فقط القواعد العسكرية في مركز البلاد مثل تل هشومير والصرفند وفي رمات غان ومعسكر سيركن. وهكذا كان الجيش سيُخلي آخر الامر الاراضي النفيسة هذه التي يمكن أن تُبنى عليها سريعا آلاف الوحدات السكنية – وهو اجراء كان سيخفض اسعار الشقق ويأتي للبيد بشيء من الفائدة السياسية. لكن كل ذلك لم يُفعل فحصل الجيش على المال دون أن يلتزم بأن يعطي شيئا عوض ذلك.
ولهذا لن تنخفض الضرائب وستظل اسعار الشقق في ارتفاع، وفي كل ذلك ما يدعو يقينا الى تشجيع الهجرة الى برلين.


