ثبّت أكثر من ثلاثين ألفا من رجال الجهاد العالمي أنفسهم وهم يحاربون دولا تقع على حدود دولة اسرائيل. والحديث عن منظمات مختلفة لكنه يوجد حلم واحد لها جميعا وهو أن تحرر العالم العربي من نظم حكم كافرة. وذروة ذلك تحرير القدس. فقد أصبحت افغانستان هنا، عندنا، على الحدود.
أصبح الجهاد العالمي هو التهديد المحدد المركزي الذي يستعد له الجيش في سنة 2014، وهو في مركز المباحثات التي يجريها وزير الدفاع وهيئة القيادة العامة استعدادا لسنة العمل القادمة. لكن ليست كل قيادة الجيش العليا توافق على التعريف الشامل وهو أن افغانستان أصبحت هنا، لكن يوجد اتفاق على مقدار التهديد والأخطار الكامنة فيه. والجدل يتعلق في الجداول الزمنية، فهل الجهاد العالمي قريب من وضع يصرف فيه انتباهه الى "علاج" دولة اسرائيل، أم يحتاج الى وقت آخر كي يُثبت نفسه على الارض وليُتم "علاج" نظم الحكم الكافرة للاسد والملك عبد الله والفريق السيسي وأشباههم. ويرى رجال العمليات في الجيش أن تهديد الجهاد مباشر، لكن جهات التقدير أكثر حذرا.
إن جميع الحوادث التي حدثت على الحدود بين اسرائيل وجاراتها منذ آب 2011 كانت مع اشخاص من الجهاد العالمي. وليس التهديد المتوقع هو اطلاق قذائف صاروخية وصواريخ فقط. فالجهاد العالمي سيحاول أن يخترق الحدود وأن يرسم في داخل اسرائيل صورة عمليات تشبه ما يحدث كل يوم في العراق وافغانستان.
إن تهديد الجهاد العالمي هو نتيجة مباشرة للربيع العربي. فكما جاءت الزعزعات التي حدثت في المنطقة في السنوات 1979 – 1982 – منذ تولى الخميني الحكم مرورا بالغزو الروسي لافغانستان الى حرب لبنان الاولى – بقوى متطرفة كالقاعدة وحزب الله وحماس وطالبان، جُذب كذلك الجهاد العالمي الى الفراغ الذي خلفته نظم الحكم المتحطمة حولنا.
في النقاشات التي يُجريها الجيش يُبحث في التناقض في ظاهر الامر بين الشعور بأن الشرق الاوسط تحول عن حراك الازمات الى حراك التسويات، وبين تقدير الوضع الاستخباري أن احتمال التفجر كان وما زال كبيرا. توجد اتصالات بايران، وحوار مع سوريا، وتفاوض اسرائيلي فلسطيني، والى كل ذلك يرى جهاز الامن ضعف الاخوان المسلمين في مصر بصورة حادة، بصورة ايجابية. إن وضعنا في ظاهر الامر لم يكن قط أفضل مما هو اليوم. لكن كل هذه المسارات يفترض أن تستنفد نفسها قُبيل أيار – حزيران. يتحدث الايرانيون عن حل في غضون نصف سنة، ويفترض أن يتخلى السوريون عن السلاح الكيميائي ويتجهوا الى انتخابات في صيف 2014، ويجب على اسرائيل والفلسطينيين أن يتوصلوا الى اتفاق حتى نيسان. فماذا سيكون اذا انهارت قناة التسوية هذه؟ وأين ستقف دولة اسرائيل آنذاك؟.
إن الجهاد العالمي هو الجهة الوحيدة في الشرق الاوسط التي لا يمسها مسار التسوية. ولا يعنيه حل السلاح الكيميائي ونية وجود تسوية سياسية مع المعارضة في سوريا. وأصبحت توجد في المدة الاخيرة حوادث لا بين رجال الجهاد العالمي والجيش السوري فقط بل بينهم وبين المتمردين المعتدلين. وكل منطقة تفرغ في سوريا يحل الجهاد العالمي فيها ويشمل ذلك منطقة درعا غير بعيد عن مثلث الحدود بين اسرائيل وسوريا والاردن. فاذا أصبح لهم موطيء قدم في هضبة الجولان فلن تستطيع اسرائيل أن تبقى غير مكترثة.
وفي هذه الاثناء ينتشر هذا السرطان ولا يستطيع أحد أن يصده. من ذا يستطيع أن يطرد من سوريا عشرات الآلاف من رجال الجهاد العالمي؟ ويُقدر المصريون أنه يوجد في سيناء نحو من 3 آلاف من رجال الجهاد العالمي لعدد منهم صلة بمنظمة "جبهة النصرة" السورية، ولآخرين صلة بالفرع اليمني من القاعدة. وفي لبنان يعمل بضع مئات من السنيين اللبنانيين برعاية مجموعات جهاد عالمي سورية. ويصعب على حزب الله أن يواجه منظمات مثل منظمة "كتائب عبد الله عزام"، التي أطلقت قذائف صاروخية على اسرائيل ووضعت سيارات مفخخة في حي الضاحية في بيروت. ويوجد في غزة ايضا بضع مئات من رجال الجهاد العالمي أصبحوا تهديدا لنظام حماس.


