في اللحظة الاخيرة قبل الافراج عن السجناء الفلسطينيين، يريد حزب البيت اليهودي أن يُضلل ناخبيه وأن يُثبت تمسكه بالمواقف التي عرضها قبل الانتخابات. وأُقدر أن ناخبيه أذكى، فهم يعلمون أن ليس الحديث عن اجراء جدي يفترض أن يغير الوضع بل عن تصريح يريد أن يمنع رئيس الوزراء الوفاء بالتزاماته ولا أمل في أن يتحقق.
قلبي مع الحزب الذي رفع أعلاما كثيرة جدا ويشغل نفسه منذ بضعة أشهر بطيها. هل يتذكر أحد حتى الآن "خطة التهدئة" التي كانت ترمي الى ضم 60 بالمئة من الضفة الغربية وطرح فتات حكم ذاتي للفلسطينيين؟ وهل أثار شخص ما في الحكومة الغاء اتفاق اوسلو كما وُعد؟ وهل اقترح أحد ما تعديل قانون العودة كي لا يُسمح لأقرباء المهاجرين من غير اليهود بالمجيء معهم؟.
وجد نفسه فجأة حزب اليمين المتطرف في داخل حكومة تتحدث مثل سابقاتها دون أن تكون قادرة على الوفاء بأي وعد انتخابي، وعليها أن تسأل نفسها كل يوم أمام المرآة هل يُسوغ المنصب التخلي المطلق عن تصورها القومي والديني. وهذا هو السبب الذي جعل البيت اليهودي يُصر على عدم الاتفاق على التجميد في المستوطنات وفضل دون خيار الافراج عن السجناء وهو الآن قُبيل الافراج عنهم يقوم بحركات من يريد سن قانون يعترض على الافراج عن السجناء.
سيصعب على كاتب هذه السطور جدا أن يدافع عن قرار تفضيل الافراج عن السجناء على تجميد البناء في المستوطنات. إن البناء في المستوطنات أصبح يُعرض أكثر فأكثر على أنه جزء من تحدٍ أو انتقام لا على أنه ينبع من حاجات حقيقية مُلحة لأناس يعيشون خارج اسرائيل السيادية ويحتاجون الى انشاء روضة اطفال أو صف دراسي آخر في مدرستهم. إن تجميد البناء، في فترة تفاوض يفترض أن يحدد الحدود الثابتة بين اسرائيل وفلسطين، على الأقل منطقي حتى عند من يؤيد هذا المشروع، فقد أثبت الماضي غير البعيد أن قادة سبقوا من الليكود لم ينظروا الى المستوطنات على أنها محددة للحدود وهدموها جميعا حينما عادوا الى الحدود الدولية. فلماذا البناء اذا كان سيُحتاج الى الهدم بعد ذلك؟.
وفيما يتعلق بالسجناء – سيفرج عنهم جميعا حينما يوجد اتفاق سلام، والافراج عن عدد قليل من السجناء الكبار السن خطر صغير جدا على مستقبلنا لأن عددا من الاشخاص الأكثر براغماتية في السلطة الفلسطينية هم أناس قضوا أفضل شبابهم في سجوننا، ومن الواضح لنا المعنى المعنوي لهذا الافراج بالنسبة لمن يُجري معنا تفاوضا.
سيُفرج عن السجناء، لكن يجدر بحزب البيت اليهودي الذي يهدم في شهور قليلة كل المباديء التي وعد بالنضال عنها ألا يوقع على كل ما لا يؤمن به وأن يحرر نفسه من حكومة تعمل بخلاف تصوره العام. ويُثبت كل يوم يبقى فيه في الحكومة مبلغ سخافة زعمه أنه يمكن خلاف ذلك ايضا.


