في يوم الاحد الماضي، السادس من تشرين الاول، ظن سكان البؤرة الاستيطانية غير القانونية وغير المرخصة "جفات معون" أن شخصا ما يحاول أن يسرق شياها من قطيع يهوشبت (بيتي) تور. "لاحظ ساكن المزرعة شخصين مُريبين في داخل المزرعة"، قال موقع أخبار "الصوت اليهودي" الذي وسع وذكر ايضا أنه "برغم الظن بأن طبيعة الحادثة جنائية، استقر الرأي في الجيش الاسرائيلي على استعمال تدبير "فارس الليل ج"، الذي يعني الخشية من وجود مخرب مسلح في داخل المستوطنة. وأُعلن استعداد خشية من التسلل في المستوطنات المجاورة ايضا".
وعند المساء داهم فرسان الليل القرية الفلسطينية "الثواني". وهي القرية التي يُفسد فيها مجهولون اشجارها مرة في كل شهر على الأقل (كان آخر إفساد، حتى يوم الجمعة، قد وقع في الرابع من تشرين الاول)، ولم تعثر الشرطة ولا الجيش عليهم قط. وهي القرية التي يمنع الاسرائيليون سكانها دائما من الخروج الى المرعى ويكون الجيش واقفا متنحيا أو يمنعهم ايضا. وهي القرية التي لا يستطيع أبناء المحيط الوصول الى مدرستها دون مصاحبة عسكرية أو مصاحبة نشطاء سلام دوليين كي لا يهاجمهم سكان البؤرة الاستيطانية.
أخرجت قنبلة ضوء واحدة السكان الى الخارج وتبين لهم وجود مستوطنين في داخل قريتهم. "مستوطنون في القرية، مستوطنون في القرية"، صرخوا. وحينما اتجه المستوطنون نحو المدرسة مضى السكان على آثارهم. "سألناهم لماذا دخلوا القرية ولم يجيبوا"، تحدث محمود سلمان الى المحامي إيتي ماك. كانت معهم مصابيح وأضاؤوا نحو البيوت والمدرسة والاشجار واتجهوا بعد ذلك صوب الوادي وتبين أن الجنود كانوا يصاحبون المستوطنين. "سألنا الجنود لماذا يوجد مستوطنون في القرية، لكن الجنود لم يجيبوا"، قال محمود سلمان. وآنذاك اتجه الجنود الى اجراء تفتيشات في البيوت.
سمع أبوه سلمان رباعي ابن الـ 68 من عمره طرقا قويا للباب هز باب البيت، وصيحات الجنود "إفتحوا إفتحوا". ودلف رباعي وهو "مريض وشيخ" – كما يُعرف نفسه – الى الباب معتمدا على عكازه. وفتح فسدد الفرسان بنادقهم إليه. وظلوا يسددونها إليه وقد مضى بحسب أمرهم يدلف ليفتح كل باب في البيت. "سألتهم ماذا تريدون"، قال رباعي لمحاميه ماك لكنهم لم يجيبوا. ولم يمسوا أي شيء في البيت بل نظروا فقط. لكن ذلك كان كافيا كي ترتجف حفيدة رباعي ابنة الثالثة خوفا وقتا طويلا.
بعد ذلك خرج الجنود الى بيت الجار والرباعي على أثرهم. وقال: "خاف إبن أخي (الذي كان هذا هو بيته) ولم يشأ أن يدخلوا. قال للجنود إنه يوجد اولاد صغار في البيت. وغضب أحد الجنود وأخرج قنبلة يدوية وهدد بأن يرمي القنبلة اذا لم يدعوه يدخل. وتدخلت فطلبت الى الجنود أن يهدأوا فكل شيء على ما يرام، وفتحت أنا نفسي الباب. وأخذ جندي آخر القنبلة اليدوية من الجندي المهدد وقال له إنه لا يجب التفتيش في البيت فانتقلوا الى بيت آخر". أربما يكون قد اختبأ هناك سارق الشياه/ المخرب المسلح؟.
وتبين أنه قد نشب بين الجنود اختلاف في الرأي في بيت آخر ايضا، فقد طلب أحدهم أن يخرج أبناء البيت جميعا وفيهم الاولاد الصغار الذين كانوا قد ناموا أو كانوا يرتجفون خوفا. وقال آخر "ليبقَ الصغار". وفي النهاية جاء جنود آخرون وسددوا البنادق وأجروا تفتيشا ونسوا اخراج سكان البيت.
كانت عائشة هريني وخمسة من أبنائها قد أخذوا مضاجعهم. بعد ذلك سمعت هريني أن زوجها وابنها البكر قد علقا عند مدخل القرية. وانتبهت لطرق قوي لبابي البيت الحديديين. وطرق الجنود احدى النوافذ وهشموا الزجاج ايضا. "خشيت أن أفتح وحدي دون زوجي، واختبأت أنا والاولاد في غرفة داخلية. والتصق بي كل الاولاد ما عدا اثنين لم يستيقظا. وبكى اثنان فطلبت إليهما أن يهدآ ولم أتحدث الى الجنود. سمعتهم يعلون السقف. ومكثوا هناك عشرين دقيقة. بعد ذلك رأيت أن الجنود قلبوا الغرفة وبحثوا في الثلاجة. وحركوا ايضا أكياس الغلة".
سد الجنود مدخل القرية بسيارات الجيب والحجارة والاطارات. واجتمع هناك رويدا رويدا سكان – وفيهم نساء واولاد واطفال – عادوا من يطا ولم يُسمح لهم بالتوجه الى بيوتهم. وكان الجو باردا. وصرخ الجنود وأخذوا من السائقين مفاتيح السيارات. وصاحوا قائلين إنه يجب البقاء في السيارات ولا يجوز لهم الحديث بالهواتف المحمولة. واستقر رأي النساء على محاولة الذهاب مع الاولاد الخائفين الى البيوت. فدفعهن الجنود الفرسان بعنف وسدوا طريقهن. وبعد ساعة ونصف جاءت سيارات عسكرية اخرى. وقال لهم جندي من حرس الحدود، كما يقول سليمان عدرة: "خذوا سياراتكم وعودوا الى الشارع الرئيس باتجاه يطا. توجد هنا حادثة. فطلبنا أن يدعوا الاولاد والنساء يعودون الى البيت فقال الجندي: "لا أريد أن أدعكم تدخلون كي لا يحدث شجار أو خصام بين الناس". بعد ذلك أدرك عدرة أن "النزاع" الذي فكر فيه الجنود كان نزاع المستوطنين الذين دخلوا الى القرية.
هل شوهد حقا اشخاص مُريبون في حفات معون أم جند المستوطنون الجنود لحادثة مُحسنة مطورة للتنكيل بالقرية؟ لم يُجب الجيش عن اسئلة "هآرتس" لأن المحامي ماك رفع شكوى الى النيابة العامة العسكرية.


