خبر : ماذا سنفعل من غير التهديد الايراني؟ \ بقلم: سيفر بلوتسكر \ ر

الأحد 13 أكتوبر 2013 07:53 م / بتوقيت القدس +2GMT




قد لا ينشأ شيء عن ذلك ونستطيع العودة الى الحياة العادية. لكن قد يتوصل الطرفان بقدر لا يستهان به من الاحتمال الى اتفاق – اتفاق معقول بل ناجع. فماذا ستكون حالنا آنذاك؟ أو في صياغة فظة: كيف سنعيش هنا دون "ايران"؟.
ليس القصد الى ايران الجغرافية أو الى دولة ايران. بل القصد الى التهديد الذري الايراني لنا. والقصد الى "ايران" مفهوما مركزيا في الوعي القومي الاسرائيلي. والى "ايران" محورا أمنيا تدور حوله سياسة الحكومات الاخيرة. والى "ايران" خليطا من الاسمنت والجص: أما الاسمنت فلتعزيز بنية المجتمع الاسرائيلي، وأما الجص فلتجصيص ما لا يمكن تقويته. فكيف اذا سنعيش دون شعور بالتهديد الايراني فوق رؤوسنا؟.
إن الجواب الاول سهل جدا وهو: كما نعيش الآن. فمنذ كانت هزيمة الارهاب في نهاية الانتفاضة الثانية كان الجمهور في اسرائيل يتصرف وكأنه لا يؤثر فيه اقتراب ايران من امتلاك سلاح ذري. والدليل على ذلك أنه لو خفنا حقا من الذرة الايرانية لما رفعنا أسعار العقارات بنسبة 70 في المئة. فلست مجنونا لتشتري شقة جديدة حينما يكون الخوف من الحرب الذرية أو المضادة للذرية يحثك من الوراء.
لو أننا خشينا "ايران" حقا لما أنفقنا جميعا وأفرادا مئات مليارات الشواقل على سندات دين شركات اسرائيلية وحكومة اسرائيل. ولو شعر الاسرائيليون بأن الارض ترتجف تحت أقدامهم لتزودوا على الأقل بعملة اجنبية وانقضوا على السفارات الاجنبية. لكن الشيكل يحتفل بقوته والهجرة من البلاد طفيفة. ونقول آخر الامر إنه بحسب الاستطلاع الاجتماعي الشامل الذي قام به المكتب المركزي للاحصاء، الذي نشر هذا الشهر، زادت في العقد الماضي نسبة الاسرائيليين الراضين عن حياتهم في اسرائيل (بلغت 90 في المئة)، ونسبة الاسرائيليين الراضين عن وضعهم الاقتصادي (بلغت 60 في المئة).
يمكن أن نزعم أننا جميعا عميان؛ وليس هذا الزعم ملغى الغاءا كاملا بالاعتماد على دروس التاريخ، فقد أظهرت شعوب وجماعات أحيانا عمى غير مُفسر عن رؤية المستقبل واخطأت اخطاءا مأساوية في التنبؤ بالمصير الذي ينتظرها وراء الزاوية. ويمكن أن نزعم ايضا أن التكرار الدائم لمصطلح "التهديد الوجودي" أضعفه وأبطل سُمه فاعتدناه، ويوجد تفسير آخر، نفسي – قومي: فقد اعتقد أكثر الاسرائيليين في أعماق قلوبهم ويعتقدون أن الشيطان الايراني غير فظيع كثيرا وأنه لن توجد قنبلة ذرية ايرانية آخر الامر.
من الحقائق أنه أصبح من الممكن اليوم أن نرى واقعا اقليميا – امنيا جديدا، وسيظهر من داخل وفي داخل الفوضى. فها هي ذي سوريا بلا مخازن سلاح كيميائي وبلا جيش حقيقي مقاتل، مدمرة من جهة اقتصادية ووطنية. وها هي ذي العراق وكانت في الماضي لاعبة رئيسة في "الجبهة الشرقية" أصبحت بلا جيش أصلا. وها هو ذا حزب الله ينتحر (هل تذكرون النبوءات التي كانت تقول إن نصر الله سيكون زعيم العالم العربي الذي لا اعتراض عليه؟). وها هي ذي حماس مضروبة مشلولة بلا داعمين أغنياء. وها هي ذي ليبيا التي لم تعد دولة. وها هي ذي مصر ممزقة بين حكم الجيش وحكم المسجد وهي ضعيفة تبحث عن طريقها. فاذا استطعنا أن نضيف الى القائمة ايران بغير برنامج ذري عسكري، ايران التي تتجه الى اعادة البناء الاقتصادي الذي سيستغرق 12 سنة على الأقل، استطعنا أن نبيح لأنفسنا قدرا من المخاوف الامنية أقل كثيرا مما كان في الماضي.
كلا، لن توجد هنا جنة سياسية. فالفوضى حولنا ليست هدوءا بل هي خطر. ولا يُرى للصراع اليهودي الفلسطيني حل في الأفق القريب، وقد يُجدد الارهاب لأن الفلسطينيين يائسون لعدم اكتراث اخوتهم العرب وعدم اهتمامهم. ولن تضعف العداوة لاسرائيل واليهود في العالم الاسلامي قلامة ظفر بل ضعفت القدرة وارادة ترجمتها الى افعال فقط.
وبرغم ذلك فان الازالة الصادقة للتهديد الذري الايراني – ونؤكد الصادقة – ستؤثر تأثيرا مؤكدا في صورة حياتنا وتجاربنا الشعورية. وأنا أصغر من أن اتنبأ باتجاهات التحول الذي سيحدث نتاج ذلك أو بقوته أو بنتائجه، لكنني أعتقد فقط أن من المرغوب فيه البدء في التفكير فيه: بمَ ستتغير حياتنا وكيف ستتغير دون "ايران"؟.