القدس المحتلة / سما / في الوقت الذي يحل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضيفاً اليوم (الاثنين) على الرئيس الاميركي باراك اوباما، ينعقد في التوقيت عينه مؤتمر لوبي اليسار اليهودي في الولايات المتحدة المعروف بـj street، ويحضر المؤتمر نائب رئيس الإدارة الاميركية جو بايدن، ووزيرة العدل الاسرائيلية، تسيبي ليفني، المسؤولة عن العملية السياسية مع الفلسطينيين، ومارتن انديك موفد البيت الابيض للمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.
انزعاج من حضور نائب اوباما في المؤتمر
ووسط تزامن الحدثين، ابدت دوائر سياسية في تل ابيب، انتقاداً لاذعاً للوزيرة الاسرائيلية التي حرصت على تلبية دعوة حضور المؤتمر، إذ أن إسرائيل تعادي ما يعرف باليسار اليهودي في الولايات المتحدة، ولا تتعاطى إلا مع لوبي اليمين اليهودي في البلد عينه المعروف بـ "إيباك" بحسب تقرير نشره موقع "والاّ" العبري. كما ابدت محافل من اليمين اليهودي في واشنطن انزعاجاً من حضور نائب الرئيس اوباما للمؤتمر، الذي يدور الحديث عنه على حساب مشاركته في لقاء اوباما – نتنياهو.
وحرصاً على قياس ردود افعال لوبي اليسار اليهودي في الولايات المتحدة، اجرى موقع "والاّ" حواراً مع غيرمي بن عامي، مؤسس ورئيس التيار الذي يدور الحديث عنه، إذ قال خلال اتصال هاتفي مع الموقع من واشنطن، ان منظمته منذ تأسيسها عام 2008 تدعم إسرائيل، ولكن حال سعيها للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بما يضمن تسوية تتعاطى ورؤية اقامة دولتين مستقلتين "فلسطين واسرائيل" تعيشان جنباً الى جنب في سلام وأمان، وانه من دون التوصل الى تلك الرؤية، فلن تتوقف المنظمة عن انتقاد سياسات إسرائيل، وكذلك انتقاد لوبي اليمين اليهودي الموالي لاسرائيل في الولايات المتحدة.
ووفقاً لملف سيرة بن عامي الذاتية، فهو الاعلامي اليهودي الاميركي في صباه، ومستشار الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون إبان فترة ولايته الثانية، وانطلاقاً من وضعه كرئيس لمنظمة الـ j street، اوضح أن إسرائيل كانت تتخذ منه ونشطاء المنظمة اليهودية الاميركية موقفاً حاداً، الا انه بمرور الوقت بدأت العديد من الاصوات داخل المطبخ السياسي الإسرائيلي، تتفهم أن المنظمة ليست معادية لإسرائيل، وإنما تحاول الحفاظ عليها من خلال ارساء السلام بينها والفلسطينيين، وتجنيب شعبها ويلات المواجهات مع الفلسطينيين او غيرهم من الشعوب العربية المجاورة.
واضاف بن عامي: "نحن نمثل العمود الفقري ليهودي الولايات المتحدة، الذي يدعم الدولة العبرية، ويؤيد في الوقت عينه فكرة اقامة دولتين اسرائيلية وأخرى فلسطينية، كما أنه للولايات المتحدة ايضاً مصلحة كبيرة في التوصل إلى تسوية النزاع بين الجانبين".
تنظيمات يهودية مخضرمة
في الوقت ذاته اوضح بن عامي انه خلال السنوات الماضية، حصل لدى الجميع انطباع بان يهود الولايات المتحدة يدعمون معسكر اليمين، لا سيما أن مواقف هذا المعسكر يمليها قادة التنظيمات اليهودية المخضرمة في الولايات المتحدة، إلا أن الواقع يخالف ذلك، ففي حين لا زالت افكار اليمين اليهودي في الولايات المتحدة تفرض نفسها، لكنها في الوقت عينه لا تجسد ايدلوجيات معسكر اليسار اليهودي، ولعل ذلك كان السبب الرئيسي في تدشين منظمة j street، وهو التأكيد على أنه هناك إيديولوجيات يهودية أخرى، وأردف بن عامي: "اننا نعمل انطلاقاً من حب ومسئولية حيال إسرائيل، فلا ينبغي ابداً تصنيفنا على اننا يسار متطرف معارض لاسرائيل".
وقال غيرمي بن عامي المعروف بصلته الكبيرة بالرئيس اوباما عينه، وعدد ليس بالقليل من الدوائر السياسية البارزة في البيت الأبيض، انه متفائل حيال المفاوضات الجارية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتي بدأت منذ ما يقرب من شهرين، رغم أنها تدار تحت غطاء وتعتيم اعلامي غير مسبوق.
واضاف: "بات الاسرائيليون يتفهمون أن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين اصبح مصلحة كبيرة لمستقبل الدولة العبرية، أما الجانب الفلسطيني فيستوعب هو الآخر انطلاقاً من رؤية محمود عباس، أنه لابد من التسوية مع الإسرائيليين، وان هناك حاجة ماسة للتوصل لحل ينهي النزاع، وذلك بالاضافة إلى أن هناك جدية غير مسبوقة لدى الإدارة الاميركية الحالية في إنهاء النزاع بين الجانبين، وربما في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام، وحتماً سينعكس كل ذلك على مستقبل الدولة العبرية، وقال الرئيس اوباما غير ذي مرة وبشكل واضح، ان التسوية بين الفلسطينيين واسرائيل امر حيوي ومصلحة بالنسبة للولايات المتحدة".
معظم يهود الولايات المتحدة يعارضون الاحتلال
وفيما يخص علاقة إسرائيل بيهود الولايات المتحدة، قال بن عامي: "انني على يقين بأن العلاقة بين اسرائيل ويهود الولايات المتحدة قائمة على محورين رئيسيين: قيم مشتركة، ومصالح مشتركة، لذلك فإنني منزعج من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ويتم بموجبه اقامة دولتين مستقلتين للشعبين، فسيزداد معدل احتلال الأراضي الفلسطينية، وسوف يتأثر المحورين المشار اليهما بشكل سلبي إلى حد كبير، فمستوى القيم، يشير إلى أن معظم يهود الولايات المتحدة لا يوافقون على احتلال الاراضي الفلسطينية، او غيرها من الأراضي العربية".
واوضح: "اذا لم يشعر اليهود في عقود خلت بالخطر الذي يهدد إسرائيل نتيجة لاحتلال الاراضي الفلسطينية، فالواقع الذي نراه امام اعيننا منذ عدة سنوات، يؤكد ضرورة حل الازمة لأنه ينطوي على فائدة كبيرة لإسرائيل. أما فيما يتعلق بمحور المصالح المشتركة، فالواضح للجميع أن للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في انهاء النزاع، فإذ لم يتحقق ذلك فستكون له عواقب وخيمة على امن الدولة العبرية، وعلى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل عام، وبين الأخيرة ويهود الولايات المتحدة بشكل خاص".
رئيس منظمة الـ j street اليهودية الأميركية المح إلى أن من أهم انجازات منظمته، هو خلق حوار مع الشباب اليهودي في الجامعات الاميركية، إذ أن هناك شريحة كبيرة من جيل الشبيبة اليهودية في تلك الجامعات، فرغم انهم تربوا في مدارس دينية، وحريصون على أداء شعائرهم الدينية، كما انهم زاروا اسرائيل لمرات عديدة، إلا انهم يرون أن الواقع في الاراضي الفلسطينية يتعارض والقيم الدينية التي تعلموها في مؤسساتهم التعليمية، كما أن هؤلاء الطلبة يحاولون الحفاظ على المكونات الاساسية في هويتهم.


