خبر : "المرونة البطولية" لخامنئي: أهي خطوة تكتيكية أم تحول استراتيجي؟ \ بقلم: تسفي برئيل \ هآرتس

الخميس 26 سبتمبر 2013 09:36 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

صك زعيم ايران الأعلى تعبيرا جديدا مهما "أنا أوافق ما عرّفته قبل سنين بأنه "مرونة بطولية"، لأن هذا التوجه جيد جدا وضروري في حالات ما، ما بقينا متمسكين بمبادئنا"، قال خامنئي في خطبته في يوم الثلاثاء الماضي.

ما هي تلك المرونة البطولية والى أين ستقود التفاوض مع ايران؟ يوجد في ذلك تفسيرات أكثر من أن تحصى في طهران. فقد عرض رئيس مجلس النواب علي لاريجاني هذا الاسبوع "عدم تفسير التعبير بصورة مخطئة"، وبين أن "المرونة البطولية" تقصد الى تكتيك اجراء التفاوض لا الى الاستراتيجية. ويؤيد قائد حرس الثورة محمد رضا نقضي من الجانب المحافظ هو ايضا "المرونة البطولية" كخطوة تكتيكية.

بيّن منصور هججتفور، عضو رئاسة لجنة الامن القومي في مجلس النواب في مقابلة صحفية أن المرونة البطولية تعني أن نستعمل القوة مرة لاحراز الأهداف وأن نستعمل التكتيك مرة اخرى. لكنه أضاف ايضا "مضمونا تسويقيا" الى هذا التكتيك: "إن اصلاح العلاقات بين ايران والولايات المتحدة سيقصم ظهر النظام الصهيوني ونظم الحكم الرجعية في الشرق الاوسط".

وأصبح هذا التفسير يشمل تفسيرا استراتيجيا بعيد المدى. فضلا عنه انه لا يرفض تجديد العلاقات بالولايات المتحدة، يراها أداة لزيادة القوة السياسية لايران؛ وكي يمكن الترويج لهذه الفكرة بعد ذلك ينبغي أن يُعلَّل لها بالاضرار السياسي باسرائيل.

          لا اختلاف في أنه حدث في ايران تحول جوهري في الخطاب الرسمي على الأقل. فقد أعلن خامنئي في شباط الماضي قائلا: "أنا ثائر لا دبلوماسي"؛ وهو يتحدث الآن عن مرونة دبلوماسية. وكان لاريجاني يعارض حتى المدة الاخيرة كل حوار مع الادارة الامريكية الى أن تغير سياستها. وهاجم قبل عشر سنوات روحاني بسبب تجميد برنامج ايران الذري، لكنه الآن يلائم نفسه مع "المرونة".

          ويشير محرر صحيفة "كيهان"، الذي عينه خامنئي، الى مزايا المرونة التي تمثل "حال فوز وخسارة، فوز لمن يستعملها وخسارة لمن يرفضها". ولهذا الخطاب في حد ذاته أهمية استراتيجية لأن ايران قد اختارت خلافا للمنطق السياسي المقبول أن ترفع درجة التوقعات منها عن ادراك أنها ستضطر الى قضاء هذا الدين. لكن هذا الدين في الأساس هو دين روحاني. وهو برغم أنه حظي بدعم شامل من خامنئي ليُدير دبلوماسية جديدة بل ليبدأ تفاوضا مباشرة مع الولايات المتحدة، سيضطر الى أن يُصرّف الامور بين الاتصالات بالغرب وبين منتقديه في الداخل.

          ليس روحاني غريبا على اجراء الاتصالات بالغرب، فقد أجرى حينما كان في الماضي أمين سر مجلس الامن القومي التفاوض مع اوروبا والولايات المتحدة وحصل على موافقة خامنئي على تجميد البرنامج الذري الايراني في سنة 2003. ويعرف روحاني الامريكيين جيدا ايضا لأنه كان واحدا من المسؤولين الايرانيين الثلاثة الكبار الذين اشتغلوا مباشرة بقضية ايران غيت في ثمانينيات القرن الماضي التي باعت فيها اسرائيل والولايات المتحدة ايران سلاحا مقابل الافراج عن رهائن امريكيين من لبنان أولا ومقابل مال حُول الى الكونترا في نيكاراغوا بعد ذلك. ولروحاني صلة جيدة بكل مؤسسات النظام ويعرف كيف ينشيء تحالفات سياسية. وليس السؤال المركزي هل يوافق خامنئي على خططه بل هل ينجح روحاني في أن ينشيء في ايران تحالفا سياسيا يقنع خامنئي بأن يصب مضمونا في تلك "المرونة البطولية".

          إن التحول في المسار الايراني الذي انتظر نتائج الانتخابات في ايران هو ايضا المنتوجة الجوهرية الاولى لسياسة العقوبات ايضا. وبهذا يستطيع النضال الدبلوماسي العنيف الذي قامت به الولايات المتحدة مع الدول الغربية أن يسجل نصرا لنفسه، لأن تلك "المرونة البطولية" تبغي قبل كل شيء أن تخلص ايران من الازمة الاقتصادية القاسية التي دُفعت إليها نتاج العقوبة الدولية، وهي تتوقع مضاءلة هذه العقوبة حتى إبعادها بصورة كلية.