خبر : بيرزيت قصة وطن.. بقلم: رامي مهداوي

السبت 14 سبتمبر 2013 12:34 م / بتوقيت القدس +2GMT



أخذ "خزعه" عينة من الجسد وفحصها، ستخرج لنا النتائج معبرة عن حالة الجسد ككل، بهذه النظرية يتعامل العلم مع النظريات في الحقول المختلفة التابعة له. وهنا أدعي_وربما أكون مخطئا_ بأن ما يحدث في جامعتي جامعة بيرزيت هو انعكاس لما يحدث في الجسد الفلسطيني ككل من الرأس حتى إصبع القدم الصغير. بالتالي مخرجات أحداث بيرزيت يجب أن لا يتعامل معها بأنها أحداث تخص الجامعة وحدها، لهذا سأنظر بعين ثاقبة من خرم الإبرة_ لكم ان تعترضووووو_ لكن يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا لعلاج أنفسنا:

قضايانا تحل بمسكنات وليس بحلول جذرية، هذه المسكنات فقط لإعطاء روح لتمرير وقت دون معرفة كيفية استثمار هذا الوقت للعلاج، بل بهذا الوقت تتفاقم أمراضنا وبالتالي تزداد الجرعة من المسكنات لنصل الى حالة من الإدمان، بالتالي لا يتقبل جسدنا "المورفين" بل يكون بحالة انتظار الاستئصال أو إعلان حالة الوفاة. علينا ابتكار العلاج الجذري مهما كلف الثمن، مهما كان الألم موجعا، مش بنحكي "وجع ساعة ولا وجع كل ساعة".
الحمد لله نصعد الشجرة صعودا سريعا، دون التفكير قبل الصعود كيف بدنا نرجع على الأرض، والأخطر من هيك بنفكر حالنا عصافير أو صقور أو ننتظر بأن يخلق الله لنا أجنحة لأننا نخلق أوهاما وتخيلات بأن هناك أملا اذا ما تمسكنا بآرائنا أو إذا ازدادت قراراتنا قسوة سنصعد أكثر وأكثر من على الشجرة الى جبل نخلقه في خيالنا أساسه السراب، وهنا ومن تجارب شخصية في العمل الطلابي والنقابي والمهني والحزبي بأنه يجب البدء في أي نشاط، عمل، مهمة، خطة..... بخطوات مدروسة تصاعدية وليس البدء من النهاية، وبالمقابل أيضاً علينا ان لا نتعامل بردود الأفعال مهما كان الثمن بل بخطط مدروسة محسوبة وأن نقع بفخ العظمة أو الأبوية الوهمية، نظرية الفعل ورد الفعل لا تنطبق في البيت ... المدرسة... الجامعة... الحكومة... ديوان العائلة.... المؤسسة الحزبية.... لأن الأب، المعلم، رئيس الجامعة، رئيس الحكومة، الرئيس، الأمين العام، القائد، الكابتن..... يجب ان يتحمل مسؤولياته تجاه أبنائه... طلابه... الموظفين... أبناء العيلة... أعضاء الحزب.... المواطن؛ وإلا فما الفرق بين المسؤول والغير مسؤول!! بين القائد والعضو!! بين رئيس الجامعة والطالب!! مع الأخذ بعين الاعتبار الواجبات أيضاً في العلاقة.
ترتيب الأولويات هو فن بحد ذاته يجب أن يتقن ويمزج بروح المسؤولية، دون وضع تمييز لأي ملف على حساب ملف آخر أو النظر الى الأمور بأولويات شخصية هدفها البهرجه الزائفة الكاذبه، هناك أولويات يجب ترتيبها ضمن المصلحة العامة وليس مصالح لا نعلم من؟ ولمن؟ وماذا؟ ومتى؟ وكيف؟ يتم صياغتها وتفرض علينا من السماء وكأن هذه الأمور مسلمات يجب ان تقبل بها، أو هذه الاستراتيجيات ككلام الله يجب أن لا تناقشه أو تتفكر ما وراء هذه الإستراتيجيات، بالتالي يتم خلق علاقة السيد والعبد مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه العلاقات لا تدووووووووووم في أي موقع كان.
قضايا أكبر من قضية مال، هناك فكر يحارب، هناك نفوذ لأشخاص يتحكمون بحريات كنّا نفتخر بها، حريات تعلمنا منها معنى المسؤولية وتعلمنا من هذه الحريات بأن لكل حرية ثمن، ما يحدث في "بيرزيت" كعينة للجسد الفلسطيني هو أكبر من أن الجامعة بأزمة مالية؛ لحبي لجامعتي رغم أني تخرجت منذ عقد، ذهبت قبل خمسة شهور لأتحدث مع شخصية أحبها وأحترمها لها كلمتها ووزنها في الجامعة حذرته بأن الجامعة في مفرق طرق فكري خطير... هناك امتعاض واضح لعدد ليس بسيط من معلمينا على سياسات لا يمكن أن تكون إنتاج روح "بيرزيت" التي نعرفها وتربينا عليها.... هناك غياب بين الرأس والقلب، هناك انسداد في بعض الاوردة الموصلة للقلب.... هناك حالة اغتراب في الجسد ككل، يجب سريعاً أن تعاد صياغة العلاقات المختلفة لنتمكن من نفخ روح استنهاضية قبل فوات الأوان، وصياغة العلاقات تتطلب من مجلس الأمناء تحمل المسؤولية الكاملة لإطلاق" مارثون" من اللقاءات المتنوعة لصياغة علاقات جديدة مع الجميع لتعود بيرزيت بيت الجميع.
بكل حبي وروح المسؤولية أقول بأن هناك غيابا لروح التجديد الإبداعية التي على أي مؤسسة تاريخها بتاريخ "بيرزيت" أن تتخذه، وهنا أيضاً علينا أن نجيب هل "بيرزيت" اليوم هي بيرزيت السبعينات مثلاً؟! أكيد لا بالتالي يجب تجديد الأدوات... الهيئات... المؤسسات... الأنظمة... الأنشطة... الإعلام... المراكز... العلاقات العامة... القديمة، زراعة وولادة أعضاء جديدة للجسد ليس أمر سيئ بالعكس هذا هو الوقت المناسب لإعادة التنظيم .
جهاز المناعة في جسدنا يجب ان يتم تقويته فوراً، ما يحدث في حالة بيرزيت هو انعكاس كامل لواقعنا المعاش، دائماً "بيرزيت" تخرج قوية وأقوى من أزماتها، وهذا ما على طلابها وكادرها من معلمين الذين أفتخر بهم وإدارة الجامعة أن تعمل على صياغته فوراً، يجب أن تكون "بيرزيت" أولاً لتقول للجسد الفلسطيني نعم نحن نستطيع أن نكون أفضل..... وسنكون أفضل.... سنكون.

mehdawi78@yahoo.com