خبر : اوباما: صدع آخر في الزعامة \ بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي \ اسرائيل اليوم

الثلاثاء 03 سبتمبر 2013 02:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



          كان هذا هو سبت اوباما الاسود. فبعد أن بدأت استطلاعات الرأي العام تشير الى تغيير في التوجه ومنحته في نهاية الاسبوع نحوا من 50 في المائة من دعم اجراء عقوبة محدود مركز في سوريا، أحجم الرئيس عن التحدي وانعطف انعطافة محرجة وذلك برغم أن الخطوط الحمراء التي حددها في المجال الكيميائي لم تشمل أي شرط كموافقة مجلس النواب المسبقة.

          بعد مرور اسبوع خطب قتالية وتصريحات جازمة من قبل "جميع ناس الرئيس"، والتي خطب الخطبة الفصحى فيها وزير الخارجية جون كيري، انتهى شحذ السيوف بقرار على فترة انتظار.

          إن نظام الاسد قد تجاوز حقا وعلى نحو سافر وليس هذا لأول مرة الخطوط الحمراء، ورسم ملف الأدلة الدامغة الذي كتبته المجموعة الاستخبارية صورة لا لبس فيها مقنعة، لكن اوباما استقر رأيه على كف اطلاق النار. وقد أثبت اوباما مرة اخرى وعيون العالم كله متجهة اليه متوقعة أن يُقلع النسر الامريكي آخر الامر، أنه لم يُخلق من المادة التي خُلق منها كثيرون من أسلافه في البيت الابيض.

          لم يُحجم رؤساء سابقون مثل هاري ترومان وجون كنيدي ولندون جونسون وريتشارد نكسون قط عن اتخاذ قرارات صعبة غير شعبية (في المجال الداخلي أو في مجالات العلاقات الخارجية والامنية)، عبرت عن التزامهم بالنهج الامريكي وقيم أمتهم وتراثها وأمن الولايات المتحدة القومي ايضا بالمعنى العام الواسع لهذا المصطلح.

          إن جذور سلوك اوباما المذعور وعدم قدرته على التنفيذ في الوقت المناسب لما التزم أن يفعله على رؤوس الأشهاد تكمن في القيد الايديولوجي القاسي الذي ما زال يُقيد الرئيس الى الآن في مجال فكري وسلوكي ضيق.

          أجل من الصعب على اوباما بل قد يكون من غير الممكن أن يعود في نفق الزمان الى فترة سلفه في البيت الابيض جورج بوش الابن الذي أراد الانفصال عن تركته القتالية.

          يُحجم الرئيس برغم أنه طُرح في جدول العمل اليوم "عملية صغيرة" متواضعة لا تدخل عسكري شامل كما في العراق أو افغانستان، عن كل صلة وجسر الى الماضي قد يُثبت التصور العام عنه بأنه متابع لنهج بوش. وهكذا في حين لم يُحجم رئيس ديمقراطي آخر في الماضي غير البعيد، وهو بيل كلينتون، عن المبادرة الى اجراء عقاب وردع في العراق في كانون الاول 1998 دون أن يُجهد نفسه ألبتة في الحصول على موافقة مجلس النواب (بل وجه بعد ثلاثة أشهر سلاح الجو الى المبادرة الى هجوم برعاية حلف شمال الاطلسي على قوات الرئيس الصربي سلوفودان ميلوسوفيتش)، أُصيب اوباما بالخور حينما طُرح في جدول العمل اجراء يبدو أنه أكثر تواضعا.

          إن طموح اوباما الى عدم السير وحده (أو وحده تقريبا) في طريق التدخل، والحرص على العمل في اطار دولي وأممي يمنح كل اجراء شرعية، هو ايضا علامة على الضعف والتخلي عن السلطة المهيمنة الرئاسية. لأنه ما هي الزعامة إن لم تكن القدرة على رسم طريق حتى في مواجهة كتل معارضة من الداخل والخارج؟.

          وعلى ذلك وبرغم أن الاعتماد على دروس الماضي قد يُنشيء مقارنات مطلقة وشاملة جدا، فانه لا مناص من السؤال المقلق وهو أليس تأجيل لحظة الحسم بالذريعة المريبة وهي ارادة الحصول على تأييد مجلس النواب، أليست تثير ذكريات بائسة من فترة المهادنة في القرن الماضي والتي كانت نتائجها المحتومة كارثية.