في الفيلم الذي يعد نصبا تذكاريا "الطيب الشرير والبشع" يطلق البشع النار من حمام مليء بالمياه ضد مقتحم حاول تصفيته، ويقول بين الرصاص المتطاير من مسدسه: "عندما ينبغي لك أن تطلق النار، اطلقها ولا تهذر!"، هكذا ايضا بالنسبة للامريكيين. لو أنهم ردوا على الفور، حتى وان كان بضربات قليلة، لكان هذا ردعا.
احد ما علمني "لا تدخل في مغامرة ليس لديك فكرة كيف تخرج منها". واوباما يعرف هذا الدرس. درس جرى تعلمه بالعراقية وبالافغانية. كل شيء بدا جيدا في البداية، ولكن التتمة كانت دوما قاتمة واليمة وعديمة الغاية. لا يمكن لاوباما أن يضمن الا يشعل هذا عود الثقاب هذا الشرق الاوسط وهو لا يمكنه أن يضمن الردع، كما لا يمكنه أن يضمن ان يعد الهجوم عقابا. ولهذا فلديه امكانيتان: إما أن ينسى الموضوع أو ان يدفع نظام الاسد الى الانهيار. لا توجد منطقة وسطى. لهاذين الخيارين منطقهما.
الامتناع عن هجوم "صغير" يمكنه أن يوفر ورطة كبرى. مرة اخرى، لو رد على الفور "بضربة صغيرة وبصمت"، لما رمش السوريون. ولكن بعد كل هذا الضجيج، فان الهجوم على ثلاثة مبان، هو أمر يمكن حتى مالطا ان تفعله. من جهة اخرى، يوجد ايضا منطق في أن يقرر اوباما دفع نظام الاسد الى الانهيار. لماذا؟ لانه يبدو أن الاسد يقف وظهره الى الحائط. والدليل على ذلك هو مجرد استخدام السلاح الكيميائي. الاسد ليس غبيا. فهو يعرف ان هذا محظور. يعرف ان عملا كهذا يمكن ان يثير عليه كل الغرب. يعرف ان في هذا مخاطرة هائلة. ولكنه فعل ذلك. بمعنى أنه ما كان لديه خيار. هذا هو سبيله الوحيد للبقاء، واذا كان هكذا – فثمة منطق في قطع "المرحلة الاخيرة" للاسد التي من شأنها أن تجر خسائر زائدة، بل وربما تشعل كل المنطقة في افعال جنون لا تطاق. يبدو أن هذا هو الخيار الاكثر معقولية. وعليه، فمن المجدي لاوباما ايضا أن ينتظر، ان يبني القوة كما ينبغي. انا لو كنت مكان الاسد لدخلت في فزع بالذات بسبب التردد الظاهر للرئيس الامريكي.
من كل هذه القضية يمكن ان نفهم شيئا واضحا واحدا: سواء كان هجوم أم لا، تسرب لسلاح غير تقليدي الى منظمات ارهابية أم استخدام غير مسؤول لمثل هذا السلاح من دولة تتصرف كدولة ارهاب، فان هذه في نظر الامريكيين هي نهاية الطريق. فهم سيفعلون كل شيء كي يمنعوا مثل هذا الوضع.
بذات القدر الذي يفهم فيه الامريكيون بان الوضع الاقليمي غير المستقر من شأنه أن يشكل ثغرة تدعو الحرامي. ولهذا فان عليهم ان يثبتوا المنطقة على حالة استقرار بكل ثمن تقريبا. بمعنى، نحن ايضا، الاسرائيليين، في هذه المعادلة الكبرى، وان لم نكن نقف الان في الدور لتلقي العناية الامريكية.
انكشاف مفهوم الردع الامريكي ليس فقط في السياق الايراني. لنا نحن ايضا الاسرائيليين من المهم أن نفكر بالامر وان نستخلص من هنا ان الامريكيين يقصدون بجدية حين يضغطون لتسوية سياسية من نوع ما بيننا وبين الفلسطينيين. هذا يرتب بذات التسريب والثغرة في الجدار الذي يخيفهم جدا – عن حق من ناحيتهم ومن ناحيتنا ايضا.


