سُمع في دمشق أمس تنفس الصعداء للمهلة غير المتوقعة التي منحها اوباما لبشار الاسد. لم يمر الخطر تماما الى الآن لكن التهديد ابتعد بل إنه قد يزول اذا رفض مجلس النواب الامريكي مثلا أن يوافق للرئيس اوباما على الهجوم على سوريا.
لا يوجد كالسوريين في الشعور بالضعف والتردد وقد أُظهر هذان أمس في واشنطن. لا يريد اوباما أن يخرج للحرب وهو يبحث في واقع الامر عن كل ذريعة تمنعه من ضرب السوريين، وهو قد يجد الكثير من ذلك. ربما لا يفهم بشار الاسد ما هو الحراك السياسي في الدولة الديمقراطية لكنه يفهم الضعف والوهن والتردد فهما كبيرا.
سيستغل اصدقاء بشار وفي مقدمتهم روسيا، المهلة استغلالا جيدا، وربما يستغلها ايضا اصدقاؤه الجدد من اوروبا كالبريطانيين مصلا لمحاولة إتمام صفقات ترمي الى إبقائه في السلطة. اقترح شخص ما فكرة تقديم موعد انتخابات الرئاسة في سوريا التي ستُجرى في السنة القادمة، وكأنه يمكن أن يوجد في الحقيقة حل سياسي للصراع أو يمكن الدفع بالديمقراطية قدما في سوريا الاسد. تبين أن بشار طاغية قاتل على نحو مميز في سنوات الحرب في سوريا. لكن يجب الاعتراف بأنه أظهر تصميما وقوة شخصية بل أظهر برود أعصاب كبيرا لم يؤمن كثيرون بأنه تمتع به. وهو يعتمد على الوقت وقد منحه اوباما أمس وقتا أثمن من الذهب الابريز. فاذا نجح نظامه في تجاوز الحرب الأهلية فسيكون ذلك انتصارا شخصيا لبشار الذي استطاع البقاء خلافا لجميع التوقعات والتنبؤات. وبشار على عكس اوباما لم يُظهر الضعف.
إن طبيعة الحرب في سوريا تعمل في مصلحة النظام السوري، فالحديث عن صراع بين خليط غير متجانس من المتمردين يعوزهم السلاح الثقيل فضلا عن السلاح الجوي، في مواجهة جيش نظامي مسلح بمساعدة بوتين من أعلى هامته الى أخمص قدميه. لكن الحديث فوق كل ذلك في واقع الامر عن مجموعة معارك نقطية تشارك فيها في الأكثر قوات صغيرة من المتمردين والجيش. فالذي ينتصر في هذه الحرب ليس هو الذي سيهزم عدوه بالضربة القاضية بل هو الذي يُظهر قدرة على البقاء وينزف نزفا أقل من عدوه.
يجب على اوباما أن يحذر من أن اجراءاته المترددة والمتلعثمة، والضربة الخفيفة التي ينوي أن يوجهها الى بشار آخر الامر، من أن تعزز الزعيم السوري، لأنه اذا خلص المتمردون في سوريا الى استنتاج أنهم لا يستطيعون اسقاط النظام وأنه لا أحد في العالم حتى ولا اوباما ينوي أن يهب لمساعدتهم فسينتهي التمرد السوري بانتصار النظام. وقد كان جورج بوش قد أجمع على التخلص من بشار لكن بوش مضى وبقي بشار.


