خبر : خطأ الاسد/بقلم: د. عوديد عيران/معاريف 28/8/2013

الأربعاء 28 أغسطس 2013 12:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



الرئيس الامريكي براك اوباما لا يريد ان يهاجم في سوريا. لديه أحاسيس سياسية حادة كما أن دماء مائة الف سوري قتلوا حتى الان لم تجلبه الى ان يأمر الجيش الامريكي بالعمل في سوريا. وضغط وزير الخارجية جون كيري هو الاخر وشيوخ امريكيون ايضا لم تزحه عن رأيه. من سيحظى بالحظوة على النجاح في اقناع اوباما هو بشار الاسد.

من الصعب فهم الاسد الذي نجح في البقاء ثلاثين شهرا في المواجهة مع الثوار، مع معظم الدول العربية ومع قسم هام من دول العالم، يرتكب الخطأ الذي قد يكلفه فقدان حكمه بل وربما أكثر من ذلك. لقد اخطأ صدام حسين مرة واحدة أكثر مما ينبغي حين اجتاح الكويت، ولم يقرأ الخريطة الدولية على نحو سليم. مبارك ارتكب خطأ واحدا اكثر مما ينبغي حين خنق المعارضة في انتخابات 2010 وحاول تتويج ابنه كخلفة. الاسد فعل هذا الان حين لم يفهم الساحة الدولية. قد سلمت هذه بذبح مائة الف سوري بوسائل تقليدية، ولكنها لا يمكنها أن تسلم بقتل 1.500 شخص بسلاح كيميائي. والاسد، بقدر ما يتضح من الادلة المتراكمة، ارتكب الخطأ الواحد الذي يغير الوضع من "محتمل" الى "متعذر".

لا تزال امريكا تعاني من صدمة الحروب المضرجة بالدماء، في افغانستان والعراق. وحتى صدمة فيتنام لم ينفد مفعولها. اوباما يعرف هذا. وهو يقرأ استطلاعات الرأي العام ويفهم ان ربع المستطلعين فقط يؤيدون عملية عسكرية امريكية. وهو يعرف انه لم تعد هناك حروب "خفيفة" تنتهي "بضربة واحدة ونعود الى الديار".

يمكن لاوباما أن يأمر بعملية ذات هدف واحد وواضح – تدمير مخزونات السلاح غير التقليدية التي لدى سوريا. هذا هدف سيبدو شرعيا حتى في نظر الدول العربية وان لم تعرب جميعها عن موافقة علنية. وبشكل مفعم بالمفارقة للاسد ايضا، اذا فهم بانه محكوم عليه ان يتلقى رد فعل ما، فان هناك مصلحة في ان يحصر هذا الرد بهذا السلاح فقط، والا يضرب الجيش وقدرته العسكرية الاساس. وهكذا يستنفد، على الاقل لفترة طويلة، مطلب العمل ضد نظام الاسد او الفرض الاكراهي للقيود على قدرة جيشه الموالي له بالعمل ضد المعارضة. كل ما عليه ان يفعله، اذا ما فهم بالفعل بان هذا هو خط العمل الامريكي، هو ان يأمر جيشه بالا يرد.

كل عملية عسكرية تخرج عن تدمير مخزونات السلاح غير التقليدي من شأنها ان تجر ردود فعل سورية ضد اهداف امريكية في مدى السلاح الذي لدى السوريين. والتشويش في خط العمل المذكور من شأنه أن يجر اسرائيل ايضا الى المواجهة بسبب تفكر مغلوط – مثلما حصل في 1991، عندما اطلق العراق صواريخ سكاد نحو اسرائيل. يحتمل أن يكون هذا هو التخوف الاكبر لدى اوباما، الذي يفهم بان ايضا عملية لا توجد خلفها نية بحسم نتيجة الصراع الداخلي في سوريا، من شأنها أن تتطور الى مواجهة تخرج عن نطاق السيطرة.

لو كان الامر بتحكمه، لرغب اوباما في ان يستخدم النموذج الذي طورته اسرائيل في علاقاتها مع النظام السوري. ففي اطار "قواعد اللعب" ردت اسرائيل، حسب منشورات أجنبية، كلما اجتازت سوريا "خط احمر" وحتى وان لم يتحدد هذا الخط بشكل دقيق من قبل. واستوعبت سوريا هذا الرد انطلاقا من الفهم بان مصلحتها العليا تملي عليها تقليص الاضرار.

في وضع الامور الحالي توجد بالطبع آثار على استمرار معالجة البرنامج النووي الايراني. ولما كان الايرانيون ايضا يفهمون هذا – فانهم سيضغطون على سوريا الا تسمح للولايات المتحدة وشركائها "بالخروج بثمن زهيد" من عملية عسكرية ضيقة. ولروسيا ايضا لا توجد مصلحة للسماح بانتصار امريكي سهل.

وكما أسلفنا: من السهل الدخول الى عملية عسكرية، ولكن من الصعب جدا التخطيط الدقيق لانهائها. حتى اننا لم نبحث في نجاح "كبير" معناه اسقاط الاسد عن الحكم في دمشق.