خبر : البردويل: فتح شطبت المصالحة من قاموسها

الإثنين 26 أغسطس 2013 01:58 م / بتوقيت القدس +2GMT
البردويل: فتح شطبت المصالحة من قاموسها



غزة / سما / ثقته بما بين يده من معلومات ووثائق انعكست على أسلوبه خلال حوارنا معه، فكان كمن وضع النقاط على الحروف بجزمه وتأكيده في أغلب محاور الحديث دون أي تحفظ.

وفي ظل ما تشهده المنطقة من محاولات حثيثة لضرب الإسلام السياسي وانعكاس ذلك على حركة المقاومة الإسلامية فإن بعض الأطراف في حركة فتح تحاول الاستقواء وفرض عضلاتها على حماس، وكان آخر هذا توجيه عزام الأحمد الاتهامات ضد حماس بأنها من تعطل المصالحة مرورا بدعوات إلى خنق القطاع بقطع رواتب السلطة وإغلاق المعبر بصورة كلية وليس انتهاءً بإعلان غزة "إقليما متمردا"!

كان ذلك أبرز ما جاء في حوارنا مع القيادي في حركة حماس صلاح البردويل الذي التقيناه في المكتب الإعلامي للحركة.

وكشف البردويل لـ"الرسالة نت" عن أن كل ما يدور في أروقة حركة فتح عن تهرب حماس من المصالحة نوع من التزوير والتزييف وقلب الحقائق، مؤكدا أن المصالحة شطبت من قاموس فتح اعتمادا على دخولها مفاوضات مع الكيان الصهيوني الذي كان شرطه الأساسي أن تتخلى قيادة المنظمة عن المصالحة.

وأكد القيادي في حماس أن فتح اتكأت في اتهاماتها الأخيرة على ما يجري في مصر، مشيرا إلى أنها استغلت ضرب الإسلام السياسي لجعل حماس معزولة عبر التزوير، "وهي فرصة سانحة كما أخبرهم مستشارون غربيون و(إسرائيليون) للانقضاض على حماس وإنهاء حكم الإسلام في المنطقة العربية"، وفق البردويل.

وقال: "هذه الانتهازية الرخيصة التي يمارسها قادة لا تمت لهم صلة بأخلاق الشعب الفلسطيني وقيمه الوطنية تعتمد على وقائع وهمية"، وأضاف: "يظنون أن حماس سترفع الراية البيضاء وأن ما يحدث في مصر نهاية المطاف وأن بإمكانهم الآن أن يكملوا انقلابهم على الشرعية وأن يستأصلوا الحركة الإسلامية من فلسطين".

وعاد البردويل إلى تفاصيل اتفاق المصالحة وبنوده الخمسة التي كان على رأسها إعادة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإشاعة الحريات من أجل إنشاء حكومة الوحدة الوطنية من مهماتها إشاعة الحريات والتمهيد للانتخابات ورفع الحصار وإصلاح الأجهزة الأمنية على أسس وطنية، "ثم تحديد الانتخابات من الحكومة وإجرائها بصورة متكاملة لتعود الحياة الديمقراطية وتداول السلطة".

البردويل أكد في السياق أن خطوات إتمام المصالحة لم ترق لحركة فتح، منوها إلى أن الأخيرة منذ عام 2005 لم تحدث أي تغيير في منظمة التحرير، "فلا تزال اللجنة التنفيذية القديمة وذات الصلاحية المنتهية هي التي تحكم وتجعل فتح منها وسيلة لتنفيذ أهدافها السياسية"، مؤكدا أن حماس أكثر الأطراف التي دعت إلى المصالحة وتنازلت كثيرا من أجلها.

وعند سؤالنا له: هل ستظل حماس متمسكة بخيار المصالحة رغم كل الاتهامات وتزوير الحقائق من فتح؟، أجاب بثقة: "ستظل متمسكة بالوطن والمشروع الوطني الفلسطيني ولن تخضع لأي ضغوط خارجية تهدف إلى تصفية القضية"، وتابع: "إذا كان المقصود تركيع حماس وإجبارها على أن تجر الشعب إلى التنازل عن الحقوق فهذا لن يحدث على الإطلاق".

وليس بعيدا عن الاتهامات ضد حماس بتعطيلها المصالحة شهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة ترويجا لتهديدات من أطراف في السلطة بإعداد خطة ضد غزة من ضمن أدواتها قطع رواتب الموظفين وفرض الحصار وإغلاق المعبر باستمرار، وهنا بين البردويل أن التهديدات التي تتعلق بالمزيد من الحصار وإغلاق معبر رفح وتحويله إلى بيت حانون نابعة من شعور فتح بأن هناك وضعا صعبا على حماس بعد الانقلاب في مصر، منوها إلى أن فتح تظن بأنه بإمكانها أن تستغل هذا الوضع وتنقض على حماس.

وشدد لـ"الرسالة" على أن فتح أداة من أدوات المخطط الأمريكي في المنطقة، مطالبا إياها بألا تغتر بأمريكا و(إسرائيل)، وواصفا خطتها بالخيانة الوطنية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وفيما يخص إعلان عناصر من حركة فتح قطاع غزة إقليما متمردا شدد البردويل على أن هذا الإعلان (إسرائيلي)، منبها إلى أن إعادة إنتاج هذه الكلمة من فتح أمر خطير.

كما نبه إلى وجود إرادة كبيرة لمواجهة اللعب بالنار من أجل هزيمة أي عزل للقطاع "لأنه جزء من فلسطين"، ووصفها بالخطة (الإسرائيلية) الجديدة التي تنفذ بألسنة فتح قائلا إنها لن تمر.

ولكن الإعلان يؤكد أن أطرافا كثيرة تعتقد أنه يمكن استنساخ التجربة المصرية في القطاع، فكيف ترد عليهم؟، أجاب بحزم: "التجربة المصرية لم تحسم بعد لأن الانقضاض على الديمقراطية خطير وسيولد ردود فعل"، وأضاف: "القضية لا يمكن أن تموت، فلا يكمن أن نقبل الانقلاب، بل علينا هدم المؤامرة".

واتسم أسلوب القيادي البردويل بالساخر خلال المؤتمر الذي عقدته حركة حماس يوليو الماضي لعرض عدة وثائق ومراسلات تثبت تورط حركة فتح بتحريض من قيادة رام الله في محاولة زج اسم المقاومة وحركة حماس في الأحداث الجارية في مصر وتقديم الأخبار الكاذبة إلى الإعلام المصري,

وعند سؤالنا له: ما الجديد لديكم في هذا الجانب، قال: "قريبا سننشر اعترافات بعض قيادات من فتح التي ساهمت في التحريض ضد غزة خلال مؤتمر صحافي ستعقده الحركة ليرى الشعب الكم الهائل من الفساد والمؤامرة التي تمارسها قيادة فتح على غزة والمنطقة".

وأكد البردويل أن الحركة نشرت حوالي 20 وثيقة متتابعة خلال المؤتمر وبعده، لافتا إلى أنها عينة من مئات الوثائق، وأن جزءا منها عزفت الحركة عن نشره لتعلقها بأمور أخلاقية لا سياسية.

وكشف عن وجود وثائق تتعلق بالتجسس على الدول العربية وبخاصة مصر، مشيرا إلى أن فتح ساهمت بدور كبير في عمل استخباري داخل مصر كالتجسس على حزب الحرية والعدالة واختراق ميدان رابعة العدوية ونقل معلومات ولعب على وتر سيناء لمصلحة المنظومة الانقلابية.

ونبه إلى أن السفارة الفلسطينية والأجهزة الأمنية لعبت دورا قذرا في التجسس على المقاتلين في مالي لمصلحة المخابرات الفرنسية وباكستان واصفا ذلك بالعمل الملوث.

المشهد المصري كان حاضرا خلال حوارنا مع القيادي الحمساوي خاصة أن الانقلاب على الشرعية المصرية انعكس سلبيا على القطاع، فكيف تتابع حماس ما يجري في مصر؟، أجاب البردويل: "بحزن شديد وقلق واستنكار بالغ"، وأضاف بحزم: "الانقلاب المصري يأتي أهداف سياسية ملغومة لا مصرية خالصة".

ويشعر البردويل بقلق على ما يجري في مصر مبينا أن هناك استعجالا في محاربة الحركات الإسلامية، وهو كان قد قال في تعليقه على المجازر في رابعة والنهضة إبان فك الاعتصامات: "الانتقال من محاربة الإخوان إلى محاربة الإنسانية بهذه الطريقة البشعة لا يمكن أن ينجح.. لن يستطيعوا قتل الروح الإنسانية".

وفي ظل أزمة العلاقات الخاصة بحركة حماس بعد الثورة السورية والمؤامرة التي يواجهها الإخوان في مصر فإن بعض المراقبين يرون أن حماس عادت إلى المربع الأول في خانة العزلة السياسية، ولكن البردويل أكد لـ"الرسالة نت" أن الحصار ليس عزلة، لافتا إلى أن حصار الحركة الإسلامية ماديا أو سياسيا لمدة معينة لا يعتبر عزلة، ومنوها إلى أن العزلة هي عزلة الجماهير والشعوب وليس الأنظمة.

ونبه البردويل إلى أن حماس تتمتع بحضانة شعبية تمتد من فلسطين إلى الشعوب كافة، مشيرا إلى أن المعزول هو كل من ركن إلى أمريكا و(إسرائيل) في غرف التفاوض المغلقة.

وشدد على أن حماس لم تفقد علاقاتها، قائلا: "هي صدمة يحاولون إحداثها بالتزامن مع الأحداث المصرية، فحماس قوية بما تمتلك من آليات تواصل مع الدول العربية وتأييد شعبي".

الأنباء تضاربت حول الاختلاف في تصريحات الشخصيات داخل الحكومة الفلسطينية فيما يخص عودة الحرس الرئاسي إلى معبر رفح، وفي السياق قال القيادي في الحركة: "بعضهم يصورون أن الحديث عن عودة حرس الرئاسة أمر جديد يدل على ضعف حماس والعزلة التي تواجهها وأنها تتشبث بأي حل من الحلول".

وتابع: "حماس وافقت في المحادثات التي جرت في مصر منذ عام 2009 إبان حرب الفرقان لكننا رفضنا عودة اتفاق 2005 على اعتبار أن يكون المعبر فلسطينيا-مصريا فقط".

وأكد أن عودة حرس الرئاسة إلى المعبر تكون ضمن اتفاق شامل للمصالحة، "وعندما يحدث ذلك ستكون الأمور مهيأة لدمج الأجهزة الأمنية والتعاون والتنسيق عبر حكومة واحدة"، مستنكرا تقزيم الأمور.

وقال: "لا نتحدث عن حرس الرئاسة بالشكل المعزول فلا يمكن الحديث عن عودته خارج إطار المصالحة التي تعني دمج قوات الأمن الفلسطينية وقوات الحرس جزء من هذه المنظومة".

وتساءل: "هل غياب حرس الرئاسة عن المعبر سبع سنوات قلل شأن المعبر وأضعف حماس؟،" مشيرا إلى أن خبراء في الأمن صرحوا بأن المعبر يعمل أفضل من المعابر العربية.

ومن المعروف أن الرصيد الشعبي هو السلاح الأقوى لأي حكومة أو حزب وطني، وفي معرض رد القيادي البردويل على سؤال يقول: هل دفعت الأحداث الحالية حماس إلى الوقوف من أجل التأمل ومراجعة خطواتها؟، أجاب: "بالتأكيد هي حركة شعبية تستمد شرعيتها من صندوق الانتخابات، وقبل ذلك من الحالة الثورية والمقاومة (...) الشرعية الثورية والدستورية تجعلها حركة شعبية تقدم الشعوب على الأنظمة".

وختم حديثه بتأكيد أن حماس حريصة على العمق الشعبي رغم ما تدفعه من ثمن لرفضها المجازر في مصر والانقلاب على الشرعية، "لأنها صاحبة مبدأ"، لافتا إلى أن الحركة لا تكف عن عمل استطلاعات حقيقية تدل على أن شعبتها تزداد، "فقد وصلت في الضفة إلى 60-70% وفي القطاع ربما تكون أقل قليلا رغم كل الضغوط وحالات التشويه المنتظمة التي تمارس ضدها"، وفق البردويل.