خبر : العار للولايات المتحدة \ بقلم: عمير ربابورت \ معاريف

الخميس 22 أغسطس 2013 10:37 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

            (المضمون: يتلوى الامريكيون في ألسنتهم كي يشرحوا لماذا لا يردون على الخرق الفظ من جانب الاسد لما وضعوه من خطوط حمراء باتت ليس فقط مرنة بل ونكتة - المصدر).

            هجوم الغاز ليس مجرد جريمة حرب يرتكبها الجيش السوري، بل وعار للولايات المتحدة. وهاكم الحقائق: الرئيس براك اوباما اعلن عن خط أحمر بموجبه بلاده "لن توافق على استخدام السلاح الكيميائي من الجيش السوري". جيش الاسد "استخف" بالخط الاحمر. في البداية اطلقت صواريخ محملة بسلاح كيميائي بحجم صغير، وعندما سُئل الناطقون الامريكيون بهذا الشأن – ادعوا بانه لا يوجد دليل على أنه تم استخدام للسلاح الكيميائي. حقيقة ان جيش الاسد يستخدم السلاح الكيميائي انكشفت لاول مرة قبل اشهر من قبل رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العميد ايتي فيروف، في محاضرة القاها في مؤتمر في تل أبيب، وعندها انتقل الامريكيون لتبرير لماذا لا يعملون حتى كي يفرضوا اغلاقا جويا فوق سماء سوريا ردا على ذلك: "مثل هذا الاغلاق يكاد يكون غير ممكن بسبب الصواريخ الروسية المضادة للطائرات"، ادعى جنرالات القوة العظمى الاقوى في العالم.

            نتيجة هذا الوهن ظهرت واضحة أمس في صور الفظاعة من ضواحي دمشق: جيش الاسد اطلق هذه المرة السلاح الكيميائي، بواسطة صواريخ، نحو ثلاثة معاقل مختلفة للثوار السوريين. ولا يدور الحديث عن قائد "جن جنونه" بل عن قرار واعٍ للرئيس السوري لجعل السلاح الكيميائي جزءاً لا يتجزأ من ترسانة وسائله القتالية. ولديه سبب وجيه: فقد سبق ان ثبت بان الخطوط الحمراء الامريكية ليست فقط مرنة – بل نكتة.

            ذروة السخرية هي أن الاسبوع الماضي فقط تقرر في الامم المتحدة ارسال وفد ينطلق للبحث في ارجاء سوريا عن ادلة على استخدام السلاح الكيميائي "بالتنسيق مع النظام". لا شك لدى أحد بان النظام سيأخذ الوفد الى المواقع التي لا يوجد فيها أي ذكر للسلاح الكيميائي، وليس الى الاحياء التي هوجمت أمس. وماذا عن الولايات المتحدة؟ سيتلوى الناطقون بلسانها في الايام والاسابيع القادمة في التفسيرات لماذا لا ترد على الاطلاق على الاستخدام المكثف لغاز السارين.

            الحقيقة هي أن الولايات المتحدة مردوعة من روسيا، التي تلاحظ الضعف الامريكي وتريد أن تستعيد ايامها كقوة عظمى عالمية. ويهدد الروس بانه اذا فرضت الولايات المتحدة واوروبا حظرا جويا على سوريا، فانهم سيتدخلون في القتال بطريقة فظة اخرى: سيزودون الاسد بصواريخ مضادة للطائرات متقدمة من طراز اس 300. وخلافا للولايات المتحدة فان روسيا تثبت بانها تدعم حلفاءها حتى النهاية (حتى عندما يكونون حالة شبه ضائعة، مثل بشار الاسد).

            المشكلة هي ان الضعف الامريكي هو مشكلة عويصة من ناحيتنا. فعملية التدهور في مكانة الولايات المتحدة بدأت تنال الزخم منذ بداية 2011، عندما خان اوباما الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك (هكذا اعتبر في عيون عربية). والان ايضا يتفجر الجنرالات المصريون من أن الولايات المتحدة لا تعطيهم اسنادا كاملا في مواجهة "الهجمة" الاخوانية ولعدد لا حصر له من محافل القاعدة.

            وكلما تخبطت الولايات المتحدة في الجدالات الداخلية وفي مشاكلها الاقتصادية – هكذا تذوب "كلمتها" في نظر اللاعبين الرئيسيين في المنطقة وفي العالم. اسرائيل التي وضعت كل رهانها على قوة الامبراطورية الامريكية لا بد ستدفع غاليا على هذا الضعف.