خبر : الشراكة الإسرائيلية في الملاحقة الأمنية للجماعات في سيناء ..اطلس للدراسات

الأربعاء 14 أغسطس 2013 12:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
الشراكة الإسرائيلية في الملاحقة الأمنية للجماعات في سيناء ..اطلس للدراسات



المشهد المصري خاصة والعربي عموماً هو مشهد أمني تغيب عنه السياسات، وهو الى حد كبير تعبير عن اشتباك الفوضى وانفلات العنف وضبابية تخفي خيوط المشهد وتجعله أكثر اضطراباً وتداخلاً وتعقيداً، وإن كان العنف هو التعبير المكثف عن السياسة عند تأزم الحالة السياسية، فإننا لا نرى هنا - جهة - سوى اسرائيل التي هي وحدها على ما يبدو من يمتلك الخطط والسياسات ويحتكر الإمساك بخيوط المشهد الأمني في التوظيف السياسي.

لذلك فليس من الغرابة بمكان أن تكون اسرائيل وحدها القادرة على امتطاء ظهر النمر (حالة الانفلات والتفكك) وتوجيهه الوجهة التي تخدم مصالحها، فتحول الربيع العربي من مخاطر إلى فرص، مما جعلها وحدها في المنطقة تقف مستقرة ثابتة، بل وتجني المزيد من المكاسب لم تكن في وارد حساباتها سابقاً، فالحالة السورية – فضلاً عن كل المكاسب السياسية والأمنية لإسرائيل – جعلت من اسرائيل ممراً برياً لأسطول نقل البضائع التركي والأردني، الذى ينقل السلع والخدمات يومياً بين عرب آسيا وتركيا، في حالة من التطبيع المواصلاتي البعيد عن الأعين، وربما سيشكل تدريجياً جسراً لإدخالها لمنظومة المصالح العربية الشرق أوسطية.

كما ان حالة الاضطراب الأمني في سيناء شكلت لها مدخلاً قوياً لتغدو جزءاً مهماً من منظومة أمنية، وشريكاً مهماً في صنع وتنفيذ السياسات الأمنية في سيناء، وليس أدل على ذلك من عملية القصف الغامضة التي أسفرت عن قتل مجموعة من المسلحين على أرض رفح المصرية عندما كانوا يستعدون لإطلاق صواريخ، فإن كانت اسرائيل من قامت بعملية القصف فهي تعتبر العملية الأولى من نوعها منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، حسب المعلق العسكري الاسرائيلي رون بن يشاي، وتشير الى مستوى عميق وخطير في التدخل الاسرائيلي في أحداث سيناء.

صحيح أن الجيش المصري نفى أي دور لإسرائيل في عملية القصف، لكن بيان الجيش يقف وحده يتيما أمام شهادات أخرى تؤكد على الدور الاسرائيلي من بينها تصريحات مصادر عسكرية مصرية قبل نفي الجيش، وافادات شهود عيان على أن القصف تم بواسطة طائرة بدون طيار، وهو ما لا تمتلكه مصر، بالإضافة لبيان تنظيم (المجاهدين) الذى أكد أن اسرائيل هي من قصفت عناصرهم عندما كانوا يهمون بإطلاق صواريخ باتجاه أراضي فلسطين المحتلة، كما أن اسرائيل لم تنفِ علاقتها بالعملية، وفى تحليلنا لمجريات العملية وحيثياتها نعتقد أن الامن المصري كان قد امتلك معلومات أمنية من واقع التحقيقات مع من تم اعتقاله من مجموعات المسلحين تفيد أنهم ينوون قصف مدينة ايلات، فقاموا بإبلاغ الاسرائيليين بالأمر، وهذا ما تؤكده المصادر الإسرائيلية، الذين قاموا بدورهم بالاستنفار واغلاق مطار ايلات، وهنا نعتقد أن غرفة العمليات الأمنية المشتركة للجانبين دخلت في ما يسمى بالملاحقة الأمنية المشتركة والتنسيق العالي الذي قد يصل (بحكم الظروف الأمنية الصعبة في سيناء، وبحكم محدودية القوات العسكرية المصرية فيها، وبحكم حساسية نجاح المسلحين بالمس بالمصالح الأمنية الإسرائيلية) الى حد المشاركة وتبادل الأدوار في اطار الفريق الواحد لمهمة محددة، وربما توصل هذا الفريق الى تحديد موقع المسلحين، ولأن الأمر يحتاج الى سرعة ودقة في إنجاز مهمة القضاء على المسلحين، فقد أنيطت المهمة بمن يمتلك الإمكانيات، الذى هو طبعاً الطرف الإسرائيلي.

هذا السياق التحليلي هو ربما الذي دفع وزير الحرب يعلون الذي أراد حسبما قال ان ينفي الاشاعات والتكهنات المتعلقة بالجهة التي نفذت القصف، لأن يكتفي فقط بتصريح مقتضب أكد فيه على احترام اسرائيل لسيادة مصر على سيناء، وأغدق المديح على نشاط الجيش المصري في سيناء، ولو أراد يعلون أن يفسر أكثر احترامه لسيادة مصر على سيناء لقال ان أي عمل تقوم به اسرائيل على أراضي سيناء بالتنسيق والموافقة المصرية المسبقة لا يعتبر خرقاً للسيادة المصرية. وعن احترام اسرائيل لسيادة مصر على سيناء اسألوا الفلسطيني أبو ريدة الذي اختطف من سيناء ويحاكم اليوم في المحاكم الإسرائيلية، واسألوا المسلحين عن عمليات الاغتيال الغامض في وسط سيناء، ولماذا لم نسمع احتجاجاً مصرياً على ذلك.

انها المنظومة الأمنية الثلاثية المصرية الإسرائيلية الأمريكية التي سبق وتحدثنا عنها أكثر من مرة، منظومة أرادت اسرائيل منذ اتفاقية كامب ديفيد أن تفرضها على مصر، لكن مبارك كان يقاوم الطلب الاسرائيلي ويحصر الدور الاسرائيلي فقط بما حددته ملاحق كامب ديفيد الأمنية، لكن هذا الرفض ضعف تدريجياً مع ازدياد الفلتان الأمني في سيناء، واليوم يقف الأمن المصري بلا حول ولا قوة أمام المطالب الإسرائيلية، لا سيما أن مصر مضطرة للحصول على موافقة إسرائيلية مسبقة قبل أن تقوم بتحريك ونقل وزيادة قواتها في سيناء.

أهداف اسرائيل من خلف الحرب المشتعلة في سيناء تبدأ باستنزاف الجيش المصري وتوريطه في حرب يضطر فيها لتعزيز علاقاته بإسرائيل وقبول تدخلها و"مساعدتها"، وصولاً الى تهديد مجرى قناة السويس للملاحة الدولية واستبدال ذلك بخط ايلات أسدود، ووصولاً الى ظروف تؤدى الى سلخ سيناء عن مصر ونشوء كيان ضعيف بين مصر وإسرائيل، يكون في حالة نزاع مع مصر وتحالف مع اسرائيل.