خبر : أصبحت اسرائيل ثنائية القومية\ بقلم: موشيه آرنس \ هآرتس

الثلاثاء 13 أغسطس 2013 12:56 م / بتوقيت القدس +2GMT



            الى أين سيحملنا التفاوض الذي يدفع به جون كيري قدما؟ إن هدفه المعلن هو ان يفضي الى انشاء تسوية سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين – فتح وحماس ومجموعة من المنظمات الجهادية. ويدرك كل من ينظر الى الشرق الاوسط بصورة واقعية أن هذه مهمة غير ممكنة في الفترة الحالية. لكن شيئا واحدا مؤكد وهو أنه اذا تم احراز اتفاق نتاج هذا التفاوض فان مساحة الارض التي تسيطر عليها اسرائيل ستكون أقل كثيرا. وستعود لتنطوي في حدود كانت تحيط بها قبل أن تهاجَم في حرب الايام الستة. وقد قال آبا ايبان عن هذه الحدود حدود الرابع من حزيران 1967: "إن خريطة حزيران هي بالنسبة إلينا تساوي الخطر وعدم الأمن. ولست أبالغ بقولي إن فيها ما يُذكرنا بأوشفيتس".

            من الواضح ان تسيبي لفني التي أرسلها بنيامين نتنياهو للمفاوضة في مستقبلنا لا تشارك آبا ايبان في رؤياه الاستراتيجية. وقد تكون مؤمنة بالسخافات التي تقول إن "الارض ليست مهمة" في عصر الصواريخ. لكن الارض أهم اليوم مما كانت دائما في الماضي. فهناك خطر في اقتراب صواريخ صغيرة قصيرة المدى يصعب الكشف عنها وتدميرها، من مراكزنا السكنية. وفيما يتعلق بالصواريخ الكبيرة ذات المدى البعيد ايضا فان تضييق مساحة الارض خطأ ايضا.

            إن قولنا صغير يعني أنه هش ومُعرض للخطر ويوحي بالضعف، فالصغير يمكن أن يُقصف وأن يُغزى وأن يُدمر. قال دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الامريكي السابق، ذات مرة: "اذا كنا نعلم شيئا ما فهو حقيقة أن الضعف مُغرٍ". واسرائيل المصغرة ستوحي بالضعف وتشجع عدوان الارهابيين وقوات مسلحة وجهات تمتلك سلاحا ذريا على العدوان عليها. ولن تُجدي في الأمد البعيد أية ترتيبات أمنية أو اتفاقات نزع سلاح.

            إن المثال الجيد على التأثيرات الاستراتيجية لتضييق مساحة الارض هو نقل سيناء الى مصر في اطار اتفاق السلام في 1979، الذي صغّر مساحة الارض التي كانت اسرائيل تسيطر عليها بمقدار ثلثين. وفي هذه الحال كان هناك داعٍ الى اعتقاد أن تنشأ علاقات سلمية بين اسرائيل ومصر مقابل التنازل عن الارض – وهو اعتقاد ضعضعته الأحداث الاخيرة في القاهرة بقدر ما؛ لكن التأثيرات الاستراتيجية لتصغير مساحة الارض التي تسيطر عليها اسرائيل اتضحت تماما في السنوات الاخيرة منذ أمكن أعداء اسرائيل أن يحرزوا سلاحا ذريا. فقد أصبحت اسرائيل بغير سيناء هدفا في حال هجوم ذري وإغراءً.

            تريد لفني الآن أن تنهي العمل وان تقتطع 6 آلاف كم مربع اخرى من المناطق التي تسيطر عليها اسرائيل وأن تُسلم يهودا والسامرة الى أيدٍ لا يمكن الاعتماد عليها، وأن تُقرب الصواريخ من تل ابيب. وهذه وصفة مؤكدة للعدوان على اسرائيل.

            كيف يمكن ان نفسر هذا الانطلاق الخطير الى الكارثة؟ أُصيبت لفني، وليست هي وحدها، بوسواس يؤمن المصابون به بأنه يجب عليهم ان يمنعوا بأي ثمن نشوء دولة ثنائية القومية؛ وأنه لا يجوز ان يُضاف حتى عربي واحد الى المواطنين العرب الذين يسكنون اسرائيل؛ وأنه فُرض عليها مهمة ان تحمي "الدولة اليهودية الديمقراطية"؛ لأنه اذا لم تقتطع الـ 6 آلاف الكيلومتر المربعة هذه من مساحة الدولة واذا لم يُقتلع عشرات آلاف الاسرائيليين من بيوتهم "فستكف اسرائيل عن كونها دولة يهودية أو تكف عن كونها ديمقراطية". وهذا هراء. ويبدو أن الموت في نظرها أفضل من الدولة الثنائية القومية.

            لقد أصبحت اسرائيل دولة ثنائية القومية يحيا فيها مواطنون يهود وعرب، والتحدي الماثل أمامنا هو إدماج المواطنين العرب في المجتمع الاسرائيلي. إن اضافة اراضٍ من ارض اسرائيل الى دولة اسرائيل ليست تحديا لا تستطيع الديمقراطية الاسرائيلية مجابهته. وفي مقابل ذلك فان تضييق مساحة اسرائيل سيُعرض مستقبلها للخطر.