بدأت المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وبرعاية أميركية مباشرة، في الدوران النشط والجدي، بعيداً عن وسائل الإعلام والدعاية، ما أفسح في المجال، للتخمينات والتوقعات والتسريبات الموظفة أمنياً وسياسياً في الترعرع والانتشار على صفحات الصحف، والمواقع الإلكترونية. المفاوضات بدأت، كما هو مخطط لها، في تناول الأمور، والتداول بها، دون الإفصاح عما جرى في الغرف المغلقة.
الطرفان الأساسيان في تلك المفاوضات، الفلسطيني ـ الإسرائيلي، حريصان، الحرص كله، على التوصل إلى نقاط اتفاق مركزية، وسط هذا التباعد العميق والخطير في المواقف. الولايات المتحدة، ترى في التوصل لاتفاق، فلسطيني ـ إسرائيلي، جديد، نصراً مؤزراً لجهودها الدبلوماسية، وتكريساً لوجودها وبقائها في الشرق الأوسط.
لعلّه من الأجدى والأنجح، أن تبقى هذه المفاوضات سرّية، وبعيدة عن وسائل الإعلام، وحصر التصريحات بشأنها، بشخص وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. من حق الشعب الفلسطيني، أن يطمئن على وضعه ومستقبله، حتى إبّان تلك المفاوضات.
ما سبق تلك المفاوضات، من تصريحات رسمية فلسطينية، جاءت عَبر بيانات اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، وعبر تصريحات أدلى بها الرئيس محمود عباس، كانت كافية، بأن لا نية للفلسطينيين أن يتنازلوا قيد أنملة، عن ثوابتهم السابقة، خاصة تلك المتعلقة بالحدود، لكن تجديد تلك التصريحات، بين فترة وأخرى سيجعل الشارع الفلسطيني، أكثر اطمئناناً، خاصة وأن هذا الشارع، بات يتعرض، لموجة من الدعاية المحبطة، تخوضها أطراف فلسطينية للأسف، وتبشر بفشل المفاوضات الجارية، وبمستقبل مظلم أسود، ينتظر الفلسطينيين.. وبموازاة ذلك، دأبت وسائل الإعلام الإسرائيلي، على تعزيز هذا الخط الفلسطيني العدمي، عَبر سيناريوهات تضعها، ومعلومات تسربها، وكأننا قادمون لا محالة، إلى حالة احباط.. نفقد خلالها كياننا السياسي والوطني.
لا بد من دراسة هذه الحالة الجديدة، التي سترافق المفاوضات الجارية، خلال الشهور القليلة القادمة، وبالتالي، وضع الخطط الإعلامية، لتحصين وضعنا الداخلي ـ الذاتي، بعيداً عن التأثيرات الجارية، في الداخل الفلسطيني، وما يحيط به.
علينا أن نتوقع مفاجآت غير سارة، خلال الفترة القادمة، إبّان المفاوضات الجارية، وهذا ما يتطلب بالضرورة، الاستعداد له، عَبر خطط إعلامية ودعاوية مدروسة، لعدم الانزلاق، في حالة، هي أشبه بالحالة التي عشناها، بعد الإعلان، عن الاتفاق الفلسطيني ـ الإسرائيلي 1993.
الأمور تجري في غاية السرّية، وهذا ما يساعد على خلق أجواء، من السهل أن تنتشر بها، التسريبات والبالونات الإعلامية على مختلف ألوانها.
لا تكفي السرّية، كسبب في إنجاح المفاوضات لا بد إلى جانب السرّية، من خطط إعلامية علمية ومدروسة توازيها وترافق حركتها!.


