خبر : من هنا رب البيت \ بقلم: عاموس غلبوغ \ معاريف 5/8/2013

الإثنين 05 أغسطس 2013 12:43 م / بتوقيت القدس +2GMT



       بعد اسبوع تتحرر من السجن الاسرائيلي الدفعة الاولى من القتلة الفلسطينيين. السؤال الواسع المطروح هو: لماذا اختارت اسرائيل تحرير 104 قتلة فلسطينيين كشرط لازب للفلسطينيين لبدء المحادثات معهم؟ السؤال الموضعي والاهم هو: هل بين هؤلاء القتلة يوجد ايضا 14 مواطنيا اسرائيليا يحملون الهوية الاسرائيلية؟

          أمام حكومة اسرائيل كانت عمليا ثلاثة شروط من الفلسطينيين لبدء المحادثات. وقد ضغط عليها الامريكيون (الذين كرروا علنا، وعلى رأسهم اوباما، بان المحادثات ستبدأ دون اي شروط، مثلما تطالب اسرائيل) لدرجة أنه كان عليها أن تختار  شرطا واحدا كي لا تتهم لا سمح الله في العالم "المتنور" كـ "رافضة سلام"، فتحظى بموجة شجب وربما بأزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة. تعالوا لنرى ماذا كان الاعتبارات والتقديرات على أدت الى اختيار حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو.

          الشرط الاول: أن تبدأ المحادثات عن أساس خطوط 67. هنا يدور الحديث عن قيمة عليا تتعلق بالامن، فضلا عن المسائل القانونية والسابقات. واضح أن حكومة نتنياهو لا يمكنها أن توافق على ذلك، وبرأيي في هذه النقطة تصرفت على نحو سليم.

          الشرط الثاني كان تجميد البناء في "المناطق" بشكل جارف على مدى فترة المفاوضات. وهنا وقف نتنياهو أمام اعتبارين: الاول هو الاعتبار الحزبي المتمثل باعتراض البيت اليهودي، محافل في الليكود وكل اللوبي الهائل للمستوطنين ومحبي الدولة ثنائية القومية. الاعتبار الثاني هو قيمة "بناء البلاد" وكل ما ينطوي عليه ذلك. ولهذا فقد رفض نتنياهو هذا الشرط.

          برأيي، هذا هو جذر المشكلة. لماذا؟ لان الحكومة عمليا تجمد منذ الان البناء دون أن تعلن عن ذلك. وربما الاهم من ذلك: تجميد البناء (باستثناء الكتل) هو، برأيي على الاقل، حاجة ملحة حقا كي لا نصل الى لحظة يكون فيها من غير الممكن الوصول الى أي تسوية، بما في ذلك التسوية احادية الجانب: فالمستوطنات هي التي تخلق لاسرائيل المشكلة في الرأي العام الغربي؛ وتجميد المستوطنات هو التجسيد الافضل على أن حكومة نتنياهو مستعدة حقا لان تسير نحو التسوية، مهما كانت فرصها ضئيلة. وبشكل عام، لا يدور الحديث عن مس متواصل ودائم لقيمة "بناء البلاد"، بل عن شيء مؤقت. حكومة نتنياهو سبق أن جمدت قبل أربع سنوات البناء على مدى عشرة اشهر والسماء لم تسقط.

          على هذه الخلفية فان الاختيار بين الشروط الثلاثة وقع على تحرير القتلة. كان هذا قرارا واعيا. الرعب السياسي لنتنياهو وقيمة اسكان أرض الاباء والاجداد تغلبا على سلسلة من القيم المرتبط بمكافحة الارهاب الاجرامي، السيادة، شرف المغدورين واحترام الثكل. والامر اخطر بأضعاف في نظري اذا كان في قائمة القتلة يوجد ايضا مواطنون اسرائيليون. ليس عندما يقينا مطلقا في أن هكذا هو الامر، ولكن مجرد حقيقة أن حكومة اسرائيل أعلنت، والكل سمع، بان بالنسبة لتحرير القتة العرب من مواطني الدولة ستجري نقاشا خاصا لغرض اتخاذ القرار – تدل على أنهم ضمن القائمة وان كانوا آخر من سيتحرر.

          يوجد بالطبع متذاكين يقولون انه في كل الاحوال لن يتحرروا لان المحادثات ستتفجر، واذا كان اتفاق – فعدها على اي حال سيتحرر الجميع. وبشكل عام، من أجل أمر كهذا ليس مجديا الدخول في ازمة مع الولايات المتحدة. هذه ترهات. ولا، نحن بايدينا خلقنا واقع أزمة محتملة مع الولايات المتحدة في أننا لم نوافق على تجميد البناء. ولكن المهم هنا هو المبدأ المخجل الذي قررته حكومة اسرائيل: عرب اسرائيل الذين هم داخل دولة اسرائيل هم عمليا بمسؤولية م.ت.ف والسلطة الفلسطينية العاملة بتكليف منها. دولة اسرائيل اعطت شرعية لـ م.ت.ف كي تمثل العرب من مواطني الدولة. وبالكلمات الاكثر بساطة، في تثبيت هذه المبدأ تخلت اسرائيل عن صلاحيات صاحب السيادة، عن صلاحيات "رب البيت". وكل هذا من أجل عدم تجميد البناء لزمن محدد؟