خبر : مغزى الوساطات الدولية ....فراج اسماعيل

الإثنين 05 أغسطس 2013 02:13 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مغزى الوساطات الدولية ....فراج اسماعيل



 وساطات الاتحاد الأوروبي ونظيره الإفريقي بالإضافة إلى واشنطن وألمانيا لحل الأزمة المصرية تعني شيئًا واحدًا، أن خارطة 3 يوليو لم تصبح أمرًا واقعًا، وأن الحسم لم يحدث كما يردد الإعلام المصري المتحالف مع السلطة المعينة بقرار عسكري، ومرسي لا يزال رئيسًا شرعيًا في نظر العواصم الكبرى وإفريقيا ما دام لم يتنازل أو يتنحى. أي وساطة تعني الاعتراف بوجود طرفين بغض النظر عن قوة أيهما وسيطرته على الشارع. 

والوساطة في حد ذاتها تبرهن على أن الرأي العام العالمي غير مستعد لقبول حل أمني لأزمة سياسية، فذلك ليس من طبيعة الديمقراطيات ولا يتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان وقيم الحريات. زيارة كل من كاثرين آشتون ووفد الاتحاد الإفريقي للرئيس مرسي في معتقله، يؤكد أنه لا يزال رقمًا مهمًا في تلك الأزمة ولا يمكن استبعاد التفاوض معه، وهذا يوضح أنه صاحب قرار ولم يكن يتلقى أوامر من مكتب الإرشاد لتنفيذها كما عملت الآلة الإعلامية الجبارة على ترسيخه، وكلمته ستكون فاصلة دون حاجة لتعليمات خيرت الشاطر أو محمد بديع. من الواضح أن 3 يوليو لم يقلب النظام المنتخب فقط، بل قلب ما ظنه كثيرون أمرًا لا جدال في صحته، أبرزها أخونة مفاصل الدولة، فأين هي؟ ولماذا لم يعثر عليها الانقلابيون مثلما لم تعثر أمريكا على الأسلحة النووية في العراق عقب غزوها وإطاحتها بصدام حسين؟! بسبب الحملات الإعلامية عن الأخونة، ظننا أن التراب الذي نسير عليه والماء الذي نشربه صارا متأخونين..

 وعندما حدثت الإطاحة بمرسي رأينا مفاصل الدولة كلها تابعة للنظام القديم الذي تحالف مع جبهة الإنقاذ في معركته ضد حكم الرئيس مرسي، وانتهت القصة كلها لصالحهم ببيان الفريق السيسي. السلطة المعينة لم تعثر حتى الآن على دليل واحد على الأخونة بما فيها الوزارات التي اتهمت بشدة كالتعليم والتعليم العالي، ولم يستخرجوا صفحة إخوانية واحدة من المناهج على عكس ما كان يروج له إعلامهم وتنفخ فيه البرامج الحوارية التي لعبت الدور الأكبر في التهييج والتحريض. البنزين والسولار والكهرباء، وهي سلع استخدمت لتسويد صورة مرسي وتهييج الشارع ضده، خصوصًا قبل 30 يونيه بأيام وإلى إعلان عزله يوم 3 يوليو، حيث كانت الطوابير تمتد لأكثر من كيلو مترين أو ثلاثة، وربما أكثر أمام محطات البنزين والسولار، والكهرباء كانت تنقطع عن القاهرة والمحافظات أكثر من مرة يوميًا وأيامًا كاملة في القرى والمدن النائية. كل تلك الأزمات انتهت مع الحرف الأول لبيان السيسي، كأن السماء أمطرت فجأة بنزينًا وسولارًا وكهرباء، بل احتفظ وزيرا البترول والكهرباء بمنصبيهما في حكومة حازم الببلاوي! 

إذا كان جزء كبير من الرأي العام المصري تم خداعه، فالعالم من حولنا أكثر إدراكًا للعبة السياسة التآمرية، ويعرف أن الحشود مهما كان حجمها لا تكفي، وحقيقة الأمر أن طرفًا ثانيًا كان يتصارع على الحكم مع طرف وصل إليه عبر انتخابات نزيهة، وفي النهاية دخلت قوة ثالثة تملك عوامل الترجيح فحسمت الأمر للطرف المعارض. من هنا فالقصة لم تنته والأزمة مستمرة لا حل لها إلا بالتفاوض والمبادرات والاعتراف بوجود طرف ثان لا بد من الجلوس معه وليس إقصاؤه والتقليل من قيمته واعتباره أقلية في استعلاء قائم على وهمية الحشود. لذلك يستميت إعلام السلطة المعينة في التحريض على اقتحام اعتصامى "رابعة العدوية ونهضة مصر"، حتى يقلب الطاولة على الوساطات الدولية الحثيثة، لإقناع الطرفين بالجلوس على مائدة التفاوض.

 انتهى زمن اللاءات الصارمة المانعة وإملاءات المنتصرين.. لا منتصر في الأزمات السياسية والمهزوم الأكبر هو مصر إذا قوبلت المبادرات بالشروط المسبقة وسياسة فرض الأمر الواقع. كل شيء قابل للتغيير للمرور من عنق الزجاجة الخانق، وأول ذلك خارطة السيسي التي يمكن تصويبها بخارطة جديدة يتم التوافق حولها بشرط إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ووقف حملة الاعتقالات المستمرة والاتهامات المفبركة، وأول من يجب إطلاق سراحه هو محمد مرسي، فمن العار أن يخطف رئيس ويخفى في مكان سري بمجرد عزله من منصبه، لدرجة أن بعض الصحف كتبت أن الأجهزة الأمنية اطمأنت على أن كاثرين آشتون لم تعرف موقع اعتقال مرسي عندما التقته! farrag.ismail@yahoo.com