أشتاق الى أن أرى كريم وماهر يونس ووليد دقة وكل السجناء الـ 14 العرب الاسرائيليين السجناء منذ قبل اتفاقات اوسلو يُفرج عنهم. أنا أعرف دقة مثلا وأعلم جيدا مبلغ عظم الظلم في استمرار سجنه.
لن يكون الافراج عنه وعن رفاقه يوما صعبا فقط بل يوم عيد ايضا – لهم ولأبناء عائلاتهم، وللعدل والمساواة في الأساس.
لا توجد مظالم كثيرة اسوأ من استمرار سجنهم. ولا يوجد تمييز أكبر من التمييز الواقع عليهم. فبعد ثلاثين سنة (إبنا العم يونس) وبعد 27 سنة (دقة)، حان وقت الرحمة والانسانية لهما ايضا. وقد حان وقت حريتهما (منذ زمن).
يوجد كل شيء في النقاش العام في الافراج عن السجناء الفلسطينيين ما عدا عنصر الرحمة والانسانية. فاللاانسانية تبلغ ذروتها هنا: كلهم قتلة، وهم غيلان بشرية مع دم على الأيدي، ولا يهم ما الذي فعلوه وكم قضوا في السجون، ولا يهم ما الذي فعله أبناء شعوب اخرى ناضلوا عن حريتهم وعن اعتقادهم ومنهم أبناء شعبنا، الارهاب اليهودي قبل 1948 أو مخربون مستوطنون بعد ذلك. إن حملة التحريض على السجناء الفلسطينيين موجهة بصورة جيدة، فهي ترمي الى تذكير الاسرائيليين بأن الفلسطينيين ليسوا بشرا. وحينما يكون الحديث عن سجناء يكون من السهل جدا تأجيج هذه المشاعر السافلة.
إن الافراج عنهم سيؤلم أكثر أبناء عائلات ضحاياهم. وهذا طبيعي ومفهوم وحق. لكن ليس الضحايا هم الذين يبتون الحكم في دولة قانون. إن العائلات الثكلى تُستعمل في معركة التحريض على السجناء الفلسطينيين وسيلة فقط لتهييج الغرائز. وفي هذا الجوق مكان لصوت واحد فقط هو صوت المعارضين، بل إنه لا مكان فيه حتى للعائلات الثكلى التي تعتقد اعتقادا مختلفا – ويوجد مثلها. ولا يجوز ان نُذكر بأن للقاتلين ايضا حقوقا وبأن للسجن المؤبد حدودا وبأن المجتمع يُقاس بعلاقته بسجنائه وأنه يجب ان يُظهر قدرا من الرحمة والانسانية مع السجناء ايضا. لكن الجوق الاسرائيلي يصرخ معترضا بعضه بسبب مشاعر أصيلة وبعضه بسبب تقديرات غير جدية – تقديرات شهرة أو إظهار "أنظروا الينا" أي ثمن ندفع لأجل السلام نحن الباحثين الكبار عنه.
قد يكون بين السجناء من لا يستحقون الافراج عنهم. لكن كان يجب الافراج عن أكثرهم منذ زمن. لكن المعركة العامة تجرف الجميع الى رزمة كراهية واحدة وتبلغ ذروتها موجهة على السجناء من مواطني الدولة. فقد أوجدت اسرائيل لنفسها محظورا آخر.
قد نفهم الغضب المميز الموجه على مواطني الدولة الذين انضموا الى نضال شعبهم لدولتهم. لكننا اذا حكمنا عليهم بحكم يختلف عن اخوتهم الفلسطينيين في محاولة اسرائيلية اخرى من "فرّق تسد" فانهم يستحقون المساواة بالسجناء الامنيين اليهود. فاما أن يكون حكم واحد للسجناء الفلسطينيين وعرب اسرائيل وإما ان يكون حكم واحد للسجناء الامنيين الاسرائيليين اليهود والعرب. ولا يوجد لعرب اسرائيل لا من هذا ولا من ذاك.
لم يخرج دقة في اجازة واحدة مدة 27 سنة. وحينما كان أبوه يحتضر لم يُسمح له حتى بأن يودعه بالهاتف. لا يوجد سجين يهودي آخر تكون هكذا عقوبته وسلب حقوقه. أُدين دقة باختطاف جندي وقتله، وأُدين عامر بوبر بقتل سبعة عمال. ويخرج بوبر في اجازات لأنه يهودي فقط. وقد أُفرج منذ زمن عن يورام شكولنك الذي قتل فلسطينيا مقيدا. واحتاج دقة الى سنين الى ان تفضلوا بتحديد مدة عقوبته بـ 37 سنة، واحتمال اقتطاع الثلث منها صفر، بل إن يغئال عمير حظي بالاجتماع بزوجته ولم يُفعل ذلك بدقة لأنه عربي فقط.
توجد الآن فرصة للاصلاح. إن الافراج عن الـ 14 الذين قضوا جميعا أكثر من عشرين سنة سجن ليس عمل عدل معهم فقط بل هو الخطوة الصحيحة ايضا نحو المجتمع العربي في اسرائيل الذي يرى تمييزه في السجون ايضا. أفرجوا عنهم ايضا من فضلكم لا بسبب ضغط امريكي فلسطيني بل لأن هذا هو العمل الانساني الذي ينبغي فعله.


