خبر : سقوط حكم "الإخوان": "حماس" في مهب الريح ..بقلم: أشرف العجرمي

الأربعاء 31 يوليو 2013 11:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
سقوط حكم "الإخوان": "حماس" في مهب الريح ..بقلم: أشرف العجرمي



لم يعد من الممكن عودة حركة "الإخوان المسلمين" للحكم في مصر مهما فعلوا ولو حتى ظلوا في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة لسنوات، وسيروا مظاهرات يومية تطالب بعودة مرسي و"الشرعية" للحكم.

ولو مارسوا كل أشكال الاحتجاج أو العنف. فعجلة التغيير تمضي قدماً والعالم كله يقر الآن بما حصل والجميع بانتظار الانتخابات القادمة في مصر، و"الإخوان" لا يملكون سوى المشاركة في الانتخابات القادمة لو أرادوا علهم يحصلون على حصة معقولة من التمثيل في البرلمان، ولكن هذا لا يلغي ذهاب قسم من قياداتهم للسجن بتهم مختلفة. وقد يكون المخرج المناسب للجميع التوصل إلى مصالحة وطنية قد تخفف من تهم قادة "الإخوان".
وعلى كل حال الشعب المصري قال كلمته بقوة ووضوح شديدين في ٣٠ حزيران وفي ٢٦ تموز عندما خرج في الحالتين بأعداد تفوق الثلاثين مليون فيما يشبه الاستفتاء الكاسح وفي مشهد لم يسبق له مثيل في التاريخ الإنساني.
المسألة حسمت في مصر، ولكنها تنعكس على الساحة الفلسطينية ولا يبدو أنها ستنتهي بسهولة هنا لأسباب عديدة اهمها ضلوع حركة "حماس" في علاقة عضوية ومتشابكة مع "الإخوان" في مصر على اعتبار أنها الحركة الأم بالنسبة لها، وهي موجودة في كل التفاصيل، وثانياً لان قطاع غزة تحت سلطة "حماس" تحول إلى بؤرة للإرهاب وملجأ لمجموعات إرهابية وخارجة على القانون تشكل خطراً على مصر وتحديداً على الأمن في سيناء التي تعاني يومياً من هجمات إرهابية على قوات الأمن المصرية فيها.
ودون تحديد علاقة "حماس" بـ "الإخوان" في مصر من جديد على قاعدة عدم التدخل بشكل مطلق وتام بالشأن المصري، وملاحقة ومنع المجموعات الإرهابية من العمل انطلاقاً من قطاع غزة، لن تكون العلاقة بين "حماس" ومصر طبيعية وهذا للأسف ينطبق على القطاع الذي أضحى رهينة لسياسة "حماس".
ويمكن القول ان "حماس" في وضع لا تحسد عليه بعد تهاوي الآمال التي كانت معقودة على حكم محمد مرسي بالنسبة لمستقبل علاقة غزة مع مصر، وبعد ان تحولت من صديق للحكم إلى خصم تجري ملاحقته وتتتبع نشاطاته. وهذا وضع صعب للغاية بسبب ارتباط قطاع غزة بمصر التي تشكل له منفذا رئيساً للعالم الخارجي بكل ما تحمل هذه الكلمة من مضامين على مختلف المستويات. ولكن هذا لا يعني ان الأفق أمام "حماس" مغلق تماماً وانه لا توجد بدائل أو خيارات أخرى.
اذا كانت "حماس" تريد الخلاص من وضع المتاهة الذي تعيش فيه وتنقذ نفسها من الريح العاتية التي تهب عليها الآن فالطريق واضح، ويمر أولاً بإقرار "حماس" بالواقع الجديد وإدراك المخاطر المترتبة على البقاء في نفس الدائرة، فلا هي تستطيع إنقاذ "الإخوان" ولا هم بقادرين على إنقاذ انفسهم إلا بالتسليم بإرادة الشعب المصري. وهم ابعد من التسليم بذلك في هذه المرحلة. وبالإضافة إلى تصحيح العلاقة مع مصر على قاعدة عدم التدخل في الشأن المصري، على "حماس" ان تعيد النظر بموضوع علاقاتها مع فصائل منظمة التحرير وخاصة مع "فتح" والسلطة في رام الله.
أي إعادة التفكير من جديد في ملف المصالحة بإيجابية. واهم شيء يمكن عمله بهذا الشأن هو الذهاب نحو حكومة توافق وطني وتطبيق بنود اتفاق المصالحة، وتكون حركة "حماس" واهمة اذا هي لم تدرك ان الوقت يسير لصالحها وأنها ستتأثر سلباً بصورة جوهرية بالمتغيرات التي تحدث في مصر أولاً وفي سورية وفي مجمل العالم العربي.
وتكون مخطئة كذلك لو اعتقدت ان ضالتها موجودة في ايران كما يحلو لبعض قادتها التفكير، وخاصة الذين يريدون الاعتماد على المال الإيراني كبديل لقطر وخط الولايات المتحدة مع "الإخوان".
الحل يجب ان يكون فلسطينياً قبل كل شيء ولا يحمي "حماس" سوى ان تعود إلى حضن الشرعية الفلسطينية الشعبية أولاً والسياسية والدستورية ثانياً. وهذا الحل لا يعتمد على "حماس" وحدها بل على الكل الوطني كذلك وخصوصاً على الرئيس أبو مازن الذي ينبغي عليه مد اليد لحركة "حماس" لإنقاذها من نفسها ومن غرور بعض قادتها وعدم إدراكهم لمجريات وتطورات الأمور، وأيضاً من التغيرات التي لا تبقي شيئاً مكانه.
ومن الخطأ التعامل مع "حماس" على أنها مهزومة ويجب إملاء الشروط عليها، بل المنطق والمصلحة الوطنية يقتضيان مد الجسور لها ومساعدتها في العودة إلى ما كانت قد وافقت عليه في السابق، فعودة الوحدة الوطنية مهمة جداً الآن بالذات والقيادة تخوض مفاوضات لا يبدو أنها ستنجح في تحقيق شيء جدي للقضية الوطنية، ولكن الوحدة تعزز قوة الموقف الفلسطيني وتظهر للأعداء وللعالم اجمع ان القيادة تملك خيارات وبدائل أخرى. وعلى الأقل لا احد يمكنه الادعاء بأن القيادة لا تمثل كل الشعب الفلسطيني وأنها غير قادرة على تطبيق الاتفاق في غزة. ومن ناحية أخرى هذا يحمي "حماس" ويؤمن لها الغطاء الشرعي إقليمياً ودولياً.
أما اذا بقي الغرور والعمى السياسي سيد الوقف لدى "حماس"، وبقيت القيادة تفكر باستثمار الموقف فقط لتمرير فترة محدودة من الوقت كفترة تجريب المفاوضات فهذا لن ينفع "حماس" ولن ينفع القضية، التي باتت على مفترق طرق مهم: اما التوصل لاتفاق سياسي مع الإسرائيليين على قاعدة دولتين لشعبين على حدود 1967. أو الذهاب للمجتمع الدولي مستفيدين من الاعتراف بدولة فلسطين من جهة و تعرية الموقف الإسرائيلي من جهة أخرى، وفي الحالتين نحن بحاجة للوحدة الوطنية.