هل اختفى العقلاء من داخل جماعة الإخوان.. وحتى إذا كان الأمر كذلك فأين هم العقلاء القريبون منهم؟!.
أحد تجليات هذه الأزمة الكبرى التى تكاد تعصف بجماعة الإخوان خصوصا أنها كشفت إلى حد كبير خرافة وجود تيار معتدل حقيقى داخل الجماعة، وبينت طبقا للشواهد الموجودة حتى هذه اللحظة أن الجميع قطبيون تقريبا، لا فرق بين محمود عزت الموصوف بالتشدد وعصام العريان أو محمد البلتاجى أو حلمى الجزار الذين كانوا يوصفون بالاعتدال.
يقول الإخوان إن ما حدث قضى على أى أمل فى وجود اعتدال داخل الجماعة، وأن أى شخص سوف يبدى مرونة تجاه ما حدث فى 30 يونيو سوف يتم اتهامه بالخيانة فورا، وبالتالى فإن فرص ظهور شخصيات وأصوات معتدلة داخل الجماعة يظل أمرا صعبا فى هذه اللحظات.
قيادى إخوانى قال لى إن التفكير المعتدل الآن جريمة، وحتى إذا فكر بعض القادة فى هذا الأمر فإنه يصعب عليهم تسويق وترويج هذا الفكر وسط شباب الجماعة الثائرين.
مساء الأحد الماضى قابلت شابا إخوانيا كان قادما لتوه من «جمهورية رابعة» سألته عما يشعر به المعتصمون ففاجأنى بالقول إن غالبيتهم واثقة من عودة محمد مرسى إلى منصب رئيس الجمهورية، وأنه إذا لم يحدث ذلك فإن غالبيتهم سوف تتجه إلى التطرف وتصبح مشاريع قنابل بشرية موقوتة.
قد يمكن تفهم تطرف هؤلاء الشباب المغرر بهم، أو المؤمنين بفكر الجماعة حتى آخر لحظة أو حتى الذين يرون أنهم وصلوا للحكم بالانتخابات وفجأة وجدوا قادتهم فى السجون.
لكن كيف يمكن تفهم سلوك غالبية قادة الجماعة الذين يديرون الأمر الآن؟!.
كيف يمكن الحديث عن سلمية التظاهر فى الميكروفونات والتغريدات، فى حين يتم غض النظر عن لغة التحريض الدائمة ضد الدولة وأجهزتها، بل وضد القوات المسلحة وجرأة البعض على مطالبة جنودها بعدم طاعة قادتهم؟.
هل غياب خيرت الشاطر وبعض قادة الجماعة قد أثر على طريقة اتخاذ القرار داخل الجماعة، أم أن وجوده ربما كان سيؤدى إلى إشعال الأمور أكثر مما هى مشتعلة، ومن الذى يدير الجماعة الآن، هل هم الجيل القديم نفسه أم مجموعة الشباب؟!.
وإذا كان قادة الجماعة قد صعدوا الى شجرة عالية ثم اختفى السلم، أليس هناك قوى عاقلة وفاعلة تستطيع أن تعيد لهم هذا السلم كى ينزلوا عبره من دون مخاطر الوقوع وبطريقة مشرفة؟!.
المفترض أن هناك شخصيات عاقلة كثيرة قريبة مع الدولة وأجهزتها، وتؤمن أن سلامة الدولة أهم مليون مرة من أى شىء آخر حتى لو كان سلامة التنظيم الاخوانى.
هؤلاء هم من يفترض أن يتحركوا بقوة، وأول مظاهر هذا التحرك أن يقولوا للإخوان بلغة لا لبس فيها إن ما كان موجودا قبل 30 يونيو لن يعود بنفس الكيفية مرة ثانية الآن.
على هؤلاء أن يقنعوا الإخوان أنهم صاروا فصيلا فى الدولة ولم يعودوا كل الدولة.. عليهم أن يقتنعوا أن كل الشعب ثار ضدهم وليس انصار مبارك والدولة العميقة فقط.
إذا أدرك الإخوان هذه الحقائق.. وقتها ستتحقق التسوية واذا استمر نفس العناد فسوف يدفعون ثمنا غاليا ومعهم المجتمع.


