لو كنت وزيرا في حكومة اسرائيل لكنت صوت ضد تحرير السجناء الفلسطينيين، ولكن ليس بسبب المبررات التي طرحها اولئك الوزراء الذين صوتوا ضد التحرير في جلسة الحكومة.
لست منزعجا من الخطر في ان يعود السجناء المحررون الى الاعمال التخريبية. "فالاعمال التخريبية" ليست مهنة من اختص بها يعود الى العمل فيها فقط اذا ما اعطيت له الفرصة. فالاعمال التخريبية تنبت ما أن تنشأ وضعية تستدعي ذلك. واذا ما عادت هذه ونشأت – وظني ان الامر بالفعل قد يحصل اذا لم يكن تقدم سياسي – لن ينقص الطرف الاخر مخربون ولن تكون حاجة الى الربط بالمهامة بالذات اولئك الذين خرجوا من السجن بعد أن قضوا فيه عشرات السنين.
كما أن المنشورات عن "المحررين الذين عادوا الى عادتهم" مبالغ فيها. يروون لنا بان نحو 4 في المائة من محرري صفقة شاليت اعتقلوا من جديد. معظمهم ان لم يكن كلهم اعتقلوا ليس على دور في اعمال تخريبية بل على خرق لشروط التحرير – عن الحركة والخروج من "نطاق الاقامة" الذي تقرر لهم. كما اني ما كنت لاعارض تحريرهم لاعتبارات "الانتقام"، مثلما يوجد من يعتقد، في ظل الذكر المتكرر للاعمال الارهابية الفظيعة التي شاركوا فيها.
منذ صيف 1967، فور الحرب وبداية حكم الاحتلال اتخذنا قرارا بالامتناع عن حكم الاعدام حتى على اكثر الجرائم شدة. في واقع الامر قلنا ان لا مكان لتشبيه كفاح الفلسطينيين باعمال النازيين الفظيعة. وحكم الاعدام محفوظ لهؤلاء فقط. فضلا عن ذلك – لا ريب عندي من أنه عندما يوقع اتفاق سياسي مع تالي الايام، فان مادة مركزية فيه ستكون تحرير السجناء الفلسطينيين كلهم، مثلما يتضمن الاتفاق ما بعد القتال تبادلا للاسرى.
كنت سأصوت ضد تحرير السجناء بسبب موقفي من المحادثات التي توشك على البدء في واشنطن. أنا اؤيد المحاولة، كل محاولة، للوصول الى اتفاق وحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. ثمة من يعتقد باننا تأخرنا منذ الان عن الموعد للاتفاق على دولتين قوميتين، الواحدة الى جانب الاخرى. ولكني اعتقد بانه لا يجوز لنا لا سمح الله أن نرفع الايدي. فانا اؤمن بان السلام هو مصلحة الطرفين وان السعي الى الاتفاق لازم للفلسطينيين بقدر لا يقل عما هو لازم لنا، وفي هذه المرحلة يخيل لي ان السعي الى الاتفاق يزعجهم حتى اكثر مما يزعجنا.
بالذات لهذا السبب لست مستعدا لان أدفع أي ثمن على الدخول الى المفاوضات. اما مع المفاوضات دون أي شروط مسبقة. تزعجني الاشتراطات المسبقة – منا ومنهم – لبدء المحادثات.
تحرير مخربين؟ بالتأكيد، ولكن فقط كبند في المفاوضات وفي الاتفاق. تحرير مسبق، كثمن يجب أن يدفع من أجل جلب الطرف الفلسطيني الى المحادثات – لا وكلا.


