خبر : الممر المحرم بين «المنارة» و«المقاطعة» ...غسان زقطان

الإثنين 29 يوليو 2013 11:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT



سلوك أجهزة الأمن يبعث على اليأس، دون شك، العقلية التي تقود ردود أفعالهم وتقترح عقيدتهم وتوجه الأمر الصباحي، اذا كان هناك ثمة أمر صباحي، وتعزز رسالتهم، اذا كان ثمة من يتذكرها. الشبح الذي يجلس في المكتب ويراقب الشارع والبيوت ويقرأ مزاج الناس، وأفكار الفصائل وأحوال الأحزاب، وغلاء الخضار والفواكه والتبغ، ويقيس استياء المسافرين عن طريق الجسر او رضاهم. الشبح الذي يتلقى خارطة التحرك السياسي ويبني خططه بناء على ذلك، كما يتلقى تقارير حول ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع معدلات الفقر والبرامج المقترحة لمواجهة هذا الواقع، والأثر الذي قد يتسبب به ربع مليون تصريح في فترة الأعياد، ذروة موسم الشراء، وانعكاس ذلك على الأحوال المعيشية وحركة الأسواق... هذا الشبح لا يبدو مهتماً بكل هذه التفاصيل، ان ما يشغله، او على الأقل، ما يبدو انه يشغله هو تنظيف الطريق بين دوار المنارة والمقاطعة من أي شبهة احتجاج قد تعكر الهدوء الافتراضي الذي يعيش فيه! ولذلك ألقى بثقله كاملاً لمواجهة المظاهرة، التي يصعب وصفها بالكبيرة، التي دعت إليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي، كما نعرف، فصيل أساسي في منظمة التحرير ولها ممثل نشط في لجنتها التنفيذية، احتجاجاً على العودة الى المفاوضات. يبدو من خلال عدة تجارب، ان هناك حساسية مرضية لدى القائمين على أجهزة الأمن لدينا، من تلك الأمتار الممتدة بين دوار المنارة والمقاطعة! ما الذي يمنع ان يتظاهر فصيل من ائتلاف "م.ت.ف" ويعلن عن عدم رضاه عن قرار سياسي بهذه الأهمية؟ وما الذي سيحدث لو وصل عشرات المتظاهرين السلميين الى أسوار المقاطعة؟ احياناً يبدو ان الأجهزة الأمنية تصر على ارتكاب الأخطاء، حتى لو ساقت في روايتها اتهامات للمتظاهرين باستفزاز الشرطة! وهو ما اتضح انه حدث بالفعل، ولكن الاستفزاز الحقيقي، الذي يبدو انه اصبح موهبة أمنية، هو إرسال طوابير من أفراد الشرطة وهم يحملون الهراوات، فيما يشبه وعيداً غير ضروري للمحتجين الذين لا يحملون هراوات او "مولوتوف" او حجارة، ليعبروا عن احتجاج معلن، هو حقهم قبل أي شيء. ان وضع أفراد الأمن في مثل هذا الموقف، دون تبصر، هو بحد ذاته خطأ يعزز الشكوك وعدم الثقة بين المجتمع والأجهزة الأمنية، ويشوه دورها ورسالتها، ويهدم ما تم بناؤه بالفعل من جسور ثقة ووعي بدورها. دعوا المظاهرة تذهب الى مقصدها بسلمية، دعوا الاحتجاج يعبر عن نفسه بوسائل حضارية فهو جزء من النسيج الاجتماعي، هذا يحسب لكم ولا يحسب عليكم.