خبر : الجوامع بين القسمة والجمع ...توفيق وصفي

الأربعاء 24 يوليو 2013 11:18 ص / بتوقيت القدس +2GMT



أَقسَم أحد عباد الله الطائعين ألا يُصلّي في المسجد القريب من منزله، بعد أن خرج عن طوره في ختام صلاة التراويح، التي أنهاها الإمامُ بالدعاء التقليدي وردد وراءه المصلون "آمين"، إلا صاحبنا الذي هتف "لا آمين"، لرفضه المضمون السياسي للدعاء، الذي يدعو إلى هلاك طرف مسلم ونجاة طرف آخر.

ويبرر العبد الطائع غضبَه بالعودة إلى مفهومه عن دور الجامع، الذي يجمع المصلين على اختلاف انتماءاتهم وولاءاتهم السياسية والحزبية، ما داموا يؤمنون بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، معتبرا أن على الإمام أن يُنَفذ مهمة الجمع للمصطفين وراءه بأدعية وعظات لا تُفرّق، مُنَحِّياً ما هو موضع للخلاف، وإلا أذكى نار الفتنة في قلوبهم المنهكة من كل فرقة وانقسام.
ما ذنب المصلين الساعين إلى "بيوت الله" بغية كسب ثواب صلاة الجماعة، ليس فقط بسبب هوى الإمام الموظف أو المتنطح للإمامة، بل بسبب إصرار أكثر من طرف على تحويل "الجوامع" إلى محافل وملكيات حزبية وسياسية، لا ينتهي التنازع عليها على خير في معظم الأحوال.
عند افتتاح جامع جديد بحضور نخبة من المصلين والأئمة يسود القلق والتوتر بدلا من الابتهاج بإنشاء بيت جديد لله، لتَحَفُّزِ فئات عدة للسيطرة على الجامع "مِن أَوَّلْها"، وما يكاد الإمام يُسلّم حتى يسارع مؤثرو السلامة إلى المغادرة، وفي نية بعضهم عدُم العودة والاكتفاء بثواب الصلاة في المنزل.
وقد كثرت في الأعوام الأخيرة بين المصلين المحايدين عادة التنقل بين المساجد، بحثا عن إمام يخطب في العقيدة والعبادات وليس في السياسة على هواه، واختاركثيرون الصلاة في منازلهم باستثناء الجمعة، تفاديا للاستفزاز وطمعا في الخشوع، بالرغم من فخامة الكثير من المساجد الحديثة الإنشاء، وتوفر الكهرباء والماء فيها، وبنائها على أثمن الأراضي، بل على شاطئ البحر!.
وما أثار حفيظة مسلمين فلسطينيين وغير مسلمين نقلُ النزاعات إلى ساحات الأقصى المبارك، الذي يتعرض كل يوم للتهديد والانتهاك، كما حدث الجمعة الماضية والتي سبقتها، ما أثار استياء جموع المصلين، الذين أكدوا ضرورة بقائه مكانا للعبادة، بعيدا عن أي تجاذبات سياسية وحزبية قد توقع الفتنة.
أخشى ما أخشاه أن يحدث عندنا ما يحدث في بلاد الربيع العربي من انقسام طال المساجد، كما حدث في جامع مولاي محمد أحد المساجد الكبيرة في العاصمة الليبية طرابلس، من اختلاف بين معظم المصلين والسلفيين الذين استولوا على الجامع، وقرروا تغيير القبلة بعد أن أفتوا بأن القبلة التي صلَّى باتجاهها ملايين المصلين على امتداد نحو 30 عاما من عمر الجامع ليست صحيحة، فثار المصلون الأصيلون مؤكدين أن قبلتهم صحيحة، والنتيجة أُوقفت الصلاة في الجامع بانتظار الاتفاق على القبلة الصحيحة!.
tawfiqwasfi@yahoo.com