خبر : الإعلان عن مفاوضات غامضة! ...رجب ابو سرية

الثلاثاء 23 يوليو 2013 12:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
الإعلان عن مفاوضات غامضة! ...رجب ابو سرية



باستثناء تأكيد الأطراف المعنية خبر الاتفاق على استئناف المفاوضات الفلسطينية / الإسرائيلية المتوقفة منذ أكثر من أربع سنوات، لا شيء من التفاصيل معروف حتى اللحظة، لا موعد بدء المفاوضات، ولا طبيعتها أو مرجعيتها، ولا حتى مكانها، الذي يبدو أنه سيكون واشنطن، انسجاماً مع الراعي الأميركي، وان كان ذلك لا يعني بالضرورة أن تبدأ المفاوضات وتستمر في واشنطن.
التكتم على الشكل التفاوضي، وعلى معظم تفاصيل المفاوضات، له أسبابه ودوافعه، على الجانبين، ذلك أن مجرد إطلاق المفاوضات مجدداً بين الطرفين، يثير كثيراً من القوى والأحزاب السياسية، في إسرائيل وفلسطين، على حد سواء، فبمجرد الإعلان عن موافقة الطرفين على استئناف العملية التفاوضية، بدأت كثير من القوى بالإعلان عن رفضها التفاوض من حيث المبدأ، وقد شمل هذا الأمر، الشريك الثاني لليكود في كتلة الليكود _ بيتنا، نقصد أفيغدور ليبرمان، الذي قال إن تقديم التنازلات يعني انتخابات مبكرة، لذا شجع يسار الوسط المعارض الحكومة على الدخول في المفاوضات، بإعلانه نيته تعويض انسحاب ممكن أو متوقع لأي من أحزاب اليمين، وعلى الجهة المقابلة، كان الناطقون باسم حركة حماس يعلنون صراحة رفضهم إطلاق العملية التفاوضية من حيث المبدأ.
الغموض أو التحفظ على تفاصيل المفاوضات يقال إنه جاء بناء على طلب من جون كيري وزير الخارجية الأميركية، الذي كان أعلن عن الانفراجة فيما يتعلق بإطلاق العملية التفاوضية يوم الجمعة الماضي من عمان، وذلك بعد أن بذل الرجل جهوداً مضنية، من أجل التوصل إلى موافقة الجانبين على العودة مجدداً لطاولة التفاوض، شملت ست زيارات للمنطقة، منذ أن تولى مسؤوليته كوزير للخارجية الأميركية منذ نحو نصف عام.
رغم الغموض والسرية، والتي من الواضح أنها تهدف بالأساس الى احتواء ردود الفعل على الجانبين، بعد أن اعتاد كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، على حالة عدم التفاوض القائمة منذ نحو أربع سنوات، بشكل تام، إلا أن هناك أموراً تكاد تكون شبه مؤكدة، منها أن مفاوضي الطرفين سيبدأون مباحثاتهم، خلال أيام في واشنطن، حيث سيترافق مع بدء التفاوض، أجراءات حسن النية، وأهمها: إطلاق سراح نحو مئة معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية، جلهم ممن تم اعتقالهم قبل توقيع أتفاق أوسلو / القاهرة، أي من المعتقلين قبل عام 1994، من ذوي المحكوميات العالية، كذلك من الواضح، أن السلطة الفلسطينية، رغم استمرار العجز في ميزانيتها إلا أن إسرائيل ستواظب على دفع فاتورة الضرائب بما يمكن السلطة من دفع رواتب الموظفين في وقتها، كذلك هناك حديث عن عملية تفاوضية مستمرة، بهدف التوصل إلى حل نهائي، تنجم عنه إقامة دولة فلسطينية، على الأراضي المحتلة عام 67، دون أن يعلن بشكل واضح عن مدى الاستجابة الإسرائيلية للشروط الفلسطينية السابقة، وهي أن تكون حدود 67 مرجع العملية التفاوضية وان يتم وقف الاستيطان، قبل بدء التفاوض.
هناك أخبار تشير إلى أن إطلاق سراح المعتقلين سيتم على مراحل، أي مع استمرار التفاوض، وليس قبل بدئها، كذلك أن نتنياهو التزم، وفق ورقة ضمانات أميركية، بوقف هادئ للاستيطان، وذلك يعني عدم طرح عطاءات لبناء استيطاني خلال فترة التفاوض التي يقال إنها ستستمر تسعة أشهر.
كذلك تشير بعض الأخبار إلى أن الفلسطينيين تلقوا من كيري رسالة ضمانات تشير إلى أن حدود 67 هي مرجعية المفاوضات، أياً يكن من أمر فإن الفلسطينيين كانوا أعلنوا جاهزيتهم للتفاوض قبل نحو عام، في أيلول من العام الماضي، بعد أن حازت فلسطين بحدودها في الرابع من حزيران عام 67، على العضوية المراقبة في الأمم المتحدة، فيما يبدو أن الصفقة تقوم عمليا على التزام إسرائيلي بوقف مناقصات البناء في المستوطنات مقابل التزام فلسطيني بعدم التوجه إلى الأمم المتحدة والانضمام إلى الهيئات الدولية.
كل ما عدا ذلك فهو كلام، خاصة ما ينسب إلى بعض وزراء الليكود أنفسهم، من مثل أن أبو مازن لا يسيطر على غزة، فالجميع يعرف أن غزة خارج دائرة الصراع منذ أن انسحبت منها إسرائيل من جانب واحد، وإن الصراع انحصر على أراضي الضفة الغربية والقدس، أما الأمر المثير فيما تسرب من معلومات عما يخص هذه العملية، المنوي إطلاقها، فهو ما نسب إلى شمعون بيريس، حين التقى أبو مازن، على هامش المنتدى الاقتصادي في البحر الميت قبل نحو شهرين، هذا اللقاء الذي فتح الباب للاتفاق على إطلاق المفاوضات، هو ما أوردته التايمز اللندنية، من أن بيريس اقنع أبو مازن ببقاء مستوطني الضفة ويهود القدس في مستوطناتهم التي ستخضع للدولة الفلسطينية، مما يعني عدم الحاجة لتفكيك المستوطنات، ولكن ذلك يطلق أكثر من سؤال، عن مكانة هؤلاء لو تم التوصل إلى اتفاق نهائي، هل سيكونون مواطنين يهود فلسطينيين، مثل المواطنين العرب في إسرائيل، أم إسرائيليين يقيمون في دولة فلسطين، وهل ذلك يعني تراجعاً فلسطينياً عن اعتبار المستوطنات أصلاً غير شرعية وغير قانونية؟!
ثم هل إطلاق المفاوضات في واشنطن وبرعاية أميركية سيعني أن تستمر إلى أن تنتهي إلى اتفاق في واشنطن وفي ظل الرعاية الأميركية، أم أن الإعلان عن الاتفاق على العودة للتفاوض من عمان يعني بأن عمان ستكون محطتها التالية، وأن للأردن سيكون دور أساسي في تنفيذ اتفاق الحل النهائي، بما يحدد سلفاً طبيعة الدولة الفلسطينية، التي لن تكون "مستقلة" تماماً، بل جزءاً فدرالياً من دولة أردنية / فلسطينية؟!

Rajab22@hotmail.com