القدس المحتلة / سما / مما لا شك فيه أن موافقة السلطة الفلسطينية على العودة للجلوس على طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين في هذا الوقت تأتي في سياق السيناريو المتوقع، والمتمثل بموجة الانتقادات المتوقع أن يتلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الفصائل الفلسطينية لا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
لكن ما يلفت النظر هنا هو خروج القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان عن صمته الذي لازمه عدة سنوات ليوجه انتقادات شديدة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب موافقته على العودة لطاولة المفاوضات، ويدرك دحلان جيداً أن هذه هي الفرصة الأخيرة له من أجل إحراج عباس مستغلاً حالة الغليان والغضب التي تسود قيادات منظمة التحرير وحركة فتح تجاه أبو مازن حول ملف المفاوضات مع "إسرائيل"، واصفاً خطوة عباس تلك "بالانتحار السياسي".
ومن أبرز ما صرح به القيادي الفتحاوي محمد دحلان هي تلك الكلمات التي قال فيها "إن موافقة عباس على المفاوضات تأتي في إطار الخضوع للضغط الدولي الأمر الذي سيؤدي إلى تضليل الشعب الفلسطيني"، في حين وصف محللون إسرائيليون تصريحات دحلان أنها نابعة من الخلافات الشخصية بين الطرفين، لافتين إلى أنه لو كان بدلاً من عباس لقدم أكثر منه بكثير للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وبحسب ما جاء على موقع واللا الإخباري فإن دحلان لم يكن الوحيد الذي انتقد خطوة عباس لكنه وخلال 48 ساعة الأخيرة وجه عدد كبير من قادة منظمة التحرير عدم موافقتهم على تلك الخطوة، معربين عن قلقهم الشديد إزاء الإعلان المفاجئ الذي انتهجه أبو مازن حول استئناف المفاوضات.
وبحسب ما جاء على الموقع فإن السبب الرئيسي في مهاجمة تلك القادة لأبي مازن هو تلك المتعلق بتجاهل الأخير بالرسالة الأمريكية التي وصلت القيادة الفلسطينية دون الجانب الإسرائيلي والتي جاء فيها أن المفاوضات ستكون على أساس حدود 67، إلا أنها لم تذكر البته قضية تجميد المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي لطالما كان يطالب بها الرئيس الفلسطيني.
وأوضح مسئولون كبار في السلطة الفلسطينية أن ظهر الخميس الماضي نجح أبو مازن في الحصول على موافقة اللجنة المركزية لحركة فتح حول استئناف المفاوضات، مشيرين إلى أن اثنين فقط من الحضور لم يوافقوا على موضوع المفاوضات هما توفيق الطيراوي وعثمان أبو عربية.
ومن ثم تمكنت اللجنة المركزية لمنظمة التحرير التي يشارك فيها ممثلو الأحزاب الفلسطينية من الانعقاد، لكنه وقبل بدء اللقاء بدقائق وصل خبراً مفاده أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يوافق على مفاوضات على أساس حدود 67، والذي كان على عكس الموقف الذي عرض في جلسة اللجنة المركزية لحركة فتح.
هذا الأمر أدى إلى استياء كبير في أوساط ممثلي التنظيمات التي جاءت لتعبر عن القرار في نهاية الجلسة، ومن أبرز تلك التنظيمات التي أعلنت رفضها لقرار العودة إلى المفاوضات هما الجبهة الشعبية وحزب الشعب واللذان وصفا القرار بالخطأ.
ووفقاً للموقع فإنه على ما يبدو أن أبو مازن فضل عدم تحمله مسئولية فشل جهود وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" ما سيؤدي إلى توقف المساعدات الأمريكية على بعض التصريحات العدائية من البيت الفلسطيني الداخلي، وما شجعه أكثر هو موافقة الجانب الإسرائيلي على إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين.
وفي هذه الحالة يكون أبو مازن قد انتهج سياسة واضحة والمتمثلة بأنه عندما تطلق "إسرائيل" أول أسير والمتوقع أن يكون نهاية شهر رمضان المبارك فإن تصريحات قيادات حركة فتح ومنظمة التحرير في مهب الريح عندما تصطدم بابتهاج عائلات الأسرى المطلق سراحهم.


