خبر : الإخوان خطاب متصلب لإخفاء أسئلة الفشل ...!.. أكرم عطا الله

الأحد 21 يوليو 2013 12:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
الإخوان خطاب متصلب لإخفاء أسئلة الفشل ...!.. أكرم عطا الله



بذكاء شديد اختار الإخوان المسلمون في مصر شكل النهاية لتجربتهم التي خرجت الملايين من الشعب مطالبة بإنهائها بعد تحققها كسلطة حكم مجردة من وهج العمل السري وشعارات المعارضة بعيداً عن الأوهام والأحلام أمام تركة أكبر كثيراً من إمكانيات جماعة الإخوان ولأن الفارق بين الواقع منذ عام والتوقع من أداء الجماعة كان هائلاً توازيه سرعة ارتداد الشعب المصري عن تأييدها.
قد يختلف كثيرون على الحكم على التجربة في الوطن الذي تأسست فيه الحركة وقد يختلف الكثير حول أداء قادة الجماعة أو أداء الآخرين الذي أدى إلى الفشل، ولكن الحقيقة أن أكبر تجمع بشري في التاريخ خرج في الشوارع معرباً عن رفضه لحكم الإخوان بعد عام على انتخابهم لقيادة مصر.
ماذا كانت تعني تظاهرات الثلاثين من يوليو التي تسببت بالإطاحة بالرئيس مرسي؟ كانت تعني كحركة شعب بالملايين إسدال الستار على حركة الإخوان المسلمين كحركة سياسية، قد يصل الأمر للاستخلاص بأن هذه الحركة التي تأسست منذ ثمانية عقود ونصف العقد لا تصلح للحكم وهذه تشكل ذروة المأساة لقوة دفعت الكثير في طريقها للسلطة وانتظرت طويلاً تحمل في جعبتها قدراً من الطوباوية الحالمة بقدرتها على تقديم المعجزات وكافة الحلول للشعوب تحت شعار "الإسلام هو الحل" معتقدة أنها دون باقي الحركات الإسلامية تمثل الإسلام، وكم سمعنا من خطابات وقرأنا في أدبيات للجماعة عادة ما تشير بسخرية إلى فشل تجارب الأيديولوجيات والأفكار السابقة مقدمة نفسها على كل ما تقدم حين كان خطابها متمترساً عند مقولة ان الاشتراكية فشلت والقومية فشلت وكذلك العلمانية وليس هناك سوى حكم الإسلام من سيقدم الحلول الناجحة.
والآن حين تحقق النموذج وكانت المطالبة برحيله أسرع من تحققه تمهيداً لتجاوزه، فالشعوب لا تتجاوز إلا ما يتحقق كسلطة فيما المعارضة يصعب الحكم عليها وهي مسلحة بشعارات وأحلام بعيداً عن موبقات الواقع وتعقيداته. فكانت تظاهرات الملايين من المصريين تعلن تجاوز حكم الإخوان بعد إخضاعه للتجربة بشكل تجريبي، فهل كان قادة الإخوان سيسلمون برحيل الرئيس والاعتراف بهذه المأساة؟ أو كانوا سيقدمون تنازلات كانت ستفتح شهية المتظاهرين لتنازلات أكبر؟ وحتى لو قدمتها كانت ستعني اعترافاً بفشل الحكم وهذا كان خطاً أحمر لدى الإخوان المسلمين فتمترست عند مواقفها وإذا كان هناك خيار فليتقدم الجيش ليعطي الخروج الأكثر أمناً لجماعة الإخوان بدل الاستسلام والرحيل الطوعي تحت ضغط الشعب الذي يعني اعترافها بالفشل وهذا مستحيل فكان العناد لاستدعاء الجيش ليحدد شكل النهاية حيث تبدو كانقلاب هو الخيار الأفضل للإخوان، فتصلب الرئيس في خطاباته متعمداً ولم يقدم أياً من التنازلات وبينما كانت شوارع المدن المصرية تمتلئ بالملايين جاء خطاب الرئيس المعزول "خطاب الشرعية "وهو يدرك أن الشرعية هي شرعية الشعب فقد قالها بنفسه قبل عام فقط في ميدان التحرير يوم تنصيبه.
فهل وقع الجيش المصري في كمين سياسي نصبه له الإخوان حين اختاروا شكل النهاية الذي يخفي فشل التجربة؟ وهل كانوا أكثر دهاء من الجيش حين تمكنوا من تغيير الصورة ولو مؤقتاً من ثورة شعبية ضدهم ليظهر الأمر كأنه انقلاب عسكري ويجري تعزيز هذه الرواية وإخفاء الحقيقة بأن الملايين لم تحتمل بقاء الإخوان في الحكم؟ ولا أعتقد أن المتظاهرين من مؤيدي الرئيس مرسي ما زال لديهم أمل بعودته إلى الحكم فهم يدركون أن الشعب والقوى السياسية وجيش الدولة العميقة قرروا إنهاء تجربة الإخوان المسلمين لكن قادة الإخوان ومن خلال الغبار المنبعث في رابعة العدوية يغطون على الأسئلة الكبيرة والحرجة حول فشلهم في الحكم.
لقد ساهمت المعارضة في إسقاط تجربة الرئيس مرسي وكذلك دول تخشى صعود حركة الإخوان المسلمين، وهذا طبيعي في السياسة فوظيفة الخصوم هي إسقاط الحكم لكن من يصل إلى السلطة هو من يتحمل وحده مسؤولية الحفاظ عليها من خلال أدائه وقدرته على إقناع الناس وهذا مضمون تساؤل طرحته المجلة الأميركية "فورين بوليسي" التي نشرت تقريراً تحت عنوان "لوموا مرسي، كيف دمر بلداً في 369 يوماً" والذي سلط الضوء على الأخطاء التي ارتكبها الرئيس والتي أدت إلى إسقاطه، معتبرة أن من أسقط مرسي هو مرسي نفسه سواء بتكريسه لحالة الاستقطاب أو للفت النظر لدور جماعته التي تسكن المقطم والتي تتحكم فيه لدرجة بدا فيها الرئيس كأنه دمية بيد مكتب الإرشاد فيما المصريون يبحثون عن رئيسهم الزعيم وليس عن رئيس يقاد من قبل غيره، بالإضافة لأزمة الدستور والذي كشف عن توجه الإخوان بمشروعهم لأخونة الدولة والاستفراد بها رغم كل محاولات التوسط وآخرها المبادرة الأوروبية للشراكة في مصر التي قدمت أوائل نيسان الماضي وكشف عنها قبل ثلاثة أيام والتي قال شهودها إن الوسطاء لم يستطيعوا إقناع مكتب الإرشاد وبهذا إنهار حكم الإخوان.
وهناك الكثير من الأسباب التي أدت لهذا الانهيار وهي مدعاة للبحث من قبل الأكاديميين وعلماء الاجتماع العرب الذين فاجأهم الهبوط السريع للإخوان كظاهرة تحتاج لدراسة جدية.
لكن الأهم هل يدرك الإخوان وفروعهم وحلفاؤهم في المنطقة أن الشعب المصري ثار على حكمهم، ففي هذه القناعة ما يستدعي إجراء مراجعة تبدو ضرورية وسط حالة الاضطراب السياسي في المنطقة وهناك فرق بين الثورة والانقلاب فحين يقتنع الإخوان أن ما حصل ثورة شعبية يبدو أن التفكير بالشراكة بعيد عن الأخونة والإقصاء وهي مقتل تجربتهم إما إذا كان انقلاباً فلا داعي للمراجعة.
Atallah.akram@hotmail.com