خبر : تحولات الثورة ... بقلم - أ. د. يوسف رزقة

الأحد 21 يوليو 2013 12:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
تحولات الثورة ... بقلم - أ. د. يوسف رزقة



الانقلاب الغبي الفاشل كما يصفه المصريون وغيرهم أحدث في مصر تحولات كبيرة وخطيرة كلها في صالح المشروع الإسلامي، وفي صالح إنضاج التجربة الإسلامية الحديثة في الحكم. ومن أوائل هذه التحولات الكبيرة:

1ـ انكشاف عورة الانقلاب العسكري الذي حاول أن يتغطى بغطاء شعبي ممزق. حيث أخذ الغطاء الشعبي في التلاشي من الميادين فلم تعد تمرد وجبهة الإنقاذ والأقباط المنحرفون بقادرين على جمع بضعة آلاف في الميادين، وانعزل قادة الانقلاب عن الشعب، والأخطر أنهم اليوم بمعزل عن الجيش نفسه، حيث سقطت مقولة السيسي بالانحياز إلى الإرادة الشعبية، وحيث يرفض الشعب عمل السيسي ويصفه بالانقلاب العسكري، ويطالب الجيش بتطهير نفسه، وتصحيح موقفه.

2ـ ومن هذه التحولات الكبيرة عودة الوعي إلى الشعب المصري، حيث أدرك الشعب بفطرته الطيبة كذب قائد الجيش، وكذب وسائل الإعلام، وأدرك أن مرسي كان ضحية للطرف الثالث الذي كان مجهولا فجاء الانقلاب ليكشف الأقنعة عن وجه الطرف الثالث، وبات الشعب كله يدرك أن الطرف الثالث المتآمر على الثورة وعلى الإرادة الشعبية هو أمن الدولة وقادة الجيش الذين قادوا الانقلاب على الشرعية. الوعي العائد إلى الشعب المصري يقول بكل اللغات إن المعركة الحالية ليست بين الاخوان والجيش، أو بين الحرية والعدالة وجبهة الإنقاذ، وإنما هي معركة بين الاستبداد وبين الحرية . بين الحكم المدني وبين الحكم العسكري، وبين البسطار والدستور.

3ـ ومن هذه التحولات: سقوط الأقنعة. سقطت الأقنعة عن قادة الانقلاب، كما سقطت الأقنعة عن الأنظمة المتآمرة والداعمة له، وسقطت الأقنعة عن تحالف القوى اليسارية والليبرالية بكل أطيافها وألونها، وسقطت الأقنعة عن وجه الديمقراطية الغربية الأميركية، سقطت كل الأقنعة المعادية للمشروع الإسلامي، والمعادي للحريات، وتهيأت مصر وغيرها من العواصم لاستقبال ثورات شعبية مكتملة ليس للعسكر فيها دور، بل الدور كله للشعب وللقادة المدنيين المؤمنين بالديمقراطية وبالدستور وبالشرعية وبالتداول السلمي للسلطة.

4ـ ومن هذه التحولات الكبيرة أن يصير محمد مرسي زعيمًا للأمة وليس مجرد رئيس لمصر. لقد حاول الطرف الثالث بكل مكوناته أن ينال من هيبة محمد مرسي كرئيس لمصر، وكرئيس يملك القدرة على القيادة، وألصقوا به كل الصفات السلبية، واستغرق عملهم الفاسد هذا عامًا كاملًا، حتى إذا حدث هذا الانقلاب الغبي فإذا بمرسي يعود خلال أسبوع زعيمًا لمصر وللأمة العربية والإسلامية ، ومن ثمة يتحول إلى رمز للحرية، ورمز الكرامة والرجولة، ورمز للقائد المؤمن المتوكل، الذي لا ترهبه الدبابة ولا ينحني للرصاصة.

هذه التحولات الكبيرة وغيرها مما لا يتسع المقال لذكرها هنا ستعيد محمد مرسي إلى الحكم رغم أنف الانقلاب، وستبعث الحياة في التجربة الإسلامية الوطنية الجديدة في الحكم، وعند العودة القادمة والمأمولة في الأيام القليلة القادمة ستكون الفرصة كبيرة أمام الثورة لتكتمل، ولتقود، ولتحكم، ولتقرر، ولتطهر البلاد من المعوقين لمسيرة 25 يناير حيثما كانوا، وأحسب أن هذا الأمل الكبير هو الذي أخرج هذه الملايين العديدة في مليونية كسر الانقلاب، والتي قدرها الإعلام بـ (30 مليون متظاهر).