في مقالة نادرة لـ "أحمد منصور" في "الشروق" المصرية، وهو كما هو معروف، احد اهم ادوات الإخوان المسلمين الاعلامية واكثرها تأثيرا وديماغوجية وتعصبا تحديدا من خلال دوره في قناة الجزيرة القطرية، يعترف منصور بفشل تجربة الاخوان في السلطة، ومستخدما تعبير " طوفان الكراهية"، في اشارة للملايين الغاضبة التي خرجت الى شوارع مصر في الثلاثين من حزيران الماضي مطالبة باستقالة مرسي والذهاب الى انتخابات مبكرة، محملا مسؤولية هذا الفشل للأداء المتخبط لممثلهم محمد مرسي، وسوء ادارته، معتبرا ان الخطأ بدأ مبكرا عندما اختارت الجماعة مرسي كبديل متسرع للشاطر، ومن بين اسباب الفشل، كما يشير المقال، عدم اصغاء اصحاب القرار في الجماعة لنصائح منصور نفسه، الذي اضطر لإرسال نصائحه عبر رسائل هاتفه النقال، دون فائدة!.
هذه المقدمة التي تستشهد بتحليل احد اهم اجزاء ماكينة الاخوان الاعلامية واباطرتها، وهو مصري الجنسية، جاءت لتعزيز غرابة واسفاف ما قامت به بعض الجهات من فروع جماعة الاخوان المسلمين وتشكيلاتها في فلسطين مؤخرا، في محاولة لتحويل المسجد الأقصى الى ضاحية لميدان رابعة العدوية في القاهرة، حيث يعيش انصار مرسي وايتامه خارج العالم تماما.
وهي مواقف معزولة، رغم الضجيج الذي تحاول احداثه عبر خروجها عن رأي الاغلبية واختيار وسائل فجة للتعبير عن رأيها، لعل ابغضها واكثرها استفزازا وتطاولا على مشاعر الفلسطينيين كان رفع صورة مرسي العياط على جدار المسجد الأقصى في الجمعة الأولى لشهر رمضان، تشير الاحصائيات إلى ان نحو ربع مليون مصل/ة تمكنوا من الوصول الى المسجد وباحاته لأداء الصلاة، حيث بدا الأمر كمحاولة بائسة لتزوير ارادة هؤلاء الذين وصلوا المسجد عبر حواجز الاحتلال من مختلف مناطق الضفة واراضي الـ 48، في تقليد عفوي يرتبط بعبادتهم وايمانهم ووطنيتهم، المجموعة التي حملت اللافتة والصورة جاءت من داخل الخط الأخضر، لم تحمل علم فلسطين ولا رفعت شعارات تندد بمخطط " برافر" الذي يهدد بنكبة ثانية للفلسطينيين عبر مصادرة 800 الف دونم وتهجير عشرات القرى البدوية، والتي من المفترض ان يكون اليوم هو موعد الاحتجاج الشعبي عليه، حيث تنادت جميع القوى الوطنية للتظاهر دعما لحقوق فلسطينيي النقب. في زاوية من باحات المسجد كان هناك من يهتف باسم بشار الأسد!! بينما علق حزب التحرير لافتة تحمل شعاره " الخالد " المطالب ب " الخلافة ".
فجأة تحول جدار الأقصى الى لوحة اعلانات لتعليق الأوهام والكوابيس، دون الإشارة، ولو من باب المجاملة الى التهديد الجدي الذي تواجهه القدس ويواجهه المسجد سواء من خلال الاقتحامات شبه اليومية لساحاته وبواباته من قبل جنود الاحتلال ومجنداته او المستوطنين، او من خلال الحفريات التي تنهش اساساته وجدرانه ووجوده ومكانته!
شخصان وشيخ وصلوا الى المسجد الأقصى في القدس المحتلة عبر اتباع ومريدين غامضين عزلتهم ايديولوجياتهم المغلقة عن شعبهم وعن قضيتهم وعن العالم، مرسي العياط وبشار الأسد و "خليفة " حزب التحرير الذي لم يتحقق حضوره حتى الآن ولم ييأس منتظروه بعد!.
المشهد سيذهب الى ابعد من المسجد الأقصى الذي جرت الإساءة له بتعمد لا يخلو من يأس، تحديدا الى مسيرة تحمل رايات حماس وجماعة الاخوان المسلمين وهي تطوف بعبثية مطلقة في شوارع غزة! مسيرة من عشرات المصدومين بالسقوط الذريع لمرسي امام طوفان من اكثر من ثلاثين مليون مصري زرعوا في 30 حزيران 2013 علامة لبداية نهاية حقبة الإسلام السياسي الذي حاول اختطاف ربيع الشباب العربي.
سيذهب المشهد الى الشيخ، نسيت اسمه فعلا، وهو "يخطب" في انصاره ومريديه في احدى البلدات الفلسطينية في مناطق الـ 48، ودون ان يرف له جفن، يعلن وقوف الشعب الفلسطيني الى جانب " شرعية مرسي العياط "!.
بصفته "قائد الأمة"! يمكن لنا ان نتخيل، من باب الكوميديا السوداء في هذا السياق " القائد " و "الأمة "!
في المقابل تشكل هذه التصرفات الغريبة فرصة تتغذى عليها الحملة التي يقودها بعض الاعلاميين في مصر، وهي مجموعة تضم في طيفها " اسفاف وضحالة " شخص مثل اديب عمر الى جانب " فجاجة وادعاء" يوسف الحسيني الثورية، بين هذين القطبين تتم شيطنة الفلسطينيين والسوريين، في حملة يتضح انها لا تفتقر الى التنظيم والتوجيه تذكر بحملة الاعلام الرسمي المصري صبيحة توقيع معاهدة " كامب ديفيد ".
لقد أضر هؤلاء بفلسطين وبقضيتها الوطنية ، وزوّروا بوعي ارادة شعبها ، وشوهوا بضيق افقهم وخيالهم المحدود وانعزالهم عن التاريخ والحاضر ثقافة شعبهم ودوره ومكانته، ولعل ما يجعل الأمر محتملا ومبشرا الآن هو انهيار نموذجهم وتفككه وانكشاف الكابوس الذي قضوا في توريته واخفائه اكثر من ثمانية عقود.


