خبر : بحاجة إلى "خارطة طريق" وطنية .. فمن يبادر؟ ...بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 13 يوليو 2013 11:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT





خلّفت التطورات العاصفة التي تضرب المنطقة، بشكل مستمر منذ أكثر من عامين، كثيراً من الدمار في بُنى النظام السياسي العربي، وانعكست سلباً على القضية الفلسطينية، التي ربما لم تعد تحتل المرتبة الثانية أو الثالثة ضمن أولويات الشعوب أو الأنظمة العربية.
على صعيد الشعوب العربية، فإن البحث أولاً عن لقمة العيش وعن مستوى حياة مقبول بالحد الأدنى، وعن وضع اجتماعي يؤكد صلابة بنيانه وصموده في وجه المتغيرات الجارفة، أصبح الأولوية، فيما لم تعد القضايا السياسية والإقليمية ذات قيمة أساسية، وهذا ما انعكس سلباً على القضية الفلسطينية.
وما زاد الأمور سوءاً التحولات في الدول المجاورة التي كانت تُعتبر عمقاً إستراتيجياً للشعب الفلسطيني وقضيته، وهنا نتحدث عن كل من سورية ومصر.
الواقع في سورية مرير لدرجة أجج شماتة الأعداء، وأتاح لهم المجال للتبجح بأن سورية لن تعود إلى حياتها الطبيعية قبل 20 عاماً، لأن الدمار فيها طال الإنسان، والأرض، والبنى التحتية، والاقتصاد... والمعارك بين الحكومة والمعارضة تقوم على أساس الأرض المحروقة.
وبالتالي فإن الأكثر تأثراً بما يجري من الشعوب العربية، بعد الشعب السوري طبعاً، هو الشعب الفلسطيني الذي دمّرت مخيماته في سورية، واضطر عشرات الآلاف من لاجئيه إلى النزوح إلى مناطق جديدة، وأصبحت حياتهم لا تطاق، ولا يمكن أن توصف بالإنسانية، فيما أصيبت القضية الفلسطينية بالصميم، ورغم الخلاف الطويل مع النظام السوري، فإن الجيش السوري كان أحد أضلاع مثلث مهم للمواجهة الصامتة مع إسرائيل.
كانت جبهة الجولان خلال العقود الأربعة الماضية هادئة، ولكن الجمر تحت الرماد بقي قائماً، أما اليوم فقد أضحت أثراً بعد عين، وكما تقول إسرائيل فلن تعود قبل 20 عاماً إلى سابق عهدها، هذا إذا ما عادت وإذا تمكنت سورية من النجاة من التقسيم.
وفي سورية، أيضاً، تركت لنا حركة "حماس" عبئاً ثقيلاً بعد انقلابها على النظام الذي قدم لها المأوى والمساعدة.. ولكنها عادت لأدبيات الحركة، وانكشفت لعبتها السياسية.
أما مصر والتي تعتبر أقوى دولة عربية، وتضم أقوى جيش عربي، فتمرّ في مرحلة حرجة، والانقسام في الشعب المصري أصبح واضحاً بصرف النظر عن حجمه، والاستقطاب فيها حاد يصل إلى حد العداوة التي تتأصل، والتي ـ لا سمح الله ـ ستؤدي في النهاية إلى مواجهات مسلحة بين الجيش المصري وبعض الفئات المتطرفة.
القضية الفلسطينية، أيضاً، أكثر المتأثرين سلباً بالتطورات المصرية، ليس لأن مصر حاضنة للقضية الفلسطينية، وحائط الصد الأول لكل المؤامرات التي كان تحاول النيل من القضية الفلسطينية، ولكن لأن الأوضاع في أرض الكنانة بدأت تنعكس سلباً على الشعب الفلسطيني، من خلال انجرار فئة قليلة من الشعب الفلسطيني مع القوى المعارضة لثورة 30 يونيو التصحيحية، إضافة إلى وجود إعلام غوغائي يُحمّل الفلسطينيين أوزار عدد محدود جداً من الأخطاء، بل يضخم الأمور، ويختلق كثيراً من الحوادث التي لا تمّت للحقيقة بصلة، وبالتالي تأجيج الكره أو الحقد ولو مؤقتاً تجاه شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني.
أما على الصعيد الداخلي، فالاستيطان على أشدّه والاعتداءات الاستيطانية لم تتوقف لحظة، بل وصلت هذه الاعتداءات إلى قلب قرانا ومنازلنا، أما المسيرة السلمية فأضحت في موت سريري منذ سنوات. وإسرائيل غير مستعجلة وهي تخلق وقائعها على الأرض، يضاف إلى ذلك واقع اقتصادي صعب جداً وبطالة هي الأعلى ربما على مستوى العالم.. وعشرات آلاف الخرّيجين المتعطلين.. فما نحن عاملون أمام هذا الواقع.
لا ينفع أبداً دفن الرؤوس في الرمال، وكأننا لا نرى شيئاً، نحن اليوم أكثر حاجة إلى "خطة طريق" وطنية جامعة للخروج من هذه المآزق فهل من مبادر؟!.

abnajjarquds@gmail.com