خبر : ثورة الربيع العربي مستمرة ...بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 12 يوليو 2013 02:23 م / بتوقيت القدس +2GMT




حين فاجأ الربيع العربي، كل الدنيا بإسقاطه نظام زين العابدين بن علي، وبعد ان انطلقت ثورة 25 يناير في مصر، بعد ذلك بأيام، تدافعت الملايين في كل أرجاء الوطن العربي متابعة ومؤيدة، وكأنها ترى " فيلم أكشن " ممتع ومثير، لكن الناس، حين رأت بعد ذلك، أن الربيع العربي في كل من ليبيا واليمن، تأخر في إسقاط حكامه، ثم ترافق الصراع على السلطة، بسقوط الضحايا، من خلال " حرب اهلية " وتدخل الأجنبي، كما حدث في النموذج الليبي من خلال مشاركة "الناتو" الحرب ضد قوات القذافي، تراجعت عن اهتمامها، وبدأت كثير من الأصوات تشكك في الربيع العربي، وتجد ضالتها، في ضعف المظهر الشعبي للاحتجاج في ليبيا، وفي الاقتتال المسلح في ليبيا والى حد ما في اليمن، ثم في التدخل الخارجي، لاتخاذ الموقف ضد الثورات، الى درجة أو الى حد القول بانها ليست سوى مؤامرات خارجية!

يمكن القول بأن نظامي بن علي ومبارك قد "أكلا حم الموس" أو أنه بسبب كونهما نظامين كانا ضعيفين بسبب ارتباطهما أو بسبب من علاقاتهما الوطيدة بالغرب، ولكون المجتمعين التونسي والمصري، متقدمين على الصعيد الاجتماعي، في تونس حالة مدنية فيما يتعلق بمساواة المرأة، وحياة اجتماعية ليبرالية عموما، ووضع ثقافي ناشط، وفي مصر هناك مؤسسات الدولة : الجيش، القضاء، الإعلام، الفن والسياحة، ما عجل في سقوط نظامي الحكم، ومن ثم وسم الثورة بطابع الاحتجاج المدني، حيث لم تحدث مواجهات عسكرية، يتخللها سقوط ضحايا بكثرة.
ثم لأنهما كانا أول بلدين ينطلق فيهما الربيع العربي، لذا فإن أنظمة الحكم في : اليمن، ليبيا، سورية، قد انتبهت الى خطورة مواقع التواصل الاجتماعي، والى جدية الثورات الشبابية، فقام القذافي بمحاولة وضع حد للفيسبوك، وفي تطويق الشرق الليبي مبكرا بقواته العسكرية، فيما لجأ علي عبد الله صالح، الى مواجهة التظاهرة بالتظاهرة، والاحتجاج بالاحتجاج، فيما لجأ اليمنيون، الى ابتكار حالة الانشقاق على الجيش الرسمي، وتشكيل جيش موال للثورة، ولولا تدخل مجلس التعاون الخليجي، ثم محاولة اغتيال صالح، لربما ذهبت اليمن الى حرب أهلية، كان يمكن ان تأكل أخضر ويابس البلاد، فكانت التسوية التي أبقت على حياة صالح، وأغلقت أبواب مقاضاته، على تهم كان يمكن أن توجه له ولنظامه، منها تهم بممارسة قتل المتظاهرين.
أبلغ نموذج للاقتتال كان في ليبيا، ربما بسبب من طبيعة الشعب الليبي، قليل العدد في المساحة الجغرافية الواسعة، وذي الطبيعة القبلية، مترافقا مع مشاركة "الناتو"، الذي اصر على قتل القذافي شخصياً، حين ألقي عليه القبض، بعد سقوط آخر معاقله، في مسقط رأسه، "سرت"، فيما ظل النظام السوري، على مدار أكثر من عامين يصارع سقوطه، حيث ترافق الصراع في سورية، مع حالة من التأييد، الأولى من نوعها، بين كثير من المثقفين والسياسيين وحتى بعض الأحزاب العربية، ذات التوجهات القومية واليسارية، بحجة "ممانعة الأسد" وعدائه للغرب، ثم تحول الصراع في سورية شيئا فشيئا الى مواجهة عسكرية، وانتفى في النهاية مظهر الاحتجاج الشعبي، لأكثر من سبب، أولها ان دائرة الحكم المحيطة بالأسد، سارعت على الفور الى اختيار الحل الأمني، ثم الى أن الأسد _ الوحيد بين أنظمة الحكم العربية التي اندلع الربيع العربي ضدها _ الذي له حلفاء إقليميون : إيران، حكومة العراق وحزب الله، وحلفاء دوليون، روسيا، كذلك كان مع القذافي وصالح، يعتمدان على قوات خاصة، يقودها أفراد من العائلة.
المهم، أن حماس المواطنين العرب للربيع العربي، قد تراجع كثيرا، لأسباب إضافية، أهمها أن الذهاب للانتخابات العامة والرئاسية، قد فتح الباب واسعاً، للإسلام السياسي للحكم، ولمحاولة إقامة الدولة الدينية، على أنقاض دولة كانت شبه مدنية، فيما كان موقفنا، ان ذلك لا يجب ان يحول دون متابعة الربيع العربي، وفي كل مكان من المحيط الى الخليج، ذلك أنه من أجل تقدم العرب، لا بد من إسقاط أنظمة حكم الفرد، دون تمييز، بين نظام ملكي، جمهوري أو أميري، تابع للغرب او ممانع، لأن هذه الأنظمة تحجز " تطور وتقدم " الشعوب والمجتمعات، ولكن مع شرط استمرار الحراك الشعبي، حتى يتجاوز الحكومات الإسلامية المتوقعة "إخوانية أو سلفية"، وهذا ما جاءت التجربة لتثبته في النموذج المصري، وهو أهم نموذج لثورة الربيع العربي، حتى وان كان الثاني في الانطلاق، بعد الربيع التونسي، وإذا كانت ثورة 25 يناير، قد فتحت "الدمل" المحتقن منذ 60 سنة استبداد، مع خمسة قرون تخلف، فإن 30 يونيو، قد ضمدت الجرح، وعالجته، من كل ما لحق به من ميكروبات، وما تناثر على حوافه من آثار التقيح.

Rajab22@hotmail.com