أوضح أحد المتظاهرين في ميدان التحرير لماذا يعارض حكم مرسي والاخوان المسلمين. "أنا مسلم، لكن لا يمكن ادارة دولة تقوم على الدين فهذا يسبب ضررا بالاسلام". وقال البروفيسور إشعياء ليفوفيتش الراحل، وهو متدين ارثوذكسي، هو ايضا قبل سنين كثيرة إن عدم الفصل بين الدين والدولة يضر بالدين خاصة، فقد أفضت مشاركة الاحزاب الكبيرة في الجهاز السياسي، كما قال، الى مصالحات أضرت بالصورة الفلسفية للدين اليهودي.
قد تكون هذه هي الرسالة المركزية من الثورة في مصر وهي الفصل بين الدين والدولة لمصلحة الدين. إن التي قادت في اسرائيل سنين طويلة النضال من اجل هذا الفصل هي احزاب كانت تُرى معادية للدين وهي مبام وميرتس وشينوي. وزعمت الاحزاب الدينية ردا على ذلك ان الحديث عن كارهي اسرائيل الذين يريدون الاضرار بهوى قلوب الشعب اليهودي. وهنا يتحد في المواقف المتظاهر من ميدان التحرير في القاهرة والفيلسوف الذي كان يسكن حي رحافيا في القدس ويحكمان بعكس ذلك بالضبط.
كان الشرط المركزي للاحزاب الدينية لمشاركتها في الحكومة الابقاء على الوضع الراهن، وكل تجاوز له أفضى الى ازمات سياسية والى اسقاط الحكومة احيانا، وحدث ذلك في حكومة رابين في كانون الاول 1976، فان أول شحنة مرسلة من طائرات اف 15 كانت ستصل في يوم الجمعة الى قاعدة سلاح الجو في الجنوب. وجاء وزراء الحكومة الى ذلك المكان للمشاركة في مراسم احتفالية تمت احتفاءا بالحدث. وبسبب تأخر في الجدول الزمني هبطت الطائرات بعد دخول السبت. فصوت حزب المفدال العضو في الائتلاف الحكومي معترضا على الحكومة حاجبا الثقة عنها في الكنيست، فأقال رابين وزراء هذا الحزب واتجه الى انتخابات.
ما الذي بقي من قانون السبت في الحقيقة؟ إن وجود يوم عطلة في الاسبوع هو ذو قيمة اجتماعية في العالم كله وفي اسرائيل ايضا. ولا يعترض أحد على اختيار يوم السبت في البلاد لتحقيق يوم الراحة. ومع ذلك فان أكثر مواد هذا القانون لا تنفذ بالفعل. إن الحافلات فقط تُعطل في نهاية الاسبوع في حين يعمل النقل العام من سيارات الأجرة. وإن قانون تفويض البلديات يُجيز لها استعمال نوادي ترفيه ويعمل عدد من المطاعم في يوم السبت ايضا، أي ان قانون السبت غير مُنفذ في الجزء الأكبر منه والمتضررون الرئيسون هم الجماعات الضعيفة التي لا تستطيع ان تسافر في ذلك اليوم.
كان عدم تجنيد شباب المعاهد الدينية للجيش ايضا من شروط مشاركة الاحزاب الحريدية في الحكومة. وكانت الفكرة الأساسية تمكين مجموعة من الممتازين فيها 400 شخص من الاشتغال طول حياتهم بدراسة التوراة. ويفعل هذا اليوم مئات الآلاف. وكانت الدولة حتى من غير هذا القانون ستضمن دراسة التوراة لكل من يرغب في ذلك كما تشجع الدراسة الاكاديمية. وكان الشباب الحريديون رأس جسر لعرض الديانة اليهودية بطريقة ايجابية على الجنود العلمانيين وعلى الجمهور الاسرائيلي كله بواسطتهم.
إن الاجبار الديني في اسرائيل بواسطة التشريع ربما يُهييء وظائف لنشطاء الاحزاب الدينية لكنه أضر بوضع الوسط الحريدي وأضر ايضا بالطبيعة الفلسفية للدين اليهودي كما قال البروفيسور ليفوفيتش. فقد تحولت من دين استطاع ان يشمل منذ القدم قيما اخلاقية واجتماعية من الطراز الاول، تحولت في نظر كثيرين الى تصور عام ظلامي يملي على جمهور علماني صور حياة لا يرغب فيها. وقد فهم هذا ايضا المتظاهر المصري في ميدان التحرير الذي دعا الى تحرير الاسلام من الحزب الاسلامي.


