ما يجري في مصر، تاريخياً، له تداعيات على العالم العربي عموماً، وعلى فلسطين بوجه الخصوص، ما يجري الآن، له من التداعيات المباشرة وغير المباشرة على فلسطين، وخاصة قطاع غزة، لأسباب عدة، أبرزها عمق التحالفات السياسية بين حماس في غزة، وحركة الإخوان المسلمين في مصر.
ما كان قائماً بين حماس وحركة الإخوان، هو تكامل في الأداء والحركة، بين حركة إسلامية واحدة، هي حركة الإخوان المسلمين. وما أثاره فوز تلك الحركة في غزة، كان واضحاً للعيان. تراكمت أخطاء الإخوان في مصر، ما أوصل البلاد إلى طريق مسدود، فحدث ما حدث، وما حدث عملياً هو إنهاء الدور السياسي، لحركة الإخوان المسلمين، ولفترات قادمة، طويلة.
هنالك نظام مصري جديد، ينشأ من رحم الأحداث الجارية، ومن الطبيعي، وإزاء هكذا "تسونامي" سياسي عاصف، أن تحدث ارتدادات هنا وهناك، ولعل أبرزها وأشدها وضوحاً ما سيحدث في قطاع غزة!
هنالك ملفات متراكمة مصرياً فيما يتعلق بقطاع غزة، خاصة دوره الأمني والعسكري، المتعلق بإمداد السلاح لقوى إسلامية في سيناء، ودور عناصر فلسطينية في مقتل جنود مصريين. وغير ذلك من مسائل عالقة، لكنه آن الأوان لفتحها، والمكاشفة حولها.
أمام حركة حماس الآن، أسئلة حرجة وحسّاسة، وهي أمام خيارات صعبة وقاسية. ما جرى خلال فترة رئاسة مرسي كان واضحاً للشارع المصري بكافة اتجاهاته ومذاهبه، والمخرج من ذلك، هو تجاوز حركة حماس، واستبدادها السياسي والأمني على القطاع، والتعامل مباشرة مع السلطة الوطنية الفلسطينية. دون ذلك ستجد حماس نفسها في حالة تمرد وفي حالة عداء مع مصر والشعب المصري والإرادة المصرية. لا شك بأن حالة جدل داخلي شديد، تدور في أوساط حماس. وهي في حالة لا تستطيع فيها أن تقف على الحياد.
إعادة حسابات حماس، قد يبرز فيها تياراً يدعو للإسراع في الوحدة الوطنية، وتجاوز حالة الانشقاق الجيوـ سياسي، والاحتكام لصناديق الانتخابات. وهذا التيار هو التيار العقلاني، المتفهم لمجريات الأمور وتطوراتها. ومما لا شك فيه، فإن هنالك تيارات جامدة، ستدعو للتمسك برئاسة مرسي، بل ومحاربة سلطات الأمن المصرية، وهو ما فات زمنه، ولم يعد قابلاً للاستمرار على أية حال!
هنالك رأي رسمي، قد صدر، بشأن ما حدث في مصر، ولمصر رأيها فيما يحدث حولها، وبالتالي فإن صياغة الموقف الفلسطيني الموحد، باتت أمراً مطلوباً، خاصة فيما يتعلق بالأزمة المصرية.
هنالك ملفات حساسة وخطرة، ستفتح، وهنالك إجراءات مصرية قادمة لا محالة. وهذا ما يتطلب، بدوره تحركاً فلسطينياً فاعلاً، لحماية القطاع وأهله، وإعادة دمجه في اللحمة الفلسطينية، وفي هذا ما يستدعي، تقاربات سريعة واضحة وحاسمة، بين قيادة حركة حماس، والسلطة الوطنية الفلسطينية، ودون ذلك ستستمر الأمور سيراً عنيفاً يحمل في طياته خطر عزل حركة حماس، إقليمياً وفلسطينياً، وعلى نحو يذكر، بما آلت إليه أمور الإخوان المسلمين في مصر.


