يمكن أن نسمي هذا أمورا كثيرة. أما الديمقراطية فلم تكن هناك. عندما تخرج الجماهير الى الميادين، وتتسبب بالاطاحة برئيس منتخب، هذه ليست ديمقراطية. عندما يصل الجيش، مرة اخرى، الى القصر الرئاسي كي يطيح بالرئيس، هذه ليست ديمقراطية. عندما يؤخذ رئيس منتخب للدولة الى الاقامة الجبرية، هذه ليست ديمقراطية. قبل سنة، سنتين وثلاث سنوات كانت حماسة شديدة للمحللين وكُتّاب الرأي. فقد أقنعونا بان "جيل الفيسبوك" يؤدي بمصر الى مستقبل جديد. وهذا لم يقتصر فقط على التقارير. فمعهد بحوث جدي، المعهد الدولي للسلام، نشر استطلاعا يقضي بان معظم المصريين يؤيدون السلام مع اسرائيل ولا يريدون حزبا يفرض قوانين الدين. عمرو موسى الذي استقال من منصبه كأمين عام الجامعة العربية كي يتنافس على الرئاسة، نال أغلبية بارزة على كل باقي المرشحين. مرسي والاخوان المسلمون كانوا خارج الصورة. والتتمة معروفة. الفارق بين الميادين وصناديق الاقتراع صرخ الى السماء. الاخوان المسلمون والحزب السلفي نالا أغلبية سبعين في المائة. مع كل الاحترام لجمهور الميادين، فهذا هو جمهور المدينة. هذا ليس الجمهور الذي يمثل مصر. صحيح أن الحديث يدور عن جمهور مع كثير جدا من القوة، فان مذيعين ومحللين انضموا الى ثورة الميادين ودعوا الى رحيل مرسي. فهل هذا ما يريده الشعب المصري؟ مرة واحدة سبق أن تبين ان هذا كان وهما. ينبغي تخفيض مستوى الاوهام: الاستطلاعات التي تجرى في مصر على مدى السنوات الخمسة الاخيرة تدل على ميل واضح – الجمهور المصري يتطرف نحو الاتجاه الديني. يدور الحديث عن تحول اسلامي، تأييد للشريعة، تأييد لاعدام الكفار. صحيح أنه ليس لطيفا حقا ذكر هذه الاستطلاعات عندما تكون اغلبية قنوات الاتصال في العالم تبث مشاهد الالعاب النارية من ميدان التحرير. فهذا يبدو رائعا. هذا احتفال. واضح ان هذا ما يريده المتظاهرون الذين وصلوا الى هناك. هم الان على الحصان. غير أنه توجد مشكلة: ليس واضحا ان هذا ما يريده معظم المصريون. لقد سبق ان كنا في هذا الفيلم. فقد ابتهجنا بأوهام الفيسبوك والديمقراطية. وتبينت الحقيقة في صناديق الاقتراع. الشعب المصري جدير باعادة البناء، التنمية، الازدهار والرفاه. والاخوان المسلمون لم يوفروا البضاعة. غير أن سنة واحدة ليست زمنا كافيا للوصول الى الاستنتاجات. وبالتأكيد ليس للوصول الى الاطاحات. لانه مشكوك أن تكون هناك قوة في العالم يمكنها أن تحدث التغيير سريع الذوبان. مصر على شفا افلاس. حكم الميادين لا يبشر بأي تغيير. يوجد بالطبع من يفرحه سقوط الاخوان المسلمين، وعن حق. غير أن هذه المرة، في الظروف الناشئة ليس واضحا على الاطلاق بان هذه بشرى كبرى. مصر هي الدولة الاكبر والاهم في العالم العربي. وقد تحللت من ذخائرها، وتوجد في مرحلة من الالام. في النظرة الاسرائيلية، علينا أن نتمنى لمصر خروجا سريعا من الازمة. فنحن نريد جارا يؤدي وظائفه ويزدهر ولا ينزف. مساء أمس تلقت مصر نوعا من اللجنة المعينة. هذه ليست بالضبط ديمقراطية، ولكن ينبغي تمني لها النجاح.