خبر : صمغ شرعيّة استثنائي ...عبداللطيف الزبيدي

الثلاثاء 02 يوليو 2013 02:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
صمغ شرعيّة استثنائي ...عبداللطيف الزبيدي



ما يحدث في مصر يحتاج إلى جلسة تأمّل، لا وقفة . فالمسارات الخاطئة المعوجّة منذ سنين، على اختلاف صورها وأشكالها، أفقدت أرض الكنانة، في الأمّة والعالم، الكثير من صداها ومداها . على أية حال، ما بعد الثلاثين من يونيو لن يكون كما قبله .   مفهوم الشرعيّة في العالم العربي صمغه قويّ جداً، يتغلغل إلى العظم، وهو أشبه زمنياً بالزواج الكاثوليكي، لا طلاق إلا بالموت . في الدول الديمقراطية تظل الشرعيّة نسبيّة ومحدودة، واترغيت مثال مناسب، غير أنها بسبب فضيحة . النموذج المثالي حدث سنة ثمان وستين، حين انتفض الطلاب في فرنسا، وتحوّلت الأحداث إلى فوضى وشلل عام . كان موقف الجنرال ديغول منطقياً، قال: “لقد جئت إلى الرئاسة لأن الشعب انتخبني، ولن أفرّط في  الشرعيّة . الآن يقال إن الشعب لا يريدني، فما عليه إلا قول ذلك عبر الاستفتاء المباشر، لتكون شرعيّتي ملغاة من قبل الشعب” . وأخفق الرجل في الاستفتاء، فمضى بهدوء إلى قريته “كولومبي لي دوزغليز”، وصار كل صباح يصطحب زوجته إلى السوق لشراء الخضار والفواكه كأي فرنسي بسيط .   في العالم العربي تختلط الأمور على البعض، فلا يرى بعدُ فارقاً بين السلطة والملكيّة الفرديّة . وينسى تماماً أن الغاية من الكرسي هي خدمة الشعب والتنمية وتقدم البلد . وقد رأينا، حين يطالب الشعب بحقوقه، كيف تتغيّر النظرة إليه، فيصبح بين عشيّة وضحاها مجموعة جرذان وجراثيم ومرتزقة مأجورين ولصوص، والصّفة المستجدة مؤخراً على لسان الرئيس المصري: السوس . كيف يكون رد الفعل لدى أولئك لو قيل لهم: إنكم تكتسبون شرعيتكم من الجرذان والجراثيم والسوس ومن المأجورين اللصوص؟   ما يحدث في مصر يبشّر بخير، ونرجو ألاّ يكون الثمن دماء زكيّة بريئة . فهو دليل على أن الاستيلاء على ثمار معاناة الشعوب بغير حق لم يعد عملاً يمرّ بسهولة وتنطلي حيلته على الجماهير التي ضحّت بالغالي والنفيس . وتصحيح المسار في مصر ستكون فيه قدوة حسنة للشعوب الأخرى التي “أكلت المقلب” نفسه .   لزوم ما يلزم: عام من الاختبار كافٍ، على رأي المثل: “لو كان لديها زيت لظهر على مفرقها” .