مصر التي في خاطري وفي فمي .. نعم ، هي مصر مرة اخرى ولا تلوموني فلا لوم او تثريب على من يتحسس قلبه اذ يجتاحه الم او تعتصره وجيعة .. وقلبي انا يقطر حزنا على مصر التي احبها من كل روحي ودمي ، ولا اخالني وحدي، فيقيني ان كل فلسطيني متصالح مع نفسه متناغم مع الدنيا من حوله ، يحبها حبي لها .. مصر العروبة التي كانت بحق حضنا دافئا لكل العرب ونحن الفلسطينيون اولهم ، وكانت حاضنة لكل قضايا الامة المصيرية وقضيتنا الفلسطينية اولها .. مصر الكبيرة اوي اوي ، جامعة الشمل ومبددة الهم والغم ، تتقطع وتتشرذم وتحترق بنار الفتنة .. مصر الهادئة الوادعة الجميلة العاشقة التي كانت تتقلب على نار الشوق واهل هواها يهجرون مضاجعهم هياما في الحب ، تتلوى الان الما وهي تذبح بيد ابنائها ، وتهجر دارها وتفر من مدارها وقد طاش صوابها وهي ترى أفلاذ اكبادها يقتتلون ويتناحرون وينهشون قلبها نهشا وكل منهم يفعل ذلك من فرط حبه لها ، نعم ، لو سألته فسيكون هذا رده ، هو يحب مصر امه اكثر من باقي اخوته ولابد ان يخلصها من شرورهم ، حسب ما يراه ويتخيله ، وصدق من قال ان من الحب ما قتل ، وياليت هذا المتدله في حب امه والذي يفيض عشقا وهو يدندن لها ، حتى لوني قمحي لون نيلك يامصر ، ليته يحس ولو لحظة واحدة ان اكثر ما يمزق قلب امه مصر اربا اربا ويسحق عقلها سحقا هو ان ترى ابنها يفترس ابنها وتبقى هي القاتلة والقتيلة والضحية والجلاد .. اراني قد استرسلت وانا الحريصة على الايجاز حتى لا اقع في مصيدة التدخل في الشأن المصري واحلل وافتي واستفتي ، وربما اهرف بما لا اعرف كحال الكثيرين ممن يدسون انوفهم في قلب مصر المكلوم .. انا لست معنية بالمخطئ والمصيب والمعارضة والموالاة والاخوان وغير الاخوان ، ولن اغوص في وحل الانحياز لهذا الطرف او ذاك ، حتى ولا بذريعة ان بعضهم اكثر تعاطفا معنا كفلسطينيين من البعض الاخر ، فكل مصر بالنسبة لي خير وابقى ، وكل المصريين اهلي واخوتي ، وعندما تسأل شيرين ، ماشربتش من نيلها ، ارد من فوري بلى قد شربت حتى ارتويت حبا لمصر. انا حزينة بكل مافي الحزن من مرارة وانكسار وحزن ، ويظلمني ظلما بينا من يمكن ان يعتقد لحظة واحدة انني اكتب موضوع انشاء، فالخطب جلل والموقف مخيف ، والخطر المحدق بمصر قد اضحى الان اكثر هولا ودمارا ، او بالمصرية الدارجة خراب مستعجل ... ونحن الفلسطينيون واهل قطاع غزة على وجه الخصوص لا نعترف بحدود تفصلنا عن مصر ، ولا تاخذوا هذا دليلا على مطمع في حبة رمل واحدة من سيناء مصر ، ولكن خذوه على حقيقته توحدا في الذات المصرية ، وهل يحتاج اي منكم دليلا على ارتباطنا الازلي بالشقيقة الكبرى نحن الغزيون ، ان شئتم اسوق لكم الف دليل ودليل ، ولكني اكتفي بان اذكركم بان مصر شريان حياتنا وحافظة هويتنا وحامية مقدراتنا وذاكرة تاريخنا في كل الازمنة ، بوابتنا الى الدنيا باسرها ، وبستان احلامنا ومكمن سعادتنا ومبددة همومنا عندما نهيم خارج سجن غزة الكبير بحثا عن صدر حنون نلقي برؤوسنا عليه ونفرغ ما في نفوسنا من احباط وغم .. اه يا مصر كم أحبك وكم يبكي قلبي دما على ما حاق بك ، وكم ادعو الله ليل نهار ان يسوق اليك كل ماهو خير ويجنبك السوء ماخفي منه وما ظهر ، وتعود ايام زمنك الجميل وليلك الضاحك الراقص على وقع دقات قلوب اهل الهوى وقد تجمعوا صحبة وانا معهم .. وترجع امجادك التي صنعها ابناؤك السمر الشداد بوحدتهم اولا واخيرا ، يوم كسروا تسونامي التتار معا ، ودحروا الفرنجة معا ، وشتتوا الفرنسيس معا ، وهتفوا ياعزيز يا عزيز كبة تاخد الانجليز ، ايضا معا .. ولا عليك يا حبيبتي يا مصر ، ستنهضين من كبوتك فانت ارض الكنانة وانت من ترعاه عين الله، وهو عز وجل من قال ادخلوها ان شاء الله آمنين ، فهل يضن بالامن والسلامة على من دخلها واستوطن قلبها .. وقد تنام يا مصر نواطيرك عن ثعالبك ، وقد توغل الثعالب في استنزافك، لكن عناقيدك لا تفنى ، ابدا يا مصر لا تفنى .