توحدت قضايا وهموم النساء العربيات و التخوفات المستقبلية مما ستجنيه الثورات العربية التي انطلقت تحت مسميات " الربيع العربي" ، أثناء متابعتي لمؤتمر مركز شؤون المرأة المعنون " النساء والثورات العربية" لم أشعر باختلاف كبير البتة بين ما قدمته الناشطات الثلاث اللاتي عرضن تجارب بلادهن الثلاث تونس ،مصر واليمن، والهواجس التي تسيطر عليهن عقب الثورات العربية أو " الهبات" العربية" التي لم تؤتي ثمارها بعد ولم تعط أية مؤشرات ودلائل لنحاج أو فشل تلك الثورات وتداعياتها على مستقبل الحقوق المطلبية للمرأة العربية.القاسم المشترك في تلك التجارب أيضا وان كانت التجربة الفلسطينية كانت السباقة في هذا المجال، أن هناك مؤشرات واضحة تدلل بأن متنفذي الثورات العربية يحاولون تمريرها وهو تقزيم الانجازات والمكتسبات التي حققتها النساء على مدار حقب زمنية طويلة، بل هناك تخوف إلى ابعد من ذلك يتمثل في فرض ما أصطلح على تسميته من قبل إحدى الناشطات " الترهيب النفسي" والتهديد وهو السلاح الأكثر ضراوة ووجعاً من أية أسلحة أخرى، سيما ونحن في مجتمع شرقي يفرض الكثير من التابوهات الاجتماعية على حرية المرأة ومشاركتها، فما بالنا في حالة ترويج الإشاعات بأن هناك تحرش جنسي بحق النساء اللواتي يشاركن في الهبات الجماهيرية والثورات؟ بل الأمر تجاوز هذا الحد بمحاولات التهديد بالقتل بغية إبعاد المرأة عن الحيز العام وتقويض مشاركتها تحت مظلة الإرهاب النفسي.ما ظهر كذلك وبشكل جلي أن هناك هواجس ذات صبغة قانونية تهدد مستقبل الحركة النسائية العربية، وهي العودة لفرض قوانين رجعية تعود للآلاف السنين وفي مقدمتها تزويج الصغيرات وتعدد الزوجات وفرض الحجاب بالقوة وغيرها من المكتسبات التي تعتقد الحركة النسائية العربية بأنها تمثل ردة للخلف والعودة بالمرأة لعصر الظلم والظلام.أمام هذه اللوحة التي لم تختلف بشكلها العام عن اللوحة الفلسطينية سوى بكوننا ما زلنا تحت الاحتلال الإسرائيلي ونواجه معركتين في آن واحد معركة التحرر الوطني كأولوية بالدرجة الأولى ومرحلة التحرر المجتمعي وتحقيق أو الحفاظ على المكتسبات التي حققتها المرأة الفلسطينية ومحاولة منع إجهاض كل الجهود التي قادتها المؤسسات النسوية والمجتمع المدني في تطوير مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية، وما زال هناك الكثير من التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية وتسعى لتجذير وجودها في المشهد السياسي والمجتمعي على قاعدة المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي النهاية كيف يمكن للحركة النسائية العربية أن تنقذ الثورات العربية من محاولات إجهاضها والالتفاف على حقوق المرأة كونها الحلقة الأضعف في المجتمع، اعتقد أن على النساء العربيات يقع عاتق حماية الثورات والمكتسبات عبر مواصلة النضال بجميع الوسائل السلمية وتشكيل تحالفات مشتركة من أجل تقويض محاولات إقصاء المرأة عن اللوحة السياسية المرتقبة بعد انتهاء المراحل الانتقالية للحكومات الحالية وسن الداستير الناظمة والمحددة لشكل النظام السياسي القادم ومدى تواجد المرأة الفعلي داخل تفاصيل المشهد.