في كل مرة يطلق فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أقوالا معتدلة، تُعلق به الآمال. حتى الآن كانت هذه آمال عابثة. وفي الايام الاخيرة عاد ليطلق ترانيم النية الطيبة. أما الآن فواجب البرهان عليه. طالما كانت معلقة في الفضاء مسألة ماذا يقصد حين يقول "دولتين" فان السياسة الاسرائيلية في مشكلة وهي لا يمكنها أن تحطم العزلة الآخذة في الاحتدام حول اسرائيل. ففي السنوات الاربعة الاخيرة، منذ توقفت المفاوضات مع الفلسطينيين، طلب نتنياهو بلطف ولم ينفذ بلطف. فقد واظب على طلبه المفاوضات بدون شروط مسبقة، ولكنه هو نفسه يواصل توسيع حدود المستوطنات. من الصعب ان نرى كيف يمكن المضي قدما في الحوار حين يواصل العمل الاستيطاني تثبيت حقائق على الارض. ينشأ احيانا الانطباع بأن نتنياهو يدفع ضريبة كلامية للأسرة الدولية ولا سيما لامريكا، ولكنه لا يقصد حقا. وحتى تصريحاته المتصالحة الاخيرة قد تُفسر كمحاولة لارضاء وزير الخارجية جون كيري، قُبيل مجيئه هذا الاسبوع الى المنطقة. ورئيس الوزراء مستعد حتى لأن ينزل في خيمة يضربها كيري بين القدس ورام الله، ويجلس فيها حتى خروج الدخان. واحتمالات الدخان الابيض لا تبدو في هذه اللحظة واعدة. والآن تثور الشكوك ليس فقط بالنسبة لارادة نتنياهو، بل ايضا بالنسبة لقدرته. فليس مؤكدا على الاطلاق بأن لديه اغلبية في حكومته، بل انه على حزبه سيسيطر في الايام القريبة القادمة مناوئوه. وجر أرجله قد يتبين كسلوك مريض. متأخر جدا. هذه، على ما يبدو، هي الفرصة الاخيرة لحوار اسرائيلي – فلسطيني – امريكي، قبل الاضطراب السياسي والامني. ولتوفير جدوى للمفاوضات يجب ان تقوم على أساس الاعتراف بحدود 1967 مع تبادل للاراضي وعلى استعداد لحل وسط في القدس: الأحياء اليهودية لنا، والعربية لهم، الحوض المقدس، وعلى رأسه الحرم، يُسلم الى وصاية دولية متفق عليها. وبدلا من التخمين ما هي نوايا الفلسطينيين وما هي الأماني الكامنة لمحمود عباس، يفضل فحص قلب وكلى حكومة اسرائيل الآن. وهي ستُختبر حسب مواقفها الأولية في المفاوضات المجددة وليس بعد اليوم حسب تصريحاتها. فقد نفد الائتمان. حتى المعارضون الأكثر وضوحا لمبدأ الدولتين كرئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت، يعلنون عن تأييدهم لـ "استئناف المفاوضات"؛ فهم يأملون بفشلها. على نتنياهو ان يثبت بأن ليست نيته "الاستئناف" فقط بل الاستنفاد.