أصله ما عداش على مصر يا قوم ، على رسلكم اخوة العرب، واللات والعزى لأن جهلتم علينا لنجهلن فوق جهل الجاهلينا .. اين مني زهير بن ابي سلمى يقولها لا فض فوه .. " تداركتما عبساً وذبيان بعدمـا تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم" .. والشاطر يفهم .. ولا ادري لماذا كنت كل هذه السنين اعتقد ان الشطر الثاني من هذا البيت يقول " بعدما تبدل ما بين العشيرة بالدم " واغلب الظن انها الترجمة المعتمدة لتفانوا ودقوا بينهم عطر منشم .. هذا ليس كشفا لاسرار حرب داحس والغبراء بعد كل هذه القرون من الزمن، لا ادري ان كانت ويكيليكس قد كشفت وثائقها ام ليس بعد ، تلك الحرب الشهيرة بين عبس وذبيان، وهما بالمناسبة ينحدران من قبيلة واحدة اكبر هي غطفان ، يعني كانوا اخوة وابناء عمومة ، والتي استمرت كنظيرتها حرب البسوس اربعين عاما ، يبدو ان العرب يتفاءلون برقم اربعين في عدد سنوات حروبهم ، واكلت الاخضر واليابس فقط لان فرس ذبيان الغبراء قد سبقت حصان عبس داحس، واضح انهم لم يكونوا يؤمنون بالمساواة الجندرية ، فاستشاط من ضاع منهم قصب السبق غيظا كعادة العرب عندما يخسرون اي شي صغر ام كبر ، واتهموا القبيلة التي فازت بتعمد اجفال حصانهم واسقاطه لفارسه من على ظهره ما انتهى بخسارته للسباق، بصراحة هم كانوا مستقوين بسلاح الدمار العبسي الشامل عنترة بن شداد ، هذه الحرب قد اكل عليها الدهر وشرب، "ونام واتغطى كمان" ، و لكنها قد باتت موضه قديمة ولا تعد او تذكر اذا ما قورنت بالنسخة المعدلة من داحس وغبراء محبوب العرب والتي هي وبمحض الصدفة والله على ما اقول شهيد ، قد خرجت من ذات الرحم العربي وبذات العملية القيصرية ، والسبب عينه ، محمد عساف ابن قبيلة فلسطين المتواضعة عددا وعدة سبق ، في الغناء وليس في سرعة العدو ، احمد جمال من قبيلة مصر الكبيرة في كل شيء حتى في مكانتها المميزة في قلوبنا نحن الفلسطينين ، تلك المكانة التي لا يفردها الفلسطيني الا لمن يحب ويحترم ويقدر ايما تقدير . سباق أراب ايدول يا سادة كان هذه المرة على غير ما جرت عادته ، او فلنقل اكثر مما جرت عادته ، بما شهده من اثارة لاحدود لها وتهافت على التصويت وصب المال مدرارا في جيوب المتكسبين من هذه اللعبة ، ويعلم المحترفون والمتابعون عن كثب كيف يتعمد القائمون على مثل هذه المسابقات ازكاء نار المنافسة بما يصل في سخفه حد صب الزيت على نار النعرات ، والله ما اجد وصفا مناسبا للنعرات ، هل اقول القومية ونحن ابناء قومية واحدة ، ام اقول الوطنية ونحن جميعا من هذا الوطن العربي ، او اجعلها طائفية ونحن واخوتنا في مصر ذات الطائفة ، ونحن واحبتنا المصريون ذات العرق وذات الاصل وذات كل ما يمكن ان يكون رباطا لاتنفصم عراه ، انا فلسطينية وكنت اتمترس خلف ابن فلسطين عساف ليس فقط لانه فلسطيني ولكن لان صوته كان يسحرني ، ومع كل ذلك كنت اعرج على احمد جمال واستمتع ايضا ايما استمتاع بصوته وحسن ادائه ، ولن ادعي الملائكية واقول انه لو فاز احمد جمال وخسر عساف المسابقة لما شكل ذلك اي فرق بالنسبة لي ، وما كنت لأبتئس او احزن ، كلا بالطبع كنت ساحزن الى حد البكاء علنا وعلى رؤوس الاشهاد ، لكني وبكل صدق كنت سافيق من الصدمة على شعور كان سيهون على نكبتي ، شعور جميل بان اللقب لم يذهب بعيدا فقد انحرف عن الاخ ليستقر في حوزة اخيه وكلاهما فنان اصيل يستحق الفوز .. اما لماذا لا تكف البسوس عن صراخها المشؤوم ويلوي فرسان داحس وغبراء محبوب العرب اعناق خيلهم ويكروا عائدين وقد خبت نار الحرب وفاز من فاز وخسر من خسر وقنع من الغنيمة بالاياب من سقط على الطريق ، فهذا ما لا اجد له تفسيرا الا السفه والعته وانحطاط الفكر وانعدام الادب والافتقار الى الخلق القويم ، وليعلم الجميع ولا اخالهم الا يعلمون ان من يتطاول على الشقيقة الحبيبة الام الرؤوم مصر، وعبر مناكفات سمجة تطال من احببنا صوته وعشقنا حسن ادائه ، ابن مصر احمد جمال ، لا يفعلون ذلك ممثلين لكل الفلسطينين او حتى قلة منهم بقدر ما يمثلون انفسهم فقط لاغير ، ولا احسب لهم هدفا غير الثرثرة والقعقعة واثارة الضجيج على قاعدة نحن هنا ، فليس منهم من يمكن ان يجمح به خياله المريض الى حد الاعتقاد بان ترهاته هذه يمكن ان تثير انتباه مصر اصلا او تدفعها الى الالتفات صوبه .. ويا حبيبتي يا مصر ، ويا حبيبة كل فلسطيني ، ويا ام كل الدنيا .. من فاز بلقب محبوب العرب هو ابنك محمد عساف ، ومن جرفهم طوفان الفرح بفوزه هم ابناؤك الفلسطينيون ، وكلهم عشاق نيلك وهرمك واتباع ازهرك واخوة سلامك ورفاق حربك ، وشركاء آمالك واحلامك وآلامك ، ولا عليك ممن غلته الحماقة وكبته في جحيم مناطحة صخرتك .. اغفري له ذلة لسانه يا تاج العلاء في مفرق الشرق .. اصله ماعداش على مصر .. وحقك علينا ياست الكل...