خبر : سورية تجدد الحرب الباردة ...رجب ابو سرية

الثلاثاء 18 يونيو 2013 10:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
سورية تجدد الحرب الباردة ...رجب ابو سرية



أخيراً، وبعد ولايتين أثار خلالهما حفيظة نصف الشعب الإيراني، ومعظم دول الجوار، وغالبية دول العالم، وأدخل خلالهما بلاده في ما يشبه العزلة السياسية الخانقة، رحل محمود أحمدي نجاد، رئيس الجمهورية الإيرانية، في الوقت الذي احتل مكانه رجل الدين المعتدل حسن روحاني، بما يوحي بإشارات الى أن إيران تنوي إجراء تغيير أو حتى تعديل على سياساتها الخارجية، التي سبق وان اتبعت في عهد الرئيس السابق نجاد. ورغم أن روحاني الذي وصف بأنه معتدل، رغم أنه لم يتقدم كمرشح إصلاحي، لكن كان ذلك بسبب من الدعم العلني والصريح له في الانتخابات الرئاسية، من قبل قادة الإصلاح الرئيسين السابقين: محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني، فاز ومن الجولة الأولى على خمسة مرشحين متشددين، إلا انه لم "يهزم" مباشرة احمدي نجاد، الذي كان قد منع من الترشح لولاية ثالثة، استناداً الى الدستور، وهو الذي كان قد فاز في الفترتين الرئاسيتين السابقتين، في ظل اتهامات بالتزوير لصالحه، خاصة قبل أربع سنوات، ترافقت مع " ثورة " شعبية كادت تُدخل البلاد في حرب أهلية. ما قوبل به انتخاب روحاني من ارتياح مشوب بالتحفظ في الخارج، مرده، أنه رغم كون الرجل مرشح الإصلاحيين، إلا انه قد لا ينجح كثيراً في تغيير وجهة البوصلة السياسية، خاصة في الملفات التي توصف بأنها ذات طابع أمني، والتي يقرر فيها المرشد الأعلى للدولة، والذي بصلاحياته الواسعة يعتبر عنواناً لنظام شمولي مستبد، أقرب الى النظام الملكي، وتحديداً ملفات النووي، دعم بشار الأسد، وحزب الله .وهكذا فانه إذا كان من المستبعد ان تتراجع إيران عن سياستها تجاه هذه الملفات، إلا أنها قد تغير من أسلوبها تجاهها، وربما كان الوضع الداخلي، حيث لاحظ قادة إيران الفعليين، أن إيران في المرحلة المقبلة بحاجة الى نزع فتيل التوتر الداخلي، خشية من ربيع إيراني، امتدت نيرانه من المنطقة العربية الى تركيا، هو الذي دفع نظام الملالي الى عدم التدخل هذه المرة ضد فوز روحاني، خاصة بعد النجاح النسبي الذي حققه التحالف الداعم لبشار الأسد في مفصل المواجهة العسكرية، والذي جرى قبل أسابيع قليلة في موقعة القصير. وبتقديرنا لم تكن معركة القصير، محطة من محطات المواجهة الداخلية في سورية، وحسب، ولكنها كانت مفصلا حدد على نحو واضح المدى الذي يمكن ان تصل إليه القوى الإقليمية والكونية، التي كانت حتى تلك المعركة، تحرص على البقاء وراء كواليس الحرب الأهلية الدائرة في سورية منذ أكثر من عامين، فرغم ان تلك المعركة جاءت بعد " تسوية سياسية " بين واشنطن وموسكو، بعد زيارة جون كيري للعاصمة الروسية، والاتفاق على حل سياسي للأزمة، إلا ان النظام السوري، استغل ذلك التوافق لشن معركة، لم يربح فيها معنوياً او عسكرياً وحسب ولكنه كسب موقعاً إستراتيجياً، يبقي على اتصاله اللوجستي / الجغرافي مع حزب الله، الذي دخل الحرب، صراحة هذه المرة، وكان لمقاتليه الدور الرئيسي في حسم المعركة، وبالطبع فإن إيران من وراء حزب الله، لم تعد تخفي هي ايضا مشاركتها في الحرب من أجل عدم سقوط نظام الأسد، والأهم ان روسيا باتت هي أيضا ترفع من عقيرتها في الوقوف الى جانب النظام السوري.بعد معركة القصير وإزاء ما شعرت به واشنطن من أن موسكو قد خدعتها بعد اتفاقهما الذي سبق تلك المعركة، فإن العاصمة الأميركية، قد تراجعت عن تحفظها في تقديم السلاح للمعارضة السورية، الأمر الذي قوبل من موسكو بالرد الشديد، ومن أعلى المستويات، من الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، حيث قال إن موسكو تقدم الدعم للنظام الشرعي فيما، واشنطن، تقدم السلاح لمن يأكلون الأعضاء البشرية، طبعا في إشارة للجماعات السلفية المتشددة التي تشارك في الحرب السورية. لسنا هنا بصدد انتقاد تصريح الرئيس الروسي، الذي يغض النظر عن المجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين، ولسنا بحاجة الى تذكيره، بتاريخ روسيا الداعم للثورات، ولا حتى بأن النظام السوري انما هو نظام مستبد وغير ديمقراطي، ولكن ونظرا الى إصراره على تزويد النظام السوري بصواريخ 300 أس أس، والتي تقابل بالرفض الإسرائيلي، فإن ذلك يعني بأن أجواء الحرب الباردة تعود الآن بين موسكو وواشنطن، وان الحرب في سورية باتت تهدد بأن تكون آخر الحروب الكونية، في الوقت الذي باتت فيه مفترقاً لاصطفافات سياسية، تستخدم أسوأ ما يمكن ان تنطوي عليه الحروب العالمية أو الإقليمية من " أخلاق " منحطة، حيث يتم خلالها تهييج البواعث الطائفية، فوقوف إيران وحزب الله وحكومة العراق مع النظام السوري، يستند الى وحدة المذهب الشيعي، ومحاولة لتحقيق طموح فارسي في وصل القوس الشيعي جغرافيا من إيران الى جنوب لبنان مروراً بالعراق وسورية، وهذا ما أكدته أهمية "القصير" الإستراتيجية في هذا الصراع . في هذا الصدد، فإن إعلان الرئيس المصري، بعد ان نجحت "تمرد" في الظفر بتوقيع 15 مليون مصري لنزع الثقة عنه بعد مرور عام على توليه الحكم، لم يكن سوى محاولة، لدفع واشنطن وتل أبيب للحفاظ عليه ومنعه من السقوط بعد أسبوعين، ذلك أن الصراع الذي تشارك فيه إيران وحزب الله والمالكي إن كان يهدف الى تحقيق طموحات فارسية قديمة، فإن روسيا تريد العودة مجددا الى المكانة الدولية من هذه البوابة، وتحديدا لشق طريق الغاز، الذي سيكون مصدر القوة في العقود القادمة، أما إسرائيل فبالإضافة الى كونها ستكون قوة الغاز الأولى في العالم، فإن نجاح طهران بإقامة هذا المعسكر، بهذا القوس الممتد من البصرة الى بنت جبيل، يعني أن الدولتين باتتا طرفي الحدود، وحينها فان دولتين نوويتين ( إيران وإسرائيل ) قد تحلان مكان السوفييت والأميركان في الحرب الباردة التي ورثت طرفي الحرب العالمية الثانية. Rajab22@hotmail.com