خبر : تحت حكم "حماس" ...محمد ياغي

السبت 01 يونيو 2013 08:51 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تحت حكم "حماس" ...محمد ياغي



فاجأني أحد الأصدقاء بالقول إن صحيفة "الأيام" ما زالت ممنوعة من دخول غزة. كنت قد قرأت هذا الخبر منذ سنوات لكنني اعتقدت بأنها مجرد مناكفة مؤقتة من "حماس" ما تلبث أن تنتهي، لكنها كما يبدو سياسة تستهدف حجب المعلومات وليست مناكفة كما اعتقدت مخطئاً... لأسباب أهمها الحصار المفروض على غزة والحروب التي شنتها إسرائيل عليها، اعتقدنا أن الأولوية هي لرفع الحصار ولتدعيم صمود أهل غزة وما زلنا نعتقد بصحة ذلك.. لكن هذا الموقف منعنا من الالتفات إلى الظلم والمعاناة التي يعيشها أهل غزة تحت حكم "حماس." هذا المقال يتحدث عن جزء يسير من معاناة أهل غزة تحت حكم "حماس" والمعلومات الواردة فيه هي من صديق "غزاوي" التقيته قبل أيام:أخلاق "حماس"- يقوم التنظيم "المقاوم" في غزة بمحاسبة الشباب على شكل البنطال الذي يلبسونه وعلى تسريحة شعرهم، وآخر عملياتهم العسكرية وجهت ضد الفنان محمد عساف، حيث سُخرت أغلبية المساجد للتنديد بمشاركته في برنامج عرب آيدول. جماعات أشبه بجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعبث في غزة بدون حساب وتطارد الناس بأسئلة تتعلق بحياتهم الشخصية وتراقب حتى الفضاءات الافتراضية التي يزورونها للحفاظ على الأخلاق "الحميدة." من أعطاهم هذا الحق؟ قطعاً ليست "الديمقراطية" التي نجحوا من خلالها في الانتخابات قبل ثماني سنوات! النظام الديمقراطي لا يعطي تفويضاً لأحد للتجسس على الناس أو للتدخل في حياتهم الشخصية ولا توجد فيه وصفة "لبنطال ديمقراطي وآخر غير ديمقراطي". وقطعاً ليس الدين الإسلامي، اللهم إلا إذا اعتقدت "حماس" بأنها التنظيم الوحيد وأن "علماءها" وحدهم من يحق لهم تفسير الإسلام. لكن ما هو مؤكد بأنها تستمد شرعية ممارساتها "غير الأخلاقية" بقوة الحديد والنار، بالتخويف والإرهاب وقطع الأرزاق. وفي هذه الحالة فإن شرعيتهم هي مثل شرعية جميع أنظمة الاستبداد الفاسدة التي ما زالت قائمة في العالم العربي، إلى زوال. بحر "حماس"- آخر زيارة لي لغزة كانت في العام 1998، حينها كان للفقراء بحرهم، ولمن يملك المال بحره.. الفقراء يأخذون خيامهم وطعامهم وينزلون إلى شاطئ البحر دون استئذان أحد.. والأغنياء أو من لديهم بعض المال، يتوجهون إلى إحدى الاستراحات للاستجمام.. اليوم يقول صديقي، إن البحر أصبح للأغنياء فقط. لا احد يستطيع أن يصل البحر إلا من خلال استراحة، "حماس" فيها إما شريك، أو محصل للضرائب. بحر الفقراء اختفى ومن لا يملك المال لا بحر له حتى لو كان الشورت الذي يلبسه ضمن الأيزو الخاص بـ "حماس" -أبعد من الركبة بقليل- حتى لا يثير "الفتن والغرائز" النائمة!نحن هنا نتحدث عن شباب لا توجد لديهم أندية رياضية، أومتنزهات عامة والبحر خيارهم الوحيد للشعور بآدميتهم وبأنهم مثل بقية البشر قادرون على اللعب والفرح والاستمتاع بنعمة الحياة. لكن البحر أصبح ملك "حماس" وأحد مصادر إنفاقها على منظومتها المدنية والأمنية. لا نطالب "حماس" بجعل الشاطئ كله ملكاً للناس، وهو حقيقة لهم بقوة القانون الطبيعي، ولكن باقتسامه مع الناس على الأقل وهذا أضعف الإيمان. كهرباء "حماس"- لمن يعتقد بأن مشكلة الكهرباء في غزة قد انتهت، ها نحن نذكرهم بأنها لم تنته-.. الكهرباء تقطع عن الناس من الساعة السادسة صباحاً وحتى الثالثة عصراً.. إلى هنا يمكن تفهم الحاجة لتقنين استخدام الكهرباء طالما أن الأموال لتشغيل محطة الكهرباء أو الوقود الموعود من الخليج لم يصل.. لكن ما لا يمكن فهمه هو لماذا يجري قطع الكهرباء عن الناس بين الساعة التاسعة مساءً والساعة الحادية عشرة ليلاً! لماذا مثلاً لا يستمر قطع الكهرباء حتى الخامسة مساءً بدلاً من قطعها الساعة التاسعة حيث الناس بأشد الحاجة لها. السبب قد يكون رغبة "حماس" في أن تنام الناس مبكراً لأسباب نجهلها.. وقد يكون الهدف حرمان الناس من متابعة برامج تلفزيونية معينة مثل جميع الأنظمة الشمولية التي تطارد الناس في أبسط تفاصيل حياتهم. مع "حماس" أنت آمن- إذا كنت تحمل جواز سفر صادراً عن حكومة غزة.. فأنت بلا شك آمن وبإمكانك الدخول أو الخروج من معبر رفح دون مشاكل لأن إصدار الحكومة له فيه شهادة لك على "حسن سيرك وسلوكك" أو لنقل إن حكومة غزة قد أجرت تحرياتها الكاملة عنك ووجدت بأنك إما من "جماعتها" أو "أنصارها" أو على الأقل أن تاريخك الشخصي يؤكد حيادك في الصراع مع "فتح".. لكن عليك أن تتوقع الأسوأ إن كان جواز سفرك صادراً عن حكومة رام الله. هذا وحده يؤكد لموظف "حماس" في الطريق الى المعبر بأنك لست مع "حماس" وبأنك غير محايد في الصراع معها.. في حالة كهذه عليك أن تتوقع التأخير.. أن يتم إنزالك من الباص المتوجه للمعبر، والانتظار لعدة ساعات حتى يتم التأكد بأنك لست خطراً على أمن "حماس." ليس مهماً قطعاً إن كنت في عجلة من أمرك لدواع صحية مثلاً أو قلقاً من إغلاق مفاجئ للمعبر يمنعك لأسابيع من محاولة المغادرة.. الأمن أولاً، وهو أولاً، لسبب بسيط، لأنك لست مع "حماس" ولأنك كذلك فأنت غير مأمون الجانب. مثل أي نظام استبدادي أمنه أهم من أمن "الناس" ومصالحهم. أنفاق "حماس" أم نفاقها- لم نعد نعلم حقيقة إن كانت "حماس" تريد رفع الحصار وإغلاق الأنفاق أم أن المطالبة برفع الحصار هي من باب "النفاق." بعد وصول إخوان مصر للحكم لم تعد "حماس" تتحدث عن الحصار وكأنه غير موجود.. وتوقفت قوافل رفع الحصار التي كانت تأتي من البحر وتذكر العالم بأن غزة محاصرة. ما هو ملاحظ أن "حماس" تمتلك السيطرة على جميع أنفاق غزة.. فهي إما لها كتنظيم.. وإما محصل للضرائب على كل ما يمر خلالها.. هي إذاً مصدر دخل أساسي للتنظيم ولحكومة التنظيم.. هنالك من يقول إنه عندما أخرجت سلطة "فتح" من غزة العام 2007 كان فيها (20) مليونيراً فقط.. اليوم يقال إن فيها (200) مليونير! إن كانت هذه المعلومة صحيحة، ونحن نعتقد بصحتها وفق مقولة أغنياء الحرب- تلك الفئة التي تستفيد من بؤس الناس في أجواء الحرب والحصار لتحقق مرابح مالية خيالية- فإن "حماس" فعلياً غير معنية برفع الحصار لأنها تقنن من نفوذ "أغنيائها" وتحرمهم من ذرائع رفع الأسعار لتحقيق العائدات المالية الخيالية. تحت حكم "حماس" لا يوجد مواطنون، هنالك أشياء لهم صفة البشر لكنهم بلا حقوق، بلا حريات، وبلا كرامة أيضاً... هذا واقع يؤدي الى مجتمع مفكك، ضعيف، وهو بحد ذاته بيئة خصبة لظهور كل أنواع الجنون.