خبر : تعميم الانقسام الفلسطيني عربياً..فتحي صبّاح

الخميس 30 مايو 2013 12:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
تعميم الانقسام الفلسطيني عربياً..فتحي صبّاح



 قبل عشر سنوات لم يتخيل أي مواطن فلسطيني، ولا حتى في أسوأ كوابيسه، أن يكون هناك انقسام فلسطيني مثل الذي نشهده الان.ومنذ ثلاث سنوات لم يخطر ببال أي مواطن عربي أن يكون هناك ثورات لا في تونس ولامصر ولاغيرها.وعندما فازت حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية الحرة والنزيهة التي تم تنظيمها في 25 كانون الثاني (يناير) 2006، فرح معظم الفلسطينيين والعرب، واستبشروا خيراً، وتوقعوا تغييراً جذرياً قد يفتح المستقبل على أفق ديموقراطي، ويشرع الأبواب على أخرها أمام الحريات والتنمية والنهضة.وربما دعا الله معظم العرب أن يمن على بلادهم بانتخابات مشابهة يفوز فيها حزب أو أحزاب سياسية مثل "حماس" التي قدمت نفسها للفلسطينيين والعرب حركة مقاومة شهيدة طاهرة نظيفة اليد واللسان والبندقية.مر نحو أربع سنوات قبل أن تندلع أول شرارات الربيع العربي في بلاد الياسمين تونس، فكانت المفاجأة غير المنتظرة للتوانسة والعرب، والصدمة للغرب الذي سعى جاهداً الى فهم ما يجري واستيعابه ومن ثم العمل على التأثير فيه، قبل التحول الى التحكم في مجرياته واستغلال ربيع عربي سرعان ما ذبلت أوراق اشجاره وتساقطت في خريف قاس مبكر.وبدلاً من أن تُزهر أشجار الربيع العربي وحدة تقدماً وتنمية وديموقراطية ورفاه، يبدو أن الانقسام الفلسطيني في طريقه الى الاستنساخ عربياً، فخلال تلك السنوات التي انفصلت فيها غزة عن بقية فلسطين، انسلخ جنوب السودان عن الوطن الأم، والعراق مقسم عملياً الى ثلاث دويلات موحدة شكلياً في دولة واحدة، ومصر مهددة بانفصال أجزاء منها عن تراب الوطن، واليمن السعيد يخيم الحزن عليه وفي طريقه الى أن يصبح يمنين، وتونس تعصف بها أنواء الانقسام وسورية تدور فيها حرب تنبعث منها رائحة طائفية ومذهبية كريهة قد تفتتها الى دويلات.ولو نظرنا نظرة بانورامية الى المشهد في دول "الربيع العربي" يُلاحظ أن العرب يتبعون، بارادة أو من غير ارادة، عن وعي أو من غير وعي، المسار نفسه الذي سار عليه الفلسطينيون في عامي 2006 و 2007، الذي انتهى الى اقتتال أهلي تم تتويجه باقامة كيان سياسي في قطاع غزة واخر في الضفة الغربية تتباعد الخطوات بينهما يوماً بعد يوم.وكما بدأ الانقسام الفلسطيني بخلافات سياسية حادة بين حركتي "فتح" و"حماس" سرعان ما تحولت معها الحركتان تدريجياً الى عدوين لدودين خاضتا معارك طاحنة في صراع دام على السلطة، تتجه الأنظمة العربية والمعاضة الى مصير مشابه يبدو حتمياً.فالمسافة بين الأنظمة والمعارضة، بخاصة المسلحة منها، تتباعد يوماً بعد الأخر وتزدحم قائمة شروط الحوار الذي يُفترض أن يكون السبيل الوحيد لحل أي مشكلات أو معضلات، فضلاً عن الشراكة السياسية الضرورية لبناء مستقبل أمن للشعوب.لكن على ما يبدو فإن الأنظمة الحكمة التي تستأثر بالسطة ومقدرات البلاد وكذلك المعارضة لا تأبهان ولا تعيران وحدة البلاد والعباد أي اهتمام، فالحزب أو الأحزاب الحاكمة لا تريد اشراك القوى الاخرى معها، وأقطاب المعارضة تتصارع فيما بينها على كرسي الزعامة، تماما كما يحدث اليوم في سورية، فالمعارضة فشلت تماماً في تحقيق أي توافق فيما بينهما ولم تقبل بنصائح حلفائها العرب والغربيين، بل وعاندت باصرار ضغوطاً فرنسية وأميركية لتوحيدها بكل الوسائل.والمطلب الغربي بتوحيد المعارضة السورية، ليس نابعاً طبعاً عن حب للمعارضة أو الشعب السوري، أو عن شعور انساني جارف، بل لأهداف سياسية ومصلحية بحتة لاسقاط نظام الأسد الاستبدادي وتنصيب المعارضة في الحكم ليسهل عليها تحريها في المستقبل كما الدمي.إن المواطن الفلسطيني لم يتخيل يوماً أن سلاح الثورة والمقاومة الطاهرالذي امتلكته حركتا "فتح" و"حماس" سيُستخدم لقطع أعناق الشعب الفلسطيني في احتراب أهلي، فما بالنا بسلاح الأحزاب أو القوى الحاكمة أو المعاراضات العربية الذي لم يذق للطهارة نفسها طعماً ولم ينل شرف منازلة أعداء الأمة بتاتاً، أو على الأقل منذ زمن بعيد.هذا السلاح لن يرتدع إلا بعد أن ينال من رقاب الشعوب العربية قتلاً ومن مقدراتها تدميراً.فهل يتعظ العرب ويعيدون قراءة المشهد الفلسطيني بتمعن ويرون الى أن وصلت القضية الفلسطينية نتيجة الانقسام السياسي، أم أن عرب الخريف العربي لن يتراجعوا قبل يستلهموا النموذج الفلسطيني كلياً؟