في أثناء زيارته الى اسرائيل، اعلن الرئيس اوباما بانه في الاشهر القريبة القادمة سيحاول وزير الخارجية الامريكي جون كيري اعادة تحريك المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية. وقد مر منذئذ أكثر من شهرين بقليل. الاختراق لا يبدو في الافق، ولكن كيري يواصل المحاولة. في لقاء المنتدى الاقتصادي العالمي في الاردن هذا الاسبوع نجح حتى في أن ينتزع بصورة مشتركة مع الرئيس بيرس والرئيس محمود عباس، الذي بدا وكأن احدا ما يجبره على الابتسام تحت تهديد السلاح. اما بيرس، مثلما شهد وعن حق نفتالي بينيت، فهو يمثل نفسه بالاساس، وكذا ابو مازن أيضا، الذي نسي منذ زمن ما هي الانتخابات الديمقراطية. ولكن المهم ان تلتقط لهم الصور. في ذات الفرصة طلب بيرس وكيري من رئيس السلطة العودة الى طاولة المفاوضات "دون شروط مسبقة". وهذا تظاهر آخر. فلاسرائيل يوجد عدد غير قليل من الشروط المسبقة: مثلا الاعتراف بنا أو هجر الارهاب. فهذه هي الاسباب التي بسببها لا يجري الحديث مع حماس. ولكن الاعتراف بدولة فلسطينية او مطلب تجميد الوضع على الارض يعتبر في نظرنا دق عصي في الدواليب. اسرائيل، مثلما قال ذات مرة نشيط فلسطيني، تريد أن تجري مفاوضات على قطعة بيزا في الوقت الذي تأكلها. وفي النهاية نحن نقنع أنفسنا بانه من الخير ان يبقى الطرف الاخر جائعا. لو كان جون كيري مستقيما مع العالم ومع نفسه، لكان أعلن في المؤتمر الصحفي التالي له الحقيقة: لا توجد مسيرة سلمية، ولا يوجد اي احتمال للاتفاق في المستقبل المنظور. يمكن ان نفكك كل تلك المكاتب لشؤون المفاوضات ووقف القطار الجوي لكل المقاصد المحتملة في العالم. ما يحصل الان في الضفة الغربية وفي غزة هو ما سيكون، على الاقل في المستقبل المنظور. سلام والى اللقاء. كيري والمزيد جدا من الناس يعرفون بان هذا بالضبط هو الوضع، ولكن مريح لهم التظاهر. احيانا يشرحون تمسكهم بـ "المسيرة" بالحاجة الى اظهار التفاؤل بالذات حينما يبدو أنه لا يوجد احتمال. ولكن ما يحتاجه النزاع في هذه اللحظة ليس نصائح بشيكل، بل بعض الحقيقة في الوجه. ان الاعلان عن تصفية المسيرة كان سيقدم جميلا للسلام اكثر بكثير من كل تلك الرحلات المكوكية التي بالكاد تنجح في أن تصل الى الصفحات الاخيرة في الصحف. ومن حيث البداية، فانها كانت ستلزم الجمهور في البلاد – أو على الاقل بعضها منه – على اجراء نقاش حقيقي وكذا بالنسبة للاثار بعيدة المدى للسياسة الاسرائيلية، بدلا من أن نبيع أنفسنا الاوهام أو مجرد ان ندفع رؤوسنا في الرمال. لقد كانت المسيرة السلمية حجة غيبة مريحة للجميع. وحان الوقت للتخلص منها. اعلان حقيقي من جانب كيري كان سينقذ ما تبقى من المصداقية الامريكية ويجبر ايضا الدول الاوروبية وباقي العالم على اعادة تقويم تعاونها مع ما اصبح وضع احتلال دائم. شركات أجنبية ومحلية تربح من مشريع في المناطق ما كانت لتواصل التمتع بذريعة "الوضع المؤقت" الذي بات يبدو غبيا كلما مرت السنين. "الوضع" بات دائما منذ زمن بعيد. طر الى بيتك يا كيري، ولا تعود. الاحتمال في أن يحصل هذا ليس عاليا. لاسرائيل، للبيت الابيض وحتى للموظفين في رام الله مريحة الاوهام. الولايات المتحدة واسرائيل قد تنجحا حتى في أن تفرضا على عباس العودة الى المباحثات، وان كان فقط لانهما تمسكان بانبوب المال الذي تتعلق به السلطة الفلسطينية. سلام لن يخرج من هذا، ولكن الجميع يمكنهم ان يحتفلوا باستئناف "المسيرة".