توشك اسرائيل ان تدفع ثمنا باهظا على مذبح المصالحات والصفقات والوظائف السياسية. وبدل استقرار الرأي على ترتيب أفضليات للأمد البعيد، فان الاقتطاعات المالية التي ستضر بنظام الاحتياط قد تقطع الغصن الوحيد الذي تعلقنا به جميعا ألا وهو جهاز الامن. إن المس بتدريبات وحدات الاحتياط، وتقصير مدة الخدمة العسكرية، وتسريح رجال الخدمة الدائمة والمس كما يبدو ايضا بالمشتريات العسكرية وبالتطوير ستفضي الى خسائر في الأرواح. ولا أريد أن أفكر في سيناريوهات اسوأ كعدم القدرة على حماية سكان دولة اسرائيل. ليس لسكان دولة اسرائيل حق في عدم التعلم من الأخطاء. أثبتت حرب لبنان الثانية وحرب يوم الغفران قبلها أننا دفعنا ثمنا لا يطاق عن الغرور والثقة بالنفس وعن الإضرار بالمنظومة القتالية. ان الشرق الاوسط يحترق ولا يكلف الساسة أنفسهم عناء رؤية ذلك. فهل الحاجة الى الانتخاب من جديد والحاجة لذلك للاهتمام بتقسيم موازنة فئوية أهم عندهم من أمن سكان الدولة وسلامة المقاتلين. قد تنشأ في هضبة الجولان كلما طالت الحرب الاهلية السورية دولة جهاد وقاعدة. أصبحت سيناء منذ سنتين مخزن سلاح وميدان تدريب ومنطقة ارسال مخربين (وللزعيم المصري محمد مرسي ترتيب أولويات خاص لا يشتمل على حماية حدود دولة اسرائيل)؛ وفي لبنان وقطاع غزة، برغم جهود أذرع الامن، يتسلح حزب الله وحماس ويزيدان قوتهما؛ وفي يهودا والسامرة زعيم فلسطيني بلا زعامة لا ينوي في الحقيقة التوصل الى مصالحة؛ ويشرف على كل اولئك عن مصلحة اسلامية داخلية وعن كراهية للغرب عامة ولاسرائيل خاصة – احمدي نجاد من ايران واردوغان من تركيا. مع افتراض أننا جميعا ندرك انه لا يمكن تقسيم كعكة الميزانية العامة وابقاؤها كاملة، يجب علينا ان ننظر في المرآة وان نسأل الاسئلة التي لا هوادة فيها: ما الذي نحن مستعدون للتخلي عنه من اجل الاستمرار في تطوير منظومة القبة الحديدية ومنظومات حماية من الصواريخ والقذائف الصاروخية؟ وكم سنكون مستعدين لأن ندفع كي تعلم كل أم عبرية ان مصير أبنائها في أيدي قادة أهل ذوي خبرة وتدريب؟. وكم يهمنا ان يتم الحفاظ على التجربة المتراكمة والقدرة على تنفيذها في الأذرع الأمنية وألا نضطر في كل بضع سنوات الى قطع رؤوس بسبب عدم تجربة أصحابها فقط؟. إن الغرور والثقة بالنفس التي لا تفسير لها عند الساسة الصغار سيوقظاننا جميعا في وقت أسبق مما نُخمن على واقع حياة غير محتمل. يراقبنا أعداؤنا في الشرق الاوسط بعدسة تكبير وينتظرون فقط ساعة مناسبة من عدم التيقظ والاستعداد. حان الوقت للقيام بمحاسبة نفس مستقبلية وثقافية. وبدل ان نقوم بتسريحات لارباب المال، وبدل ان نستعمل عملا اجنبيا بديلا عن ادخال مواطنين اسرائيليين في دائرة العمل، وبدل ان تدفع السلطات البلدية ومكاتب الحكومة المختلفة المال الكثير عن احتفالات عظيمة التأثير، وبدل تمكين كل من يريد ان يدخل تحت السحب على المكشوف وإغناء خزائن البنوك بصورة لا تناسب فيها، علينا ان نقنع الحكومة الحالية بأن تجري تغييرا في الذهن وأن تبت الامر لمصلحة مستقبل الدولة لا من اجل مستقبلها السياسي. عند رئيس الوزراء نتنياهو ووزير المالية لبيد، كل واحد من موقعه وتجربته، الوسائل لفعل ذلك. واذا أرادا ان يدخلا التاريخ باعتبارهما مكّنا من وجود دولة اسرائيل فيجب عليهما ان يعبرا عن تلك الشجاعة الموجودة عند الجندي الذي يهاجم العدو أمامه. يعلم ذلك الجندي انه يستطيع في ميدان القتال فقط ان يحرز الهدف الذي هو موجود من اجله هناك وهو حماية سكان دولة اسرائيل أيا كانوا.