استُعملت قضية الدرة مثل حجر الزاوية في المعركة الطويلة لسلب اسرائيل شرعيتها. وكان هدفها عرض اسرائيل على أنها قاتلة للاولاد ومنفذة لمذبحة شعب. وحينما تم تقبل هذا الشيء – عند جزء من النخبة الغربية ووسائل الاعلام العالمية على الأقل – تم إحلال الارهاب الموجه على اسرائيل إحلالا أكبر حتى عندنا. أنظروا الى عدم الاكتراث بأنباء ارهاب الحجارة اليومي في شوارع يهودا والسامرة. ومرت شرعية هذا الارهاب على ألسنة اسرائيليين بين ظهرانينا بهدوء نسبي ايضا. لأنه بازاء دولة مسؤولة عن جريمة قتل محمد الدرة كما نُشرت في جميع شبكات التلفاز في العالم، تصبح جميع الوسائل حلالا. إن التقرير الرسمي ليّن جدا ويأتي في تأخر ملحوظ لكنه أفضل من عجز حكومات اسرائيل في الماضي بازاء صناعة الأكاذيب الفلسطينية. وقد زعم صحفيون بيننا أن الاشتغال بدحض موت محمد الدرة يرمي الى إسكات البحث في موت 850 ولدا فلسطينيا. وليس الامر كذلك في الحقيقة! إن القضية تدل على وجوب البحث في موت الاولاد الآخرين ايضا. ينبغي ان نتناول كل تقرير من مجموعة الأكاذيب هذه في شك. فالحديث عن ثقافة ترى الكذب وسيلة مشروعة في حرب اليهود. وقد أعلم عرفات الاتجاه بقوله: "سنقيم اتفاق اوسلو كما أقام النبي محمد اتفاق الحديبية". إن الشبكة العنكبوتية مشحونة بأفلام قصيرة تكشف عن صناعة الاخراج الفلسطينية. وهي تفضل ان تحدد اسرائيل بأنها الطرف الشرير وتُزكي الفلسطينيين في اطار خضوع الغرب المسبق لاحتلال القوات الاسلامية الفاشية الزاحف لاوروبا. من المهم أن نذكر ان أكذوبة الدرة أشاعها يهودي هاجر الى اسرائيل لاسباب صهيونية وخدم أولاده في الجيش الاسرائيلي. وليست هذه أول مرة يقف فيها أغبياء مستعملون على مفترقات تاريخية في تاريخنا. ليس الحديث عن سذاجة بل عن فساد اخلاقي لا يُفرق بين الصدّيق والآثم. إن قضية الدرة مثل تقرير غولدستون غذيا وسوغا الارهاب الآثم لمواطني اسرائيل. بازاء النتائج الواضحة التي حصلت الآن على ختم رسمي يحسن ان نسأل لماذا أصر صحفيون على عرض محققي القضية بأنهم "هاذون" و"حالمون"؟ اليكم اتجاها ممكنا: في نيسان 2001 عادت الأديبة رونيت متالون من جولة في غزة. وهاتفت صديقا في "بتسيلم" وحدثته في زعزعة أن الفلسطينيين يرسلون أبناءهم متعمدين ليواجهوا جنودا. فأجابها الصديق: "اجل، لكن لا تكتبي هذا فهو يُضر بالهدف".