خبر : الولايات المتحدة وإستراتيجية إجهاض ثورات الربيع العربي..عمر القاروط

الإثنين 20 مايو 2013 12:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
الولايات المتحدة وإستراتيجية إجهاض ثورات الربيع العربي..عمر القاروط



تشير المواقف الأمريكية من الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من عامين خصوصا مماطلتها في تبني سيناريو لحسم الصراع لصالح الثوار وإنهاء حكم بشار الأسد، ووقف عمليات القتل والتعذيب والتشريد والتدمير التي تشهدها سوريا إلى أن هناك نوايا ومخططات أمريكية غير تلك المعلنة تسعى من خلالها الولايات المتحدة لإطالة أمد هذا الصراع لأطول قدر ممكن من خلال التلاعب بالأدوات المتحكمة والمؤثرة فيه، واستنزاف قدرات وطاقات هذا البلد وشعبه ومقدراته بحيث يتحول إلى بلد منهك، ومدمر، ومجزأ، ومستنزف، وعاجز عن إغاثة نفسه، وإعادة بناء ذاته، وإعادة بناء دولته، وإعادة تأهيل نفسه وفق رؤية الثورة الإصلاحية، وبذلك تتحول سوريا إلى بلد بلا أنياب ولا مخالب ولا مقدرات في مواجهة "إسرائيل".إن الدبلوماسية النشطة التي يقودها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي منذ توليه هذا المنصب، والعودة إلى ما يشبه "دبلوماسية المبعوثين" الأمريكيين للشرق الأوسط التي عرفناها في عقدي السبعينيات والثمانينيات مع احتدام الصراعات في الشرق الوسط تؤكد أن ثمة أخطار جامحة تهدد "إسرائيل" ، وأمنها، وتفوقها العسكري، وقدراتها الرادعة في المنطقة وأن إدارة اوباما تسعى لتطويقها والحيلولة دون تصاعدها لحد يقلق "إسرائيل" ويفقدها القدرة على السيطرة على مفاتيح الحركة والمناورة في المنطقة. ولذلك كان الضوء الأخضر ل"إسرائيل"  بضرب سوريا خلال الأسابيع الخيرة، والعمل في قلب النطاق الحدودي مع سوريا عبر الجولان من قبل الولايات المتحدة، إنما يرمي إلى إتاحة الفرصة ل"إسرائيل"  لتأكيد قوتها واختبار قوتها الرادعة وضمان تفوقها عن كل جيرانها العرب، وتوجيه رسائل إلى كل الأطراف في المنطقة بأن حدود الثورات العربية لا يمكن أن يسمح له بتشكيل أية تهديد أو مخاطر على مصالح وأمن "إسرائيل" وقوتها الرادعة.إن عودة الإدارة الأمريكية للحديث عن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإعادة الاعتبار للدور الأردني الإقليمي، ودعم السلطة وتحذيرها من التقدم بالمصالحة، وتجسير العلاقات مع القاهرة على قاعدة الحفاظ على اتفاقات كامب ديفيد وهدوء الحدود مع "إسرائيل" ، والضغط على دول الشرق الوسط الصديقة للولايات المتحدة لتعزيز نشاطاتها ضد ما يسمى "بتيار القاعدة في المنطقة"، والدعوة لتنشيط علاقات "إسرائيل"  بدول الإقليم، إنما تكشف عن تبنيها لإستراتيجية " إجهاض ثورات الربيع العربي"، وإعادة بناء التحالفات الإقليمية بالشراكة مع الولايات المتحدة، ومحاصرة التيارات والجماعات المناوئة لـ"إسرائيل"  في المنطقة، ووقف محاولات بناء مشروع الدولة القومية القوية في المنطقة باعتبار ذلك يمثل خطرا استراتيجيا لوجود وأمن ومستقبل "إسرائيل" في المنطقة.فقد تحدثت التقارير أن هيجل وزير الدفاع الأمريكي الذي زار إسرائيل مؤخرا تعهد بالتزام الولايات المتحدة الحفاظ على تفوق "إسرائيل" في الشرق الأوسط أمام كل دولة أو تنظيم، قائلاً "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها". موقع عكا 10/5/2013. وقال في ذات التصريحات "إن الولايات المتحدة لا تستطيع حل كافة المشاكل لوحدها ولو كانت الميزانية مضاعفة، لذلك يوجد توجهات لدى الإدارة الأمريكية لخلق تحالفات جديدة في ظل التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط". وفي تقرير آخر أشار إلى أن مجرد دخول "إسرائيل"  المكرر إلى ميدان القتال يلاءم تماما المصالح الأمريكية والأوروبية (بل يخفف شيئا ما عن ضمائر الديمقراطيات الغربية)، وذلك بالطبع مع فرض وأمل ألا يفضي ذلك إلى تصعيد والى توسيع مقدار العنف. وجاء في ذات التقرير إن احتمال أن تتحول صورة عمل "إسرائيل" الجوية إلى نموذج لقوات حلف شمال الأطلسي في محاولة لرسم حدود المنطقة، قد يمنحها نقاط استحقاق أخرى باعتبارها كنزا استراتيجيا واضحا نجح في التغلب على حاجز الخوف والشلل الذي دُفع إليه العالم، ووجد مجال عمل فعال ومُحكم ومحدود مع ذلك لأهداف نقطية. جريدة "إسرائيل اليوم" 7/5/2013 وكانت  صحيفة "الساندي تايمز البريطانية" قد ذكرت  أن "إسرائيل" تعمل بجهد مكثف على الانضمام إلى ما يسمى بالحلف الدفاعي ضد إيران مع عدد من الدول العربية المعتدلة. وبحسب الصحيفة فإن "إسرائيل" تسعى للانضمام إلى كل من الدول الآتية "تركيا، الأردن، المملكة العربية السعودية، جمهورية الإمارات العربية، وذلك بهدف خلق شرق أوسط جديد معتدل أو ما أطلقت عليه الصحيفة "هلالي معتدل". موقع عكا 5/5/2013.وتؤكد التصريحات الأمريكية والإسرائيلية المتتالية حول تشخيص الوضع في سوريا إلى أن بقاء الوضع الراهن هو الوضع المثالي الذي يراه الجانبين مناسبا من الناحية التكتيكية بل وربما الإستراتيجية لهما، ولذلك هما يعملان بشكل متناغم على استمرار هذا الوضع، ومنع اختلال المعادلة القائمة حاليا، والضغط على الأطراف الإقليمية والدولية للنأي بنفسها عن التدخل المباشر لحسم الصراع الراهن في سوريا. omar_60_66@yahoo.com